< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/06/17

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: الظن
الكلام في مبحث الظن يقيع في مجموعة من المقامات:
الأول: هل ان حجية الظن ذاتية أو انها جعلية وبحاجة الى عناية زائدة ثبوتا واثباتا؟
المقام الثاني: إذا لم تكن حجية الظن ذاتية فهل يمكن جعلها او انه لا يمكن؟ بلحاظ ان جعلها يستلزم محذور اجتماع النقيضين تارة واجتماع الضدين تارة اخرى وتحليل حرام كما سوف يأتي بحثها.
المقام الثالث: بناءً على ان حجية الظن ليس ذاتية كما هو مقتضى المقام الاول وبناءً على امكان جعلها وانه لا يلزم منه محذور اجتماع النقيضين أو الضدين او تحليل حرام فهل مقتضى الاصل الاولي في موارد الشك في حجية الظن في مقام الاثبات هل انه قاعدة التأمين او قاعدة حق الطاعة؟
المقام الرابع: في مقتضى الادلة الخاصة على حجية الامارات المخصوصة المعنوّنة بعناوين خاصة كأخبار الثقة وظواهر الالفاظ كظواهر الكتاب وظواهر السنة وهل حجية هذه الامارات الخاصة مشروطة بشروط؟ وما مدى هذه الشروط وسعتها وضيقها وكمها وكيفها؟
المقام الخامس: في مقتضى الادلة العامة على حجية مطلق الظن بلا فرق بين اسبابه كما هو في دليل الانسداد فإن مقتضى دليل الانسداد حجية الظن مطلقا.
فالكلام في مبحث الظن يقع في هذه المقامات.
أما المقام الاول فلا شبهة في ان حجية الظن ليس بذاتية لا ذاتي باب المنطق ولا ذاتي باب البرهان أما الاول فلأن طريقية الظن طريقية ناقصة وليست تامة ومن هنا لا تكون حقانيتها مضمونة كطريقية القطع فإن طريقية القطع طريقية تامة وحقانيتها مضمونة بينما طريقية الظن طريقية ناقصة وحقانيتها ومطابقتها للواقع غير مضمونة.
واما الثاني بمعنى حكم العقل بوجوب العمل به كالقطع او بمعنى المنجزية والمعذرية كما هو الحال في القطع فإن القطع منجز عند إصابته للواقع ومعذر عند مخالفته للواقع ومن هنا قلنا ان منجزية القطع ومعذريته من صغريات قاعدتي حسن العدل وقبح الظلم فإن العمل بالقطع بالأحكام الشرعية المولوية عمل بوظيفته وأداء لحق المولى وهو حق الطاعة ومن الواضح انه من أظهر مصاديق العدل ومخالفته تفويت لحق المولى وهو حق الطاعة وتعدٍ وتجاوزٍ على حقه ومن الواضح انه من أظهر مصاديق الظلم ومن هنا كانت منجزية القطع ومعذريته وجدانية ومن صغريات قاعدتي حسن العدل وقبح الظلم، وأما الظن فليس كذلك لأن منجزية القطع من آثار انكشافه التام فإن القطع كاشف عن الواقع بكشف تام فمنجزيته من أثار انكشافه التام واما اذا انتفى انكشافه التام انتفت منجزيته الوجدانية واما المنجزية التعبدية فهي بحاجة الى الدليل والظن حيث ان منجزيته ليست بوجدانية فهي بحاجة الى دليل فإن كان هنا دليل على حجية الظن ومنجزيته فهو والا فالمرجع هو الاصل الاولي في موارد الشك وهو قاعدة التأمين او قاعدة حق الطاعة فإن المشهور بين الفقهاء والاصوليين ان في موارد الشك في حجية الامارات المرجع هو قاعدة التأمين أي قاعدة قبح العقاب بلا بيان فإن الظن في نفسه ليس بياناً فبيانيّته بحاجة الى دليل وطالما لم يكن هناك دليل على حجيته وبيانيّته فالمرجع هو قاعدة التأمين لأن موضوعها وهو عدم البيان محرز وجدانا نعم ذهب جماعة منهم بعض المحققين الى ان الاصل الاولي في موارد الشك في حجية الامارات هو قاعدة الاشتغال وعلى ضوء هذه القاعدة فالظن كالقطع منجز للحكم الواقعي ذاتا بل احتمال الحكم الواقعي منجز فضلا عن الظن فالمنجز على هذا أمور ثلاثة: القطع والظن والاحتمال فالجميع منجز للواقع كما ان القطع منجز للواقع فالظن ايضا منجز للواقع وكذلك الاحتمال وهذا التنجيز تنجيز ذاتي ولا يمكن انفكاكه عنه.
ولكن ذكرنا في مبحث البراءة وسوف يأتي الكلام فيه ان ما هو المشهور هو الصحيح من ان الاصل الاولي في موارد الشك في حجية الامارات هو قاعدة التأمين دون قاعدة حق الطاعة أي قاعدة الاشتغال هذا من ناحية.
ومن ناحية اخرى ذكر صاحب الكفاية(قد)[1] أن بعض المحققين ذهب الى ان الظن حجة في مقام الامتثال أي الظن بالامتثال حجة وموجبا لسقوط التكليف وفراغ الذمة فإذا ظن الانسان بامتثال الصلاة فهذا الظن حجة وموجب لسقوط وجوب الصلاة وفراغ ذمته عنها ونسب ذلك الى بعض العلماء ثم قال صاحب الكفاية(قد) ولعل الوجه في حجية الظن في مقام الامتثال عدم وجوب الضرر المحتمل هكذا ذكره المحقق صاحب الكفاية(قد).
لا شبهة في ان هذا التفصيل بين الظن في اثبات جعل التكليف وبين الظن في الامتثال على تقدير صحة هذا التفصيل ووجوده الا انه لا دليل عليه فإن الدليل اذا دل على حجية الظن فلا فرق بين الظن في اثبات التكليف وبين الظن في الامتثال فكما ان الظن حجة في اثبات التكليف كذلك الظن في امتثال التكليف ولا وجه للتفصيل بينهما.
واما ما ذكره صاحب الكفاية(قد) من ان وجه حجية الظن بالامتثال عدم وجوب دفع الضرر المحتمل فحجية الظن في مقام الامتثال مبنية على عدم وجوب دفع الضرر المحتمل وما ذكره صاحب الكفاية(قد) يظهر منه أمران:
الامر الاول: ان حجية الظن بالامتثال مبنية على عدم وجوب دفع الضر المحتمل.
الامر الثاني: أن عدم حجية الظن مبني على وجوب دفع الضرر المحتمل.
ولكن كلا الامرين لا يرجع الى معنى محصل.
اما الامر الاول فإن أريد بالضرر الضرر الدنيوي أي الضرر على نفس الانسان بمراتبه او الضرر على عرضه او على ماله وحقه فهو لا يرتبط بحجية الظن في مقام امتثال الاحكام الشرعية فان الضرر الدنيوي سواء أ كان متوجها الى نفس الانسان كما اذا كان سفره الى البلد الفلاني فيه ضرر مالي او عرضي او حقي او بدني فهذا الضرر لا يرتبط بحجية الظن في مقام امتثال الاحكام الشرعية ولا صلة بين المسألتين اصلا فلا يمكن ان يكون عدم وجوب دفع الضرر الدنيوي سببا وملاكا لحجية الظن في مقام الامتثال فإن حجية الظن تابعة لدليلها فإن قام دليل على حجيته فهو حجة والا فلا يكون حجة أما الضرر الدنيوي فهو لا يرتبط بحجية الظن.
وإن أريد به الضرر الآخروي أي العقاب فلا شبهة في ان عدم وجوب العقاب المحتمل متوقف على عدم تنجز الواقع فإن عدم وجوب دفع العقاب المحتمل متوقف على عدم تنجز الواقع ومعلول لعدم تنجز الواقع واما عدم تنجز الواقع فمستند الى عدم وجود المنجز كالقطع او الظن اذا كان حجة فإن القطع منجز للواقع والظن اذا كان حجة منجز للواقع فعدم تنجز الواقع مستند الى عدم وجود المنجز كالقطع او الظن الحجة فلا يكون عدم وجوب دفع العقاب المحتمل سببا لحجية الظن فإن حجية الظن في مقام الامتثال تابعة لدليلها فإن كان هناك دليل يدل على حجيته في مقام الامتثال فهو وان لم يكن دليل فلا يكون حجة سواء كان دفع العقاب المحتمل واجبا ام لم يكن واجبا.
فإذاً ليس عليّة حجية الظن في الامتثال عدم وجوب دفع العقاب المحتمل ليس هذا سببا لحجية الظن وعلة لحجية الظن فإن سبب حجية الظن في مقام الامتثال دليلها فإن كان هنا دليل على حجية الظن بالامتثال فهو وإن لم يكن هنا دليل فالمرجع الاصل الاولي والاصل في المقام هو قاعدة الاشتغال فإن الشك انما هو في سقوط التكليف بعد العلم بثبوته وفي مثل ذلك المرجع قاعدة الاشتغال دون قاعدة البراءة فإن مورد أصالة البراءة وقاعدة التأمين الشك في ثبوت التكليف فاذا لم يكن هنا دليل على الثبوت فالمرجع هو قاعدة التأمين واما اذا ثبت التكليف وشك في سقوطه وفراغ الذمة عنه فالمرجع هو قاعدة الاشتغال دون قاعدة البراءة.
فإذاً اذا لم يكن دليل على حجية الظن بالامتثال فالمرجع قاعدة الاشتغال واذ كان هناك دليل على حجية الظن بالامتثال فالظن يكون حجة ويكون رافعا للعقاب المحتمل لأن الظن يكون حجة وحاكما على قاعدة الاشتغال بل وارد عليها ورافع لموضوعها وهو احتمال العقاب مع كون الظن حجة في مقام الامتثال فلا احتمال للعقاب فإذاً ترتفع قاعدة الاشتغال بحجية الظن فكيف يكون عدم وجوب دفع العقاب المحتمل سببا لحجية الظن؟
فما ذكره صاحب الكفاية(قد) لا يرجع الى معنى محصل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo