< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/07/09

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حجية الظن
الى هنا قد تبين أن ما ذكره السيد الاستاذ من ان الالتزام بالمصلحة السلوكية يستلزم التسبيب (التصويب) وانقلاب الواقع ولا فرق في التسبيب بين انقلاب الواقع من الواجب التعييني الى الواجب التعييني الآخر او من الواجب التعييني الى الواجب التخييري فالجامع هو انقلاب الواقع فالأمارة اذا كانت موجبة لانقلاب الواقع فهو تسبيب باطل وغير صحيح فاذا فرضنا ان الامارة قامت على جواز شرب ماء العنب المغلي قبل ذهاب ثلثيه وهو حرام في الواقع ومشتمل على مفسدة ملزمة والمصلحة السلوكية في هذه الامارة تدارك المفسدة ومعنى كونها تدارك المفسدة ان هذه المفسدة تمحى عن الساحة ويصبح جواز شرب ماء العنب المغلي قبل ذهاب ثلثيه حلال واقعا او اذا قامت الامارة على استحباب الدعاء عند رؤية الهلال وفرضنا انه واجب في الواقع ومشتمل على مصلحة ملزمة فالمصلحة السلوكية تدارك المصلحة الفائتة فيصبح الدعاء عند رؤية الهلال جائزا ومستحبا واقعا وهذا هو معنى التسبيب وكذا اذا فرضنا دوران الامر بين وجوب الصلاة تماما او وجوب الصلاة قصرا في مورد وفرضنا ان الواجب هو الصلاة تماما والامارة قد قامت على وجوب الصلاة قصرا فالمصلحة السلوكية توجب انقلاب الواقع من الوجوب التعييني الى الوجوب التخييري المتعلق بالجامع فهذا هو التسبيب وهو باطل.
فما ذكره شيخنا الانصاري من ان حجية الامارات مبنية على المصلحة السلوكية غير صحيح إذ الالتزام بالمصلحة السلوكية التزام بالتسبيب وانقلاب الواقع.
ولكن ذكرنا ان ما ذكره السيد الاستاذ (قد) لا يمكن المساعدة عليه فإن الامارة الظنية متقومة ذاتا وحقيقة باحتمالين احتمال اصابتها للواقع واحتمال عدم اصابتها للواقع سواء كانا متساويين ام كان احدهما اكبر من الآخر فهما مقومان للأمارة وبمثابة الجنس والفصل للنوع وبانتفائهما تنتفي الامارة ولهذا لا بد من فرض ثبوت الواقع في المرتبة السابقة وان ثبوت الواقع امر مفروغ عنه فالأمارة اذا كانت موجبة لانقلاب الواقع فيلزم انها موجبة لانقلاب نفسها فعندئذ يلزم من فرض قيام الامارة على الواقع عدم قيامها عليه ومن فرض وجودها على الواقع عدم وجودها وكل ما يلزم من فرض وجوده عدمه فوجوده مستحيل في الخارج وهذا الاشكال يرد على ما ذكره السيد الاستاذ(قد) وقد يظهر من بعض كلمات شيخنا الانصاري(قد) ان المصلحة السلوكية في طول مصلحة الواقع وليست مصلحة مستقلة في عرضها بل هي بمثابة تتمة لمصلحة الواقع نظير مصلحة التيمم فإنها مصلحة تتمة لمصلحة الطهارة أي ان مصلحة الطهارة مصلحة اتسعت لمصلحة التيمم وان كانت مصلحة التيمم في طول مصلحة الوضوء والغسل وكذلك في المقام فإن المصلحة السلوكية في طول مصلحة الواقع مثلاً لصلاة الظهر مصلحة موسعة اتسعت المصلحة السلوكية ايضا غاية الامر ان المصلحة السلوكية في طول المصلحة الواقعية وموضوع هذه المصلحة الامارة المخالفة للواقع فاذا قامت الامارة على وجوب صلاة الجمعة في يومها فإن هذه الامارة لم تحدث مصلحة في يوم الجمعة فصلاة الجمعة تبقى على عدم وجوبها في الواقع وإنما المصلحة قائمة بسلوك هذه الامارة وهذه المصلحة في طول مصلحة الواقع والامارة المخالفة للواقع منوطة بثبوت الواقع في المرتبة السابقة وكون الواقع امرا مفروغا عنه في المرتبة السابقة حتى تتصف هذه الامارة بالمخالفة للواقع فمن اجل ذلك لا يمكن ان تكون هذه الامارة توجب انقلاب الواقع فإن هذه الامارة إذا كانت موجبة لانقلاب الواقع فهي موجبة لانقلاب نفسها فمن اجل لك لا يمكن ان تكون موجبة لانقلاب الواقع فإنها متقومة بثبوت الواقع.
وعلى هذا فاستيفاء المصلحة السلوكية مشروطة ببقاء الواقع وانحفاظه بحده الخاص المعين مثلا وجوب صلاة الظهر وجوب تعييني والوجوب التعييني لصلاة الظهر مشروط بتحقق المصلحة المطلوبة للمولى وهي المصلحة السلوكية ومن هنا لا يعقل التخيير بين وجوب السلوك وبين وجوب صلاة الظهر فإن معنى التخيير ان يكون وجوب سلوك هذه الامارة المخالفة لوجوب صلاة الظهر عدل لوجوب صلاة الظهر وعلى هذا فسلوك هذه الامارة رافع لوجوب صلاة الظهر فإن الاتيان بأحد العدلين يوجب رفع وجوب العدل الاخر فإذاً سلوك هذه الامارة يوجب رفع وجوب صلاة الظهر ورفع وجوب صلاة الظهر يستلزم رفع مخالفة هذه الامارة واذا ارتفعت مخالفة هذه الامارة بارتفاع وجوب صلاة الظهر ارتفع وجوب السلوك بارتفاع موضوعه وهو مخالفة هذه الامارة لوجوب صلاة الظهر فعندئذ يلزم من فرض وجوده عدمه وهو مستحيل.
هذا المعنى يظهر من شيخنا الانصاري(قد) من بعض كلماته مع التوجيه.
ولكن ذلك وإن كان ممكنا ثبوتا ولكن لا دليل على ذلك في مقام الاثبات وليس بإمكاننا اثبات ذلك بدليل فإن عمدة الدليل على حجية اخبار الثقة وظواهر الالفاظ وغيرهما من الامارات الظنية السيرة القطعية من العقلاء الممضاة شرعا ومن الواضح انه لا اشعار في السيرة على ذلك فضلا عن الدلالة فإن السيرة تدل على ان هذه الامارات طريق الى الواقع ومنجز للواقع عند الاصابة ومعذر عند الخطأ أما السببية والمصلحة السلوكية فالسيرة لا اشعار فيها على ذلك فضلا عن الدلالة وأما الآيات والروايات على تقدير تسليم دلالتها على حجية الامارات الظنية فلا شبهة انها لا تدل على السببية ولا تدل على المصلحة السلوكية بل لا اشعار فيها فضلا عن الدلالة.
فما يظهر من الشيخ عليه الرحمة في بعض كلماته وإن كان ممكنا ثبوتا ولكن لا يمكن الالتزام به في مقام الاثبات بدليل.
وأما ما ذكره سيدنا الاستاذ(قد) من الدليلين على بطلان التسبيب وكان الاول منهما الاجماع من الاصحاب على بطلان التسبيب بكافة اشكاله سواء أ كان التسبيب المنسوب الى الاشاعرة او التسبيب المنسوب الى المعتزلة او التسبيب المنسوب الى الامامية الذي ابداه شيخنا الانصاري(قد) وهو الالتزام بالمصلحة السلوكية فالتسبيب بتمام اشكاله باطل ولكن ذكرنا غير مرة أنه لا يمكن الاعتماد على الاجماع في شيء من المسائل الفقهية فإن الاجماع في نفسه لا يكون حجة وإن كان من جميع العلماء المتقدمين والمتأخرين فحجية الاجماع منوطة بوصول هذا الاجماع إلينا من زمن الائمة عليهم السلام يدا بيد وطبقة بعد طبقة ولا طريق لنا الى ذلك فمن اجل ذلك لا يمكن الاعتماد على الاجماع هذا مضافا الى ان لهذا الاجماع مدرك معلوم فلا أثر لمثل هذا الاجماع.
وأمّا الروايات التي تنص على اشتراك التكليف الواقعي بين العالم والجاهل وقد ادعى شيخنا الانصاري(قد) توترها ولكن الامر ليس كذلك أي أنه لا توجد رواية واحدة تكون بلسان اشتراك التكليف الواقعي بين العالم والجاهل ومن هنا لعل مراد الشيخ(قد) من الروايات المتواترة الروايات التي تدل على حجية أخبار الآحاد وتدل على حجية الاصول العملية فإن هذه الروايات تدل بالمطابقة على حجية أخبار الآحاد وبالالتزام على ان الاحكام الواقعية في مواردها مشتركة بين العالم والجاهل وكذلك الروايات التي تدل على حجية الاصول العملية فإنها تدل على ان الاحكام الواقعية في مواردها مشتركة بين العالم والجاهل هذا مضافا الى إطلاقات الكتاب والسنة فإن مقتضاها اشتراك الاحكام الواقعية بين العالم والجاهل هذا كله في الوجه الاول.
الوجه الثاني: أنا لا نتصور قيام المصلحة السلوكية في سلوك الامارة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo