< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

36/12/05

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: السيرة المتشرعية

لحد الآن قد تبين ان السيرة المتشرعية المستحدثة بعد عصر التشريع وزمن المعصومين(ع) لا يمكن اثبات استمرارها الى زمان المعصومين(ع) واتصالها بعصر التشريع وانها وصلت الينا يدا بيد وطبقة بعد طبقة.

ولكن مع هذا قد استدل على ان سيرة المتشرعة المستحدثة بعد عصر التشريع يمكن اثبات اتصالها بزمن التشريع بوجوه تقدم الوجه الاول منها والثاني مع ما فيهما.

الوجه الثالث: ان السيرة المتشرعية المستحدثة اذا جرت على شيء كما اذا جرت على حجية خبر الثقة او جرت على حجية ظواهر الالفاظ فبإمكاننا اثبات اتصال هذه السيرة بزمن المعصومين عليهم السلام وبعصر التشريع وذلك لأمرين:

الامر الاول: ان هذه السيرة لو لم تكن ثابتة في زمن التشريع لكان يكثر السؤال فيها فيكثر السؤال عن حجية خبر الثقة وعن عدم حجيته مثلا وعن حجية ظواهر الالفاظ وعن عدم حجيتها مع انه لم يرد في شيء من الروايات حتى رواية ضعيفة السؤال عن حجية خبر الثقة او عن عدم حجيته او عن حجية ظواهر الالفاظ او عدم حجيته، نعم قد ورد السؤال في الروايات عن الصغرى كما في (أفيونس بن عبد الرحمن ثقة آخذ منه معالم ديني)[1] لا عن حجية خبر الثقة كبرويا فعدم السؤال وسكوت الامام عن ذلك قرينة واضحة على ان هذه الصغرى ثابتة في عصر التشريع.

ولكن ثبوت هذه السيرة لا يدل على ان الثابت هو حجية خبر الثقة فإن ثبوت هذه السيرة كما يمكن لثبوت حجية خبر الثقة يمكن لعدم حجيته لأن السيرة اذا قامت على عدم حجية خبر الثقة فأيضا تكون موجبة لعدم السؤال عن حجية خبر الثقة او عن عدم حجيته كما ان السيرة اذا قامت على حجية خبره منشأ لعدم السؤال عن ان خبر الثقة حجة او انه ليس بحجة فالسكوت وعدم السؤال إنما يدل على ان هذه السيرة ثابتة في عصر التشريع وفي زمن المعصومين(ع) ولكن هذا السكوت وعدم السؤال لا يدل على ان هذه السيرة ثابتة على حجية خبر الثقة او على عدم حجيته.

فإذن هذا الامر إنما يثبت ان هذه السيرة ثابتة في عصر التشريع وانها وصلت الينا يدا بيد وطبقة بعد طبقة إما جزما او اطمئنانا أو ظنا بظن معتبر، ولكن لا تدل على ان هذه السيرة قائمة على حجية خبر الثقة.

الامر الثاني: أن هذه السيرة لو كانت قائمة على عدم حجية خبر الثقة او عدم حجية الظواهر لشاع واشتهر بين المتشرعة وبين العلماء فإن هذه السيرة الثابتة في عصر التشريع وفي زمن الأئمة(ع) لو كانت قائمة على عدم حجية خبر الثقة لاشتهر عدم الحجية بين المتشرعة ولشاع بينهم مع انه لا عين لها ولا اثر لأن المشهور والمعروف بين المتشرعة وبين العلماء هو حجية خبر الثقة لا عدم حجيته ومن هذا نستكشف ان هذه السيرة لم تقم على عدم حجية خبر الثقة ومن ضم هذا الامر الى الامر الاول تكون النتيجة ان هذه السيرة متصلة بالسيرة في زمن التشريع وانها قائمة على حجية خبر الثقة لا على عدم حجيته.

هذا ملخص هذا الوجه.

والجواب عن ذلك ان تمامية هذا الوجه منوطة بتوفر ركيزتين:

الركيزة الاولى: ان تكون هذه السيرة قائمة على المسائل الاصولية باعتبار ان المسائل الاصولية مسائل عامة لا تختص بباب دون باب آخر بل تجري في جميع الابواب او في معظمها فإن حجية خبر الثقة لا تختص بباب دون باب وكذلك حجية ظواهر الالفاظ بل تعم جميع الابواب او معظمها.

الركيزة الثانية: ان منشأ هذه السيرة أي السيرة على حجية أخبار الثقة او حجية ظواهر الالفاظ الخصوصية المرتكزة في الاذهان الثابتة في اعماق النفوس وهذه السيرة ممتدة الى زمن التشريع والى عصر المعصومين(ع) فإذن تمامية هذا الوجه مبنية على تمامية هاتين الركيزتين.

ونتيجة هاتين الركيزتين وان كانت اتصال هذه السيرة بعصر التشريع إلا ان هذه السرة ليست سيرة متشرعية بل هي سيرة عقلائية فإن السيرة المتشرعية سيرة تعبدية فإن المتشرعة واصحاب الأئمة(ع) جرت سيرتهم على حكم شرعي ولهذا السيرة المتشرعية تتوقف على وجود الشرع والشريعة حتى تقوم السيرة على وجوب شيء او على حرمة شيء او على جزئية شيء او شرطية شيء آخر وهكذا فليس منشأ هذه السيرة الخصوصية المرتكزة في الاذهان الثابتة في اعماق النفوس بل منشأ هذه السيرة هو الشرع والتعبد بالشرع ، فالوجوب وإن كانت جذوره ثابتة في زمن التشريع وكذلك الحرمة لكن الذي هو ثابت من زمن التشريع هو الوجوب او الحرمة الواقعية وأما مورد السيرة فهو الوجوب الظاهري وهو الوجوب الاجتهادي كفتوى الفقيه بالوجوب والحرمة التي هي مورد للسيرة هي الحرمة الظاهرية والاجتهادية والاحكام الاجتهادية وليدة افكار المجتهدين وان كانت ذات طابع شرعي فقد تكون مطابقة للواقع وقد تكون غير مطابقة للواقع فكيف يمكن اثبات اتصال هذه السيرة بزمن التشريع او بزمن المعصومين(ع)؟ وانها ثابتة في ذلك الزمن ووصلت الينا يدا بيد وطبقة بعد الطبقة؟ ولا يمكن اثبات ذلك.

فهذا الوجه مبني على الخلط بين السيرة العقلائية والسيرة المتشرعية فهذا الوجه انما ينطبق على السيرة العقلائية ولا ينطبق على السيرة المتشرعية لأن سيرة المتشرعة سيرة تعبدية صرفة وقائمة على الحكم التعبدي البحت.

نعم قد تطلق سيرة المتشرعة على السيرة العقلائية بعد الامضاء فإن السيرة العقلائية الجارية على حجية أخبار الثقة وظواهر الالفاظ بعد امضاء الشارع لها تكون سيرة متشرعية لأن المتشرعة يعملون بهذه السيرة بما انها ممضاة شرعا لا بما انها سيرة العقلاء فتكون سيرة شرعية بالإمضاء، وأما العقلاء فهو يعملون بها بما انها سيرة العقلاء سواء كانت ممضاة شرعا او لم تكن ممضاة شرعا.

فالنتيجة ان سيرة المتشرعة الابتدائية الحادثة التي هي محل الكلام بين المتشرعة في الازمنة المتأخرة عن زمن التشريع لا يمكن لنا اثبات انها متصلة بزمن التشريع طبقة بعد طبقة، ومن هنا قلنا انه لا يمكن الاعتماد على الاجماع سواء كان قوليا او عمليا في شيء من المسائل الفقهية، فإن الاجماع المدعى في كلمات المتأخرين سواء كان اجماعا قوليا ام عمليا وهو السيرة فحجية هذا الاجماع منوطة بتوفر امرين فيه لأن الاجماع في نفسه لا يكون حجة فحجيته بتوفر امرين:

الامر الاول: ان يكون هذا الاجماع ثابتا بين المتقدمين الذين يكون عصرهم قريبا من عصر اصحاب الأئمة(ع).

الامر الثاني: اثبات ان هذا الاجماع الموجود بين المتقدمين قد وصل اليهم من زمن الأئمة(ع) يدا بيد وطبقة بعد الطبقة.

واثبات كلا الأمرين مشكل


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo