< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/06/14

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: فروع
تحصل مما ذكرنا أن في مسألة التداعي إذا لم تكن هناك بينة لا لأحدهما ولا لكليهما او كانت بينة لكليهما معا ولكن تساقطت من جهة المعارضة فعندئذ يصل الدور الى الحلف فإن حلف أحدهما ونكل الاخر ثبت قوله ويحكم الحاكم على طبق حلفه وأما إذا حلف كلاهما معا وقع التعارض بين الحلفين وسقطا معا فعندئذ للحاكم الشرعي بما ان له ولاية على مسألة القضاء له إنهاء الخصومة بين المتخاصمين أي انهاء النزاع والمرافعة بينهما بحكمه بانفساخ العقد الواقع بينهما واقعا فإن انهاء المخاصمة والمنازعة والمرافعة واقعا وقلع مادة النازع منوط بحكم الحاكم بانفساخ العقد الواقع بينهما واقعا فإذا انفسخ العقد بينهما واقعا رجع كل من الثمن والمثمن الى ملك مالكه الاصلي فعندئذ يجوز تصرف كل منهما في ملكه ولا يمكن حمل هذا الانفساخ على الانفساخ الظاهري وعدم جواز الترافع مرة اخرى لأن لازم ذلك عدم جواز تصرف البائع في المثمن لأنه يعلم وجدانا انه ملك للمشتري وانتقاله من المشتري اليه ظاهري وهو واقع ملك للمشتري وكذلك لا يجوز تصرف المشتري في الثمن لأن المشتري يعلم بانه ملك للبائع وانتقاله منه اليه ظاهري فعندئذ حكم الحاكم بانفساخ العقد ظاهرا يستلزم الترخيص في المخالفة القطعية العملية ومن الواضح ان مثل هذا الحكم لا يمكن صدوره من الحاكم الشرعي لأن وظيفته بمقتضى ولايته قلع مادة النزاع وانهاء الخصومة بين المتخاصمين ولا يمكن انهاء الخصومة بين المتخاصمين إلا بانفساخ العقد الواقع بينهما واقعا فعندئذ لا يمكن حمل هذا الانفساخ على الانفساخ الظاهري.
فالنتيجة ان حكم الحاكم بانفساخ العقد الواقع بينهما واقعي.
الوجه الثاني[1]: أن بقاء العقد وعدم انفساخه واقعا لغو واذا كان لغوا كان وجوده وعدمه سيان أي لا فرق بين وجوده وعدمه وهذا معنى نفوذ اليمين وحكم الحاكم على طبقها فإن معنى نفوذ اليمين وحكم الحاكم على طبقها معناه انفساخ العقد ومعناه عدم جواز الترافع مرة اخرى الى حاكم اخر بعد حكم الحاكم الاول بل لا يحوز أن يأخُذ صاحب الحق من مال غير المحق مالا بديلا عن ماله تقاصا لا يجوز ذلك وقد دلت على ذلك جملة من الروايات المعتبرة بل افتى جماعة من الفقهاء أنه إذا وقع ماله أي مال صاحب الحق في يده اتفاقا فلا يجوز له التصرف فيه ومعنى هذا ان العقد الواقع بينهما باطل ومنفسخ واقعا ولا يعقل بقائه إذ بقائه مع هذه الاحكام لا ينسجم إذ لو كان باقيا فيجوز لصاحب الحق ان يأخُذ مال غير المحق بديلا عن ماله تقصا بل يجوز ان يرافع الى حاكم اخر وعدم جواز ذلك يدل على ان هذا العقد منفسخ واقعا وباطل وكان وجوده كالعدم.
وقد أجيب عن ذلك بانه يكفي في انفساخ العقد ظاهرا عدم جواز الترافع فإن العقد اذا كان منفسخا ظاهرا بحكم الحاكم فلا يجوز الترافع الى حاكم اخر بعد حكم الحاكم الاول ولا يجوز أن يؤخذ صاحب الحق من مال غير المحق بديلا عن ماله تقاصا وهذا المقدار يكفي في حكم الحاكم بالانفساخ ظاهرا.
والجواب عن ذلك أنه لا شبهة في ان عدم جواز الترافع الى حاكم اخر بعد حكم الحاكم الاول واقعي لا شبهة في ذلك وكذلك الحكم بعدم جواز اخذ صاحب الحق من غير المحق بديلا عن ماله تقاصا لا شبهة في ان عدم جوازه حكم واقعي ومن الواضح ان ذلك اذا كان حكما واقعيا فلا محالة معناه انفساخ العقد، نعم اذا وقع ماله بيده اتفاقا أي مال صاحب الحق وقع بيده اتفاقا يجوز له التصرف فيه لأن حكم الحاكم بانفساخ العقد وانهاء الخصومة بين لمتخاصمين لا يوجب انقلاب الواقع أي لا يوجب جعل ماله الى مال شخص اخر فإن حكم الحاكم انما يوجب انفساخ العقد فقط ولا يوجب انقلاب الواقع فإذاً ماله يبقى على حاله والآن وقع بيده فيجوز التصرف فيه والروايات التي تدل على انه ليس لصاحب الحق أي يأخذ من غير المحق مالا بديلا عن ماله لا تشمل ذلك فإن مورد هذه الروايات هو عدم جواز مطالبة ذي الحق غير ذي الحق بماله وعدم جواز اخذه ماله بديلا عن ماله تقاصا ولا تدل هذه الروايات على ان ماله اذا وقع بيده لا يجوز له التصرف فيه فهذا الفرض خارج عن مورد هذه الروايات ولا يكون مشمولا لها هذا مضافا الى ان مورد هذه الروايات المدعي والمنكر ومورد الكلام في المقام مسألة التداعي أي كلا منهما مدعي وفي نفس الوقت كلا منهما منكر فإن كلا من البائع والمشتري مدع وكلا منهما في نفس الوقت منكر فمحل الكلام انما هو في مسألة التداعي ومورد هذه الروايات مسألة المدعي والمنكر وفي مسألة التداعي اذا لم تكن بينة في البين وحلف كلاهما معا ذكرنا انه يقع التعارض بينهما ويتساقط كلا الحلفين فلا بد من الرجوع الى الحكام الشرعي باعتبار ان له الولاية في فصل الخصومة وقلع مادة النزاع وانهاء المرافعة إنما هي وظيفة الحاكم الشرعي فالحاكم الشرعي عند عدم البينة وعند عدم الحلف يحكم بانفساخ العقد الواقع بينهما وبطبيعة الحال يكون هذا الحكم حكما واقعيا فاذا حكم بانفساخ العقد الواقع بينهما يرجع كلا من الثمن والمثمن الى ملك مالكه الاصلي فيجوز تصرف كلا منهما في ملكه ولا اشكال حينئذ وأما اذا كان هذا الحكم ظاهريا فلا يمكن لأن الحكام الشرعي يعلم بان هذا الحكم يستلزم الترخيص في المخالفة القطعية العملية فإذا كان الحكم بالانفساخ ظاهريا ومعنى ذلك ان المثمن باق في ملك المشتري واقعا والثمن باق في ملك البائع واقعا والانتقال ظاهري فعندئذ يكون تصرف كلا منهما في الثمن والمثمن تصرف في ملك الغير وهو غير جائز فمن اجل ذلك لا يمكن ان يكون حكم الحاكم بانفساخ العقد ظاهريا.
هذا مضافا الى أنّا لو سلمنا ان الحكم ظاهري لكن هذا الحكم يوجب امتناع كلا من البائع والمشتري عن تسليم الثمن والمثمن فالبائع بمقتضى حكم الحاكم بالانفساخ امتنع عن تسليم المثمن الى المشتري والمشتري بمقتضى حكم الحاكم يمتنع عن تسليم الثمن الى البائع فاذا امتنع كل منهما عن تسليم الثمن المثمن ثبت لكل منهما الخيار فان المشتري اذا امتنع عن تسليم الثمن ثبت الخيار للبائع وكذلك لو كان البائع يمتنع عن تسليم المثمن الى المشتري ثبت الخيار للمشتري وحيث ان في المقام امتنع كلا منهما عن تسليم المثمن والثمن بمقتضى حكم الحاكم بالانفساخ الظاهري فيثبت لكل منهما الخيار واذ ثبت الخيار يفسخ هذا العقد ومن الواضح ان فسخ العقد بالخيار فسخ واقعي.
فإذاً كل من البائع والمشتري يقوم بفسخ هذا العقد فينتهي هذا العقد واقعا ويرجع كل من الثمن والمثمن الى ملك مالكه الاصلي.
الى هنا قد تبين ان في مسألة التداعي بعد عدم وجود البينة وكذلك الحلف أما من جهة السقوط بالمعارضة او من جهة عدم وجود الحلف لامتناع كلا منهما عن الحلف او عدم وجود البينة او سقوطهما من جهة المعارضة ففي مثل لا بد ان يكون حكم الحاكم بالانفساخ لا بد ان يكون واقعيا بمقتضى ولايته على قلع مادة النزاع وفصل الخصومة بين المتخاصمين فان للحاكم الشرعي ولاية على ذلك ومن الواضح ان ولايته على فصل الخصومة واقعا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo