< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

37/01/17

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حجية الظواهر

الكلام في حجية ظواهر الالفاظ ومنها ظواهر الكتاب والسنة.

لا شبهة في ان السيرة العقلائية القطعية جارية عل العمل بالظواهر ومن الواضح ان سيرة العقلاء على العمل بشيء لا يمكن ان تكون جزافا وبدون نكتة مبررة لها، لأن عمل العقلاء بشيء لا يمكن ان يكون تعبديا وبلا مبرر وبدون نكتة، والنكتة في المقام المرتكزة في أذهان العقلاء هي أقوائية ظهور الالفاظ في الكشف عن الواقع من ظهور الافعال، فمن اجل هذه النكتة المرتكزة في أذهانهم بنوا على العمل بظواهر الالفاظ كما هو الحال في بنائهم على العمل بأخبار الثقة، إذ هي أقرب من أخبار غير الثقة الى الواقع نوعا فمن اجل ذلك بنوا على العمل بها دون أخبار غير الثقة.

وقد تقدم ان السيرة على نوعين:

النوع الاول: السيرة المتشرعية، وقد تكون في عصر التشريع وهي في نفسها دليل على ثبوت الحكم ولا تحتاج دليليتها الى امضاء او شيء آخر وقد تكون في عصر غير عصر التشريع أي المستحدثة في عصر الغيبة فحجيتها بحاجة الى أثبات انها ثابتة في زمن الأئمة عليهم السلام وانها وصلت الينا بطريق قطعي او اطمئناني يدا بيد وطبقة بعد طبقة حتى تكون حجة والا فالسيرة المتشرعية هي عمل المتشرعة وهو في نفسه لا يكون حجة، فحجيتها متوقفة على ثبوت هذه السيرة في زمن المعصوم(ع) ووصولها الينا بطريق أطمئناني أو قطعي.

ولكن ذكرنا غير مرة انه لا طريق لنا الى ذلك فلا طريق لنا الى إثبات ان سيرة المتشرعة كانت ثابتة في زمن المعصومين(ع) وانها وصلت الينا بطريق قطعي او اطمئناني يدا بيد وطبقة بعد طبقة، بل ذكرنا أن سيرة المتشرعة بين المتأخرين لا يمكن إثباتها بين المتقدمين أونها وصلت الينا منهم بطريق قطعي او اطمئناني يدا بيد وطبقة بعد الطبقة فضلا عن اثبات انها ثابتة في زمن الأئمة(ع) وانها وصلت الينا من ذك الزمان بطريق قطعي او اطمئناني يدا بيد وطبقة بعد الطبقة، فلهذا حال سيرة المتشرعة حال الاجماع ولا يمكن الاعتماد على السيرة المستحدثة في الأزمنة المتأخرة حتى في المتقدمين، فإن سيرة المشرعة في زمن المتقدمين أيضا لا يمكن أثبات انها ثابتة في زمن المعصومين(ع) وانها وصلت اليهم بطريق قطعي او اطمئناني طبقة بعد طبقة وإن كان المشهور أو جماعة من المحققين قد استدلوا على حجية هذه السيرة بوجوه، ولكن لا يمكن إتمام شيء من هذه الوجوه وقد تعرضنا لتلك الوجوه في ضمن الابحاث المتقدمة فلا حاجة لنا الى التعرض لها.

هذا في سيرة المتشرعة.

نعم سيرة المتشرعة موردها أحكام تعبدية من الوجوب والحرمة ونحوها، وأما سيرة العقلاء بما هم عقلاء فهي تختلف عن سيرة المتشرعة لأن أحكام العقلاء بما هم عقلاء لا يمكن ان تكون تعبدية لأن سيرة العقلاء عبارة عن عملهم بأخبار الثقة ونحوها فلا بد ان توجد نكتة تبرر عملهم بها دون غيرها وهذه النكتة هي النكتة المرتكزة عند العقلاء الثابتة في اعماق نفوسهم وهي ان أخبار الثقة أقرب الى الواقع من أخبار غير الثقة وأقوى كشفا نوعا من أخبار غير الثقة وكذلك الحال في ظواهر الالفاظ، وهذه النكتة المرتكزة لا يمكن ان تختص بزمن دون زمن آخر، إذ هي ثابتة في نفوس العقلاء بما هم عقلاء من حين وجودهم على الارض وثابتة الى يوم القيامة، ومن هنا لا تتصور سيرة العقلاء المستحدثة بعد عصر التشريع، فإن سيرة العقلاء اذا كانت ثابتة فهي ثابتة من حين وجود العقلاء على الارض بقطع النظر عن وجود الشرع والشريعة، وما في كلمات بعض العلماء من أن حق التأليف أو حق النشر قد جرت عليه سيرة العقلاء غير تام، فإن بناء جماعة على هذا الحق مراعاة لحق المؤلف او الناشر مكافئة لجهده وتعبه والا فليس هذ الحق امرا مرتكزا في أذهان العقلاء وثابتا في اعماق النفوس والا لما كان أمرا مستحدثا، ومن هنا لا يصح ما في كلمات الأصحاب من أن سيرة العقلاء على أقسام، لأنها سيرة واحدة وغير قابلة للتقسيم الا بحسب مواردها والا فالسيرة بنفسها مبنية على النكتة المرتكزة في الاذهان وهي لا تختص بزمن دون زمن فلو كانت موجودة فهي موجودة من حين وجود العقلاء على سطح هذه الكرة.

فإذن لا يصح تقسيم سيرة العقلاء الى السيرة الثابتة في زمن التشريع والى السيرة المستحدثة.

هذا من جانب، ومن جانب آخر أن سيرة العقلاء تارة تكون جارية على الأحكام الشرعية التعبدية بين المولى والعبيد سواء أ كان المولى مولى حقيقيا أم كان مولى عرفيا فالسيرة العقلائية جارية على الأحكام الشرعية بين المولى وعبيده، وأخرى تكون السيرة على الأمور الخارجية التكوينية اليومية والمعاشية والاقتصادية.

اما السيرة العقلائية التي تكون حجة وموردا لإمضاء الشارع لها في السيرة على الاحكام الشرعية المولوية المجعولة بين المولى وعبيده فهذه السيرة تكون ممضاة من قبل الشرع وتكون حجة وذكرنا أنه يكفي في إمضائها سكوت الشارع وعدم صدور الردع والمنع عن العمل بها فهو كاشف جزما عن الامضاء إذ لو كانت السيرة مخالفة للأغراض التشريعية لصدر المنع من المولى جزما وعدم صدور الردع والمنع من المولى كاشف عن الامضاء جزما.

وأما سيرة العقلاء الجارية على العمل بالظواهر في الامور التكوينية الخارجية فلا تكون حجة، فإن التاجر لا يعمل بالظواهر تعبدا وإنما يعمل بعلمه واطمئنانه وطالما لم يحصل له العلم او الاطمئنان لم يعمل، فمجرد الظهور لا يكون حجة له، نعم الظهور الذي يفيد الاطمئنان يكون حجة له، ولكن بما هو اطمئنان لا بما هو ظهور، وأما الظهور الذي لا يفيد الا الظن بل قد يكون الظن على خلافه فهو لا اثر لهذه في هذه الامور التكوينية الخارجية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo