< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/11/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: الأصل عند الشك في حجية الظن

ذكرنا أن تقديم الأمارات المعتبرة التي ثبتت حجيتها شرعا على أدلة التشريع من الآية المباركة والروايات إنما هو بالورود، والقول بالورود مبني على أن المأخوذ في الآية المباركة عدم إحراز الإذن أعم من الإحراز الوجداني والإحراز التعبدي وهو الإحراز بحكم الشارع وكذا موضوع الروايات مقيد بعدم العلم لأن إدخال ما لم يعلم أنه من الدين في الدين محرم والمراد من العلم أعم من العلم الوجداني والعلم التعبدي الذي هو علم بحكم الشارع أي أن آثار العلم مترتبة عليه باعتبار ان الأمارة المعتبرة تقوم مقام العلم الموضوعي والعلم الطريقي والآثار المترتبة على العلم الوجداني مترتبة على الأمارة المعتبرة أيضا.

وعلى هذا فبما أن الأمارة المعتبرة إحراز بحكم الشارع بعد ثبوت حجيتها فهي رافعة لموضوع الآية المباركة فترتفع حرمة التشريع بارتفاع موضوعها وجدانا وكذلك الحال بالنسبة الى موضوع الروايات الدالة على حرمة التشريع حيث ان الأمارات علم بحكم الشارع أي يترتب عليها آثار العلم باعتبار ان الأمارات المعتبرة تقوم مقام العلم الموضوعي والعلم الطريقي ويترتب عليها آثار العلم، فإذا كانت الأمارة المعتبرة علما بحكم الشارع فهي رافعة لموضوع هذه الروايات أي موضوع حرمة التشريع فإنه ليس من إدخال في الدين ما لم يعلم أن منه بل يعلم أنه من الدين بحكم الشارع ومع العلم بأنه من الدين بحكم الشارع ترتفع حرمة التشريع بارتفاع موضوعها لأن حرمة التشريع موضوعها إدخال ما لم يعلم أنه من الدين في الدين وهو محرم بحرمة ذاتية كحرمة سائر المحرمات.

واما القول بالحكومة فهو مبني على أن المراد من الإحراز المأخوذ في موضوع الآية المباركة ﴿الله إذن لكم أم على الله تفترون [1] الإحراز الوجداني والمراد من الإذن الإذن الواقعي والأمارة على القول بالحجية حيث أنها طريق باعتبار ان المجعول فيها الطريقة والعلم التعبدي فمن أجل ذلك تقوم الأمارة مقام القطع الطريقي والقطع الموضوعي وتكون حاكمة أي توسع دائرة طريقية القطع لأن الموضوع أعم من الطريقية الواقعية الوجدانية والطريقية التعبدية فمن أجل ذلك تكون حاكمة لأن دليل الحاكم تارة يوسع دائرة المحكوم وأخرى يضيقها والمراد من الإحراز إذا كان إحرازا حقيقيا وجدانيا والمراد من الإذن إذا كان إذنا واقعيا، فالأمارة على القول بأن المجعول فيها الطريقية والعلم التعبدي فهي حاكمة لأنها توسع دائرة الموضوع وتجعل الموضوع أعم من الطريقية الحقيقة والطريقة التعبدية.

واما على القول بالتخصيص أي أن الأمارات المعتبرة مخصصة ومقيدة لإطلاق هذه الأدلة من الآية المباركة والروايات فهو مبني على ان المجعول في باب الأمارات هو المنجزية والمعذرية كما عن صاحب الكفاية(قده) أو المجعول التنزيل والحكم الظاهري أي تنزيل مؤدى الأمارة منزلة الواقع وتنزيل القطع بالواقع التنزيلي والمراد من الواقع التنزيلي هو المؤدى والمراد من القطع هو الأمارة والقطع بالواقع التنزيلي ينزل منزلة القطع بالواقع الحقيقي، فدليل حجية الأمارة متكفل لتنزيلين تنزيل المؤدى منزلة الواقع وتنزيل القطع بالواقع التنزيلي - وهو المؤدى - منزلة القطع بالواقع الحقيقي كما ذكره صاحب الكفاية(قده) أيضا أي أن مفاد دليل الحجية تنزيلان: أحدهما هو تنزيل المؤدى منزلة الواقع والآخر تنزيل القطع بالواقع التنزيلي - وهو المؤدى - منزلة القطع بالواقع الحقيقي، فالأمارة من جهة تنزيل مؤداها منزلة الواقع تقوم مقام القطع الطريقي ومن جهة تنزيل القطع بالمؤدى منزلة القطع بالواقع تقوم مقام القطع الموضوعي، وعلى هذا فالأمارة مخصصة لا أنها حاكمة باعتبار ان المجعول ليس هو الطريقية والعلم التعبدي بل المجعول هو التنزيل فالأمارة حينئذ مخصصة ومقيدة.

فالأقوال في المسألة مبنية على ذلك.

ولكن الأظهر من هذه الأقوال هو القول الأول.

ثم أننا إذا شككنا في حجية أمارة فهذا الشك لا يرجع الى الشك في الموضوع حتى تكون الشبهة موضوعية لأن الموضوع في الآية المباركة عدم إحراز الإذن وهو موجود وجدانا والشك إنما هو في الإذن أي أن هذه الأمارة إذا كانت حجة فهي إذن وإن لم تكن حجة فلا إذن فموضوع الآية محرز والشك إنما هو في حكم الموضوع وهو حرمة التشريع فلا مانع من التمسك بعموم الآية لإثبات حرمة التشريع في موارد الشك في حجية الأمارة وعدم جواز اسناد مؤداها الى الشارع لأنه تشريع محرم وإدخال ما لم يعلم انه من الدين في الدين وكذلك لا يجوز الاستناد اليها في مقام العمل لأن الاستناد اليها استناد الى ما لم يعلم أنه من الدين وهو تشريع ومحرم فلا يجوز نعم لو كان موضوع الآية المباركة عدم الإذن لا عدم إحراز الإذن فعندئذ تكون الشبهة موضوعية لأن الشك حينئذ يكون في حجية الأمارة إذ الشك في حجية الأمارة معناه الشك في كونها إذن او لا فإن كانت حجة فهي إذن وإن لم تكن حجة فلا تكون إذنا فيكون الشك في الموضوع والشبهة حينئذ تكون موضوعية فلا يجوز التمسك بإطلاق الآية المباركة.

قد يقال كما قيل أنه على القول بتقديم الأمارات المعتبرة على الآية بالورود وكذلك على الروايات إذا شككنا في حجية أمارة فيكون الشك في الموضوع وتكون الشبهة موضوعية ولا تكون حكمية لأنا إذا شككنا في حجية أمارة فإن كانت حجة فهي مصداق لإحراز الإذن وإن لم تكن حجة فلا تكون مصداقا له فهو شك في موضوع الآية المباركة فلا يجوز التمسك بالإطلاق لأنه من التمسك بالإطلاق في الشبهة الموضوعية.

والجواب عن ذلك أن في القضايا الوجدانية لا تتصور الشبهة المصداقية فإن القضايا الوجدانية إنما هي موجودة في وجدان الشخص ولا واقع موضوعي لها حتى نشك في أنها مطابقة للواقع او لا تكون مطابقة للواقع، فالشك في المطابقة للواقع وعدم المطابقة انما يتصور في القضايا الواقعية وأما في القضايا الوجدانية التي لا واقع موضوعي لها وإنما هي ثابتة في وجدان الشخص فقط كالقطع والعلم والشك وما شاكل ذلك فلا واقع موضوعي لها ما عدا وجودها في عالم الذهن ولهذا لا تتصور فيها الشبهة المصداقية حتى يقال انه لا يجوز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية.

فإذن لا مانع من التمسك بإطلاق الآية المباركة وإطلاق الروايات.

الوجه الرابع: التمسك باستصحاب عدم حجية الأمارة إذا شككنا في حجيتها.

فتارة يكون هذا الاستصحاب هو استصحاب عدم الجعل لأن الشك انما هو في اصل جعل الحجية للأمارة أي أن الشارع جعل الحجية لها او لم يجعلها، وأخرى يكون الشك في اتصاف الأمارة بالحجية هل هذه الامارة متصفة في بالحجية أو لا؟ فليس الشك في الجعل وإنما الشك في المجعول.

أما الأول فلا شبهة في جواز استصحاب عدم الجعل فإذا شككنا أن الشارع جعل الحجية لهذه الأمارة أو لم يجعلها فلا مانع من استصحاب عدم جعلها، فلا شبهة في جريان هذا الاستصحاب، وإنما الكلام في الفرض الثاني.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo