< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/06/08

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فروع يتوهم فيها امكان الردع عن العمل بالقطع
ذكرنا ان أحد الشخصين اذا علم بانه إما هو جنب او صاحبه جنب فتارة لا تكون جنابة احدهما موضوعا للأثر الشرعي بالنسبة الى الاخر وأخرى تكون موضوعا للأثر الشرعي بالنسبة اليه فهنا صور:
الصورة الاولى: ما اذا لم تكن جنابة كل منهما موضوعا للأثر الشرعي بالنسبة الى الاخر.
الصورة الثانية: ما اذا كانت جنابة احدهما موضوعة للأثر الشرعي بالنسبة الى احدهما دون العكس.
الصورة الثالثة: ما اذا كانت جنابة كليهما موضوعة للأثر الشرعي بالنسبة الى الاخر
أما الصورة الاولى فلا شبهة في ان هذا العلم الاجمالي لا اثر له ووجوده كالعدم فإن كل منهما شاك في جنابته فلا محالة يرجع الى استصحاب عدم جنابته أو لا اقل الى اصالة البراءة عن وجوب الغسل عليه فلا أثر للعلم الاجمالي اما بجنابته او جنابة صاحبه.
واما الصورة الثانية فإن كان احدهما جديرا بالاقتداء بأن يكون عادلا دون الاخر فعندئذ تكون جنابة احدهما موضوعا للأثر الشرعي بالنسبة الى الاخر فإن الاخر يعلم اجمالا اما ببطلان صلاته منفردا أو بطلان الاقتداء بصاحبه وفي نهاية المطاف يعلم اجمالا ببطلان صلاته اما فرادى او جماعة وهذا العلم الاجمالي منجز لكلا طرفيه وله اثر ولهذا لا بد له من الاغتسال ولا يجوز له ان يصلي بلا اغتسال ولا يمكن له الرجوع الى الاصل الموضوعي ولا الى الاصل الحكمي بل لا بد من الاغتسال والصلاة واما الامام فلا يحصل له هذا العلم الاجمالي لأن جنابة الاخر ليست موضوعا للأثر الشرعي بالنسبة اليه لأنه ليس جديرا بالاقتداء به وليس عادلا ولهذا لا يحصل له هذا العلم الاجمالي إما ببطلان صلاته فرادى او بطلان الاقتداء به.
واما الصورة الثالثة فيحصل لكل منهما علم اجمالي إما ببطلان صلاته فرادى او بطلان الاقتداء بالآخر لأن كل منهما جدير بالاقتداء به فإذا يحصل العلم الاجمالي لكل منهما وهذا العلم الاجمالي منجز فلا يجوز له الرجوع الى الاصل المؤمن من الاصل الموضوعي كالاستصحاب او الاصل الحكمي كإصالة البراءة.
وبكلمة بناءً على ما ذكرناه وسوف يأتي بحثه ان أدلة الاصول العملية قاصرة عن شمول اطراف العلم الاجمالي بل هي مختصة بالشبهات البدوية ولا تشمل الشبهات المقرونة بالعلم الاجمالي او انها منصرفة عنها
وعليه فلا شبهة في تنجيز العلم الاجمالي إذا لا مانع من تنجيزه الا الاصول المؤمنة والمفروض ان أدلة الاصول المؤمنة لا تشمل اطراف العلم الاجمالي واما على القول بأن ادلة الاصول العملية تشمل اطراف العلم الاجمالي بإطلاقها كما بنت عليه مدرسة المحقق النائيني(قد) وكأن الاصول العملية المؤمنة من الحكمية والموضوعية تشمل اطراف العلم الاجمالي ولكنها تسقط من جهة المعارضة إذ لا يمكن اجرائها في جميع اطراف العلم الاجمالي لاستلزامه المخالفة القطعية العملية واجرائها في بعضها المعين دون الاخر ترجيح من غير مرجح لأن نسبة هذه الادلة الى الجميع نسبة واحدة فلا يمكن الحكم بأنها تشمل البعض المعين دون البعض الاخر لانه تحكم وترجيح من غير مرجح واما شمولها للبعض غير المعين فلا يعقل لان المراد من البعض غير المعين إن كان المفهوم فهو لا وجود له الا في عالم الذهن فقط ولا واقع موضوعي له الا في وعاء الذهن وهو مجرد مفهوم وليس فردا في الخارج وإن كان المراد من البعض غير المعين البعض المصداقي لا المفهومي فهو الفرد المردد في الخارج والفرد المردد في الخارج غير معقول فمن اجل ذلك تقع المعارضة بين ادلة الاصول العملية بعضها مع بعضها الاخر فيسقط الجميع واذا سقطت يكون العلم الاجمالي منجزا.
فالنتيجة ان العلم الاجمالي في هذه الصورة منجز فلا يجوز لكل منهما ان يصلي بدون الاغتسال.
وقد يقال كما قيل ان هذا العلم الاجمالي انما يكون منجزا إذا كان موضوع جواز الاقتداء صحة صلاة الامام واقعا فعندئذ يكون العلم الاجمالي منجزا لأنه يعلم اجمالا إما ببطلان صلاته او بطلان صلاة الامام واما إذا فرضنا ان موضوع جواز الاقتداء صحة صلاة الامام مطلقا أعم من الصحة الواقعية والصحة الظاهرية والصحة الاعتقادية فلا اثر لهذا العلم الاجمالي إذ الصحة الظاهرية ثابتة عند الامام لأن الامام يثبت صحة صلاته باستصحاب عدم جنابته او بأصالة البراءة عن الغسل وبذلك يثبت ان صلاته محكومة بالصحة ظاهرا فاذا كانت صلاته محكومة بالصحة ظاهرا جاز الاقتداء به فعندئذ ليس هنا علم اجمالي لأن صلاة الامام صحيحة مطلقا سواء أ كانت صلاة المأموم صحيحة أم كانت باطلة فإن صلاة المأموم صحيحة اذا لم يكن جنبا واذا كان جنبا فصلاته باطلة واما صلاة الامام فصحيحة مطلقا سواء أ كانت المأموم صحيحة ام باطلة فإذاً ليس هنا علم اجمالي أما ببطلان صلاته او بطلان صلاة الامام والمفروض ان صلاة الامام محكومة بالصحة ظاهرا او اعتقادا كما اذا كان غافلا عن انه جنب أي غفلا عن وجوب الغسل عليه ومعتقد بانه متطهر وإن كان اعتقاده مخالفا للواقع فإذا فرضنا ان موضوع جواز الاقتداء صحة صلاة المأموم مطلقا سواء أ كانت صحة واقعية أم صحة ظاهرية ثابتة عند الامام أم صحة اعتقادية فعندئذ ليس هنا علم اجمالي أن صلاة الامام محكومة بالصحة ظاهرا مطلقا سواء أ كانت صلاة المأموم صحيحة ام لم تكن صحيحة.
والجواب عن ذلك ان الظاهر من ادلة جواز الاقتداء هو ان موضوع جواز الاقتداء هو صحة صلاة الامام واقعا كما هو الحال في سائر الادلة فإن كل عنوان مأخوذ في لسان الدليل ظاهر في معناه الواقعي وحمله على الاعم بحاجة الى قرينة فإذا قال المولى اكرم العالم فالمراد منه العالم الواقعي وليس المراد الاعم من الواقعي والظاهري والاعتقادي وكذلك الحال في ادلة جواز الاقتداء بالعادل في الصلاة فإن موضوعها صحة صلاة الامام ومن الواضح ان لفظ الصحة كسائر الالفاظ ظاهر في معناه الواقعي أي الصحة الواقعية فإذا كان موضوع جواز الاقتداء الصحة الواقعية فالعلم الاجمالي ثابت ومنجز لأن المأموم يعلم اجمالا أما ببطلان صلاته او بطلان صلاة الامام وهذا العلم الاجمالي منجز وأما ادلة حجية الامارات والاصول العملية فإنها وإن كانت حاكمة عليها الا ان حكومتها عليها ظاهرية لا واقعية فإن حكومة دليل على دليل إن كانت واقعية فهي توسع دائرة موضوع الدليل المحكوم او تضيقها كلا ربا بين الوالد الولد او لا ربا بين الزوج والزوجة ولا ضرر في الاسلام فإنه يضيق دائرة الاحكام الشرعية الواقعية وانها غير مجعولة اذا كان الحكم ضرريا أي ان المجعول هو الحكم غير الضرري واما الحكم الضرري فلم يكن مجعولا في الشريعة المقدسة أو توسع دائرة الموضوع كالفقاع خمر فإن تنزيل الفقاع منزلة الخمر يوسع دائرة الخمر وتجعله اعم من الخمر الواقعي والخمر العنائي واما اذا كانت الحكومة ظاهرية فهي لا تغير الواقع ولا تؤثر في الواقع لا سعة ولا ضيقا فإن الاحكام الظاهرية وهي أدلة حجية الامارات وادلة حجية الاصول العملية فهي احكام ظاهرية فإنها إن كانت لزومية فهي تثبت الاحكام الواقعية في مقام الاثبات تنجيزا وتعذيرا اي شأنها التنجيز والتعذير وذكرنا في السابق ان الاحكام الظاهرية اللزومية طريقية وشأنها تنجيز الواقع عند الاصابة يعني انها تثبت الواقع تنجيزا بدون ان تكون مؤثرة في الواقع أي لا تكون مؤثرة في الواقع لا نفيا ولا اثباتا ولا سعة ولا ضيقا في الواقع ومقام الثبوت واما في مقام الاثبات فتثبت تنجيزا عند اصابتها الواقع.
واما اذا كانت الاحكام الظاهرية ترخيصية فهي معذرة في مقام الاثبات بدون ان تكون مؤثرة في الاحكام الواقعية لا نفيا ولا اثباتا في مقام الثبوت ولا سعة ولا ضيقا وانما هي معذرة عند مخالفتها للواقع أي شأنها التعذير .
فإذاً شأن الاحكام الظاهرية اثبات التعذير واثبات التنجيز فقط وهذا هو معنى الحكومة الظاهرية.
فالنتيجة أن موضوع جواز الاقتداء صحة صلاة الامام واقعا كما هو الحال في سائر الادلة لا الاعم من الصحة الواقعية والظاهرية والاعتقادية.
هذا كله بالنسبة الى هذا الفرع.
واما ما ذكره شيخنا الانصاري من انه لا يجوز لأحدهما من حمل الاخر والدخول[1] في المسجد فإنه يعلم اجمالا اما بحرمة دخوله في المسجد اذ كان جنبا او بحرمة ادخال الجنب في المسجد اذا كان صاحبه جنبا.
ولكن هذا الكلام مبني على ان أدخال الجنب في المسجد حرام وليس بثابت إذا الثابت في الادلة هو أن دخول الجنب في المسجد والمكث فيه حرام وأما أدخال الجنب في المسجد فلا دليل على انه حرام وعليه ليس هنا علم اجمالي أما بحرمة دخوله في المسجد او بحرمة أدخال صاحبه في المسجد.
هذا تمام كلامنا في هذا الفرع

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo