< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/08/01

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حجية الظن
ملخص ما ذكرناه من أنه(قده) ذكر ان التزاحم بين الاغراض اللزومية والاغراض الترخيصية فإن الشبهات سواء كانت تحريمية أم كانت وجوبية فهذه الشبهات كثيرة من بداية الفقه إلى نهايته وهذه الشبهات مختلفة بين الاحكام الالزامية والاحكام الترخيصية وفيها مبادئ وملاكات الزامية وفيها ملاكات ترخيصية ولا يتمكن المكلف من الحفاظ على الملاكات اللزومية والاغراض اللزومية ومن الحفاظ على الاغراض الترخيصية فبطبيعة الحال تقع المزاحمة بينهما ومع وقوع المزاحمة بينهما فلا بدّ من الرجوع الى المرجحات.
وهذا مبني على أن الاباحة قد تكون ناشئة من عدم المقتضي فإنه إذا لم يكن مقتضٍ للوجوب ولا مقتضٍ للحرمة فالشارع يجعل له الاباحة فالإباحة ناشئة من عدم المقتضي في الفعل للوجوب وعدم المقتضي للاستحباب او الكراهة فإذا لم يكن شيء من المقتضي في الفعل فالشارع يجعل له الاباحة.
وأخرى تكون الاباحة ناشئة من المقتضي فإن المقتضي في الفعل إذا وصل إلى درجة اللزوم فهو منشأ للوجوب أو منشأ للحرمة أو سائر الاحكام الوضعية واذا لم يبلغ الى هذه الدرجة فهو منشأ للإباحة وقد تكون المصلحة في إطلاق عنان المكلف فإن المولى يرى أن في إطلاق عنان المكلف بالنسبة الى الفعل والترك مصلحة فيجعل إطلاق العنان له من جهة هذه المصلحة، وهذا التزاحم الحفظي بين الاغراض اللزومية والاغراض الترخيصية إنما هو فيما إذا كانت الاباحة الواقعية ناشئة عن المقتضي وأما إذا كانت ناشئة عن عدم المقتضي فلا موضوع لهذه المزاحمة إذ لا معنى للتزاحم بين المقتضي واللامقتضي، فإذاً هذا التزاحم الحفظي بين الاغراض اللزومية الاغراض الترخيصية في الشبهات الحكمية في موارد اختلاط الاحكام الشرعية بعضها مع البعض الآخر، هذا التزاحم الحفظي إنما هو فيما إذا كانت الاباحة ناشئة عن مقتضي فعندئذ تقع المزاحمة بين الاغراض اللزومية والاغراض الترخيصية فإن الاغراض اللزومية تقتضي الحفاظ عليها حتى في موارد الشك وموارد الالتباس وموارد الاختلاط والاغراض الترخيصية لا تقتضي الحفاظ عليها حتى في هذه الموارد والمكلف لا يتمكن من الجمع بينهما فعندئذ لا بدّ من الرجوع إلى المرجحات والمرجح قد يكون قوة الاحتمال وقد يكون قوة المحتمل فالمرجح في موارد الامارات الشرعية قوة الاحتمال لأن الامارات أقرب الى الواقع وأقوى كشفاً عن الواقع من غيرها فلا بدّ من ترجيح موارد الامارات سواء كانت أحكاما ترخيصية أو أحكاما الزامية فلا بدّ من ترجيح الاغراض اللزومية او الاغراض الترخيصية على غيرها في موارد الامارات لقوة الاحتمال.
وأما في موارد الاصول العملية كأصالة البراءة وأصالة الاحتياط وأصالة الطهارة والاستصحاب فأن المرجح في هذه الموارد قوة المحتمل فإذا كان الحكم المحتمل سواء أ كان وجوبا أم حرمة أم إباحة إذا كان أهم من غيره فلا بدّ من تقديمه عليه وفي موارد أصالة الاحتياط لأنها تكشف عن ان الملاكات اللزومية والاحكام الالزامية أهم من الاحكام الترخيصية ولهذا لا بدّ من تقديمها عليها وأما في موارد أصالة البراءة الشرعية فعكس ذلك إذ أن أصالة البراءة الشرعية تكشف عن ان الاحكام الترخيصية عند الشارع أهم من الاحكام الالزامية ولهذا يحكم الشارع بإطلاق عنان المكلف وبالترخيص.
هذا ملخص ما ذكره(قده).
وعلى هذا فلا تضاد بين الحكم الظاهري والحكم الواقعي فإن التزاحم بينهما في مقام الحفظ ولا بدّ من الترجيح إما بقوة الاحتمال او بقوة المحتمل.
ولكن للمناقشة فيه مجالا:
أولاً: أن إباحة الاشياء لم تكن مجعولة في الشريعة المقدسة فإن المجعول إنما هو الاحكام الشرعية فالشارع إذا رأى مصلحة في فعل جعل الوجوب او الاستحباب او حكما آخر وإذا رأى مفسدة في فعل جعل الحرمة أو الكراهة واما إباحة الاشياء وإطلاق العنان للمكلف فهو ثابت ذاتا وتقييد إطلاق العنان بقيود فهو بحاجة إلى دليل ومقيد فالإطلاق ثابت من الاول وإباحة الاشياء ثابتة ذاتا، وعلى هذا القول – وهو الصحيح – تكون الاباحة ذاتية ولا تكون مجعولة في الشريعة المقدسة والمجعول هو الاحكام الشرعية من الاحكام التكليفية والاحكام الوضعية واما إباحة الاشياء جميعا فهي ثابتة ذاتا فلا تتوقف على الجعل فعندئذ لا موضوع للتزاحم الحفظي بين الاغراض الترخيصية للمباحات الأصلية وبين الاغراض اللزومية للأحكام التكليفية الالزامية. ومع الاغماض عن ذلك وتسليم أن إباحة الاشياء مجعولة في الشريعة المقدسة فإن كانت الاباحة ناشئة من عدم المقتضي أي لم يكن مقتضي الوجوب او النجاسة او ما شاكل ذلك موجودا في الفعل فالشارع يجعل له الاباحة فإذاً الاباحة ناشئة من عدم المقتضي للوجوب وما شاكله وعدم المقتضي للحرمة وما شاكلها، وعلى هذا فلا موضوع لهذا التزاحم إذ لا يعقل التزاحم بين المقتضي واللامقتضي وإنما الكلام فيما إذا كانت الاباحة الواقعية ناشئة من الملاكات الواقعية من المقتضي كما أن الوجوب ناشئ من المقتضي كذلك الاباحة للفعل ناشئة من المقتضي وكما أن حرمة الفعل واقعا ناشئة من المقتضي فكذلك الاباحة للفعل واقعا ناشئة من المقتضي فعندئذ تقع المزاحمة بين الاغراض اللزومية والاغراض الترخيصية في الشبهات الحكمية في موارد الاشتباه واختلاط الاحكام اللزومية مع الاحكام الترخيصية أي اختلاط الوجوبات والتحريمات مع المباحات فإن هذا الاختلاف سبب للاشتباه وسبب للتزاحم بين الاغراض اللزومية والاغراض الترخيصية والحفاظ على كليهما لا يمكن ولكن مع ذلك لا يمكن أن تكون مصلحة الاباحة تصلح أن تزاحم مصلحة الوجوب فأن المقتضي في الفعل إذا وصل إلى درجة اللزوم فهو منشأ للوجوب أو منشأ للحرمة وإذا لم يصل إلى هذه الدرجة فهو منشأ للإباحة أو لحكم آخر كالاستحباب والكراهة، فإذاً مصلحة الاباحة الواقعية لا تصلح ان تزاحم مصلحة الوجوب في مقام الحفظ فإن المصلحة الموجودة في الفعل إن بلغت إلى درجة اللزوم فهي منشأ للوجوب وإن لم تبلغ درجة اللزوم فهي منشأ للإباحة او للكراهة او للاستحباب، وعلى هذا فلا تتصور المزاحمة بين الاغراض اللزومية والاغراض الترخيصية لعدم صلاحية الاغراض الترخيصية لمزاحمة الاغراض اللزومية إذ الاغراض اللزومية تقتضي الحفاظ عليها حتى في موارد الشك والجهل واما الاغراض الترخيصية فلا تقتضي ذلك في مقابلها فلا يمكن ان تكون الاغراض الترخيصية مزاحمة للأغراض اللزومية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo