< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

37/01/26

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حجية الظواهر

الى هنا قد تبين ان ما ذكره المحقق النائيني(قده) من ان سيرة العقلاء الجارية على العمل بظواهر الالفاظ حاكمة على العمومات الناهية من الآيات والروايات لأن المجعول في باب الأمارات هو الطريقية والكاشفية ومعنى حجيتها انها طريق الى الواقع أي انها كاشفة وعلم تعبدي وحيث ان موضوع العمومات هو الظن والعلم رافع له ولكن الرفع هنا تعبدا فتكون هذه السيرة حاكمة على هذه العمومات.

ولكن ذكرنا ان ما ذكره(قده) غير تام.

أما أولاً: فقد ذكرنا ان هذه العمومات لا تصلح بنفسها ان تكون رادعة عن هذه السيرة لأن هذه السيرة مرتكزة في اذهان الناس ولا يمكن الردع عنها الا ببيان صريح وقطعي وتكرار هذا البيان في كل مناسبة وكل مجلس حتى يقلع جذور هذا الارتكاز عن اذهان الناس.

وثانياً: مع الاغماض عن ذلك إلا انه لا مجعول في باب الأمارات فإن عمدة الدليل على حجية الأمارات كأخبار الثقة وظواهر الالفاظ السيرة القطعية من العقلاء ومعنى السيرة هو عمل العقلاء بأخبار الثقة وظواهر الالفاظ ومن الواضح ان العمل لا يدل على الجعل، فلا جعل في باب الأمارات حتى يكون المجعول هو الكاشفية.

ومع الاغماض عن ذلك وتسليم ان معنى الحجية هو جعل الأمارات حجة ولكن لا يمكن التسليم بأن معنى الحجية هو الطريقية والكاشفية والعلم التعبدي لأن طريقية الأمارات ذاتية وهي الطريقة الظنية النوعية فأخبار الثقة طريق ذاتا لكن ظنا ونوعا وكذا ظواهر الالفاظ فجعل الطريقية لها لا يؤثر فيها لا تكوينا ولا تشريعا فيكون هذا الجعل لغوا الا ان يرجع ذلك الى تنزيل الأمارات منزلة العلم.

ولكن مدرسة المحقق النائيني (قده) لا تقول بالتنزيل وإنما تقول ان المجعول هو الطريقية والكاشفية والعلم التعبدي.

فإذن لا يمكن جعل الطريقية والكاشفية تعبدا لأن هذا الجعل لا يؤثر في طريقة الأمارات لا تكوينا لأنه مستحيل إذ تكوين الشيء بالجعل الاعتباري مستحيل ولا تعبدا واعتبارا الا بنحو التنزيل والمحقق النائيني لا يقول بالتنزيل.

ومع الاغماض عن ذلك ايضا وتسليم ان المجول في باب الأمارات هو الطريقية والكاشفية والعلم التعبدي ولكن ذكرنا سابقا ان مدلول العمومات الناهية عن العمل بالظن من الآيات والروايات إرشاد الى عدم حجية الأمارات الظنية كأخبار الثقة وظواهر الالفاظ وعندئذ فمفاد أدلة حجية الأمارات انها طريق وكاشف عن الواقع وعلم تعبدي والجامع بينها انها حجة ومفاد عمومات الآيات الناهية والروايات انها ليست بحجة وحيث ان نسبة السيرة الجارية على العمل بظواهر الالفاظ الى تلك العمومات نسبة الخاص الى العام ونسبة المقيد الى المطلق فتكون مخصصة لها فتقديم سيرة العقلاء الجارية عل العمل بظواهر الالفاظ على العمومات الناهية عن العمل بالظن من باب التخصيص لا من بباب الحكومة.

فالنتيجة ان ما ذكرته مدرسة المحقق النائيني(قده) في المقام لا يمكن المساعدة عليه.

ثم ان المحق الخراساني(قده) ذكر[1] طريقا آخر وهو ان رادعية العمومات الناهية عن العمل بالظن من الآيات والروايات رداعيتها مستحيلة لأنها تستلزم الدور وهو مستحيل ذاتا لأن معناه توقف الشيء على نفسه وهو مستحيل بالذات.

أما لزوم الدور فإن رادعية هذه العمومات عن هذه السيرة الجارية على العمل بظواهر الالفاظ رادعيتها تتوقف على ان لا تكون هذه السيرة مخصصة لها لأنها لو كانت كذلك فلا تصلح هذه العمومات ان تكون رادعة فإذن رادعيتها عن هذه السيرة تتوقف على عدم مخصصيتها لهذه العمومات وعدم مخصصية السيرة الجارية على العمل بظواهر الالفاظ لهذه العمومات تتوقف على رادعيتها، فيلزم توقف رادعيتها على نفسها وهو من الدور المستحيل لأنه من توقف الشيء على نفسه.

وقد يقال كما قيل أن هذا الدور يلزم من طرف آخر ايضا وهو طرف مخصصية السيرة لهذه العمومات فإن طرف مخصصية السيرة لهذه العمومات الناهية عن العمل بالظن مخصصيتها تتوقف على ان لا تكون هذه العمومات رادعة لها إذ لو كانت رادعة لها فلا تصلح هذه السيرة مخصصة لها فمخصصيتها تتوقف على ان لا تكون هذه العمومات رادعة لها فعدم رادعية هذه العمومات لهذه السيرة تتوقف على مخصصيتها لها فيلزم الدور وتوقف الشيء على نفسه أي توقف مخصصية هذه السيرة لهذه العمومات الناهية على نفسها وهذا مستحيل.

وقد أجيب عن ذلك بأن هذا الدور في هذا الجانب غير لازم فإن مخصصية السيرة لهذه العمومات لا تتوقف على الردع عنها في الواقع فإن مخصصية هذه السيرة لهذه العمومات الناهية عن العمل بالظن لا تتوقف على الردع عنها في الواقع حتى يلزم الدور بل يكفي في مخصصية هذه السيرة لهذه العمومات عدم ثبوت الردع فإنه جامع بين ثبوت عدم الردع وبين الظن بعدم الردع وبين الشك فعدم ثبوت الردع لا يتوقف على مخصصية هذ السيرة لهذه العمومات بل انما يتوقف على عدم صلاحية هذه العمومات للردع فلا دور في المقام.

ولكن هذا الجواب غريب جدا لما تقدم من ان حجية السيرة واتصافها بالحجية متوقف على إحراز امضائها جزما فاذا لم يحرز امضائها جزما فلا تتصف هذه السيرة بالحجية واما مع الشك في الامضاء او مع الظن به يشك في حجيتها وقد تقدم ان الشك في الحجية مساوق للقطع بعدم الحجية فعلا أي بعدم ترتيب أثار الحجية عليها.

فإذن لا يكفي في حجية السيرة ومخصصيتها عدم ثبوت الردع أي الشك في ان هذه السيرة مردوعة بهذه العمومات او لا تكون مردوعة؟ فإن عدم ثبوت الردع عنها مساوق للشك في حجيتها والشك في حجيتها مساوق للقطع بعدم ترتيب آثار الحجية عليها.

فما في هذا الجواب من ان مخصصية السيرة لهذه العمومات الناهية عن العمل بالظن من الآيات والروايات لا تتوقف على عدم الردع عنها في الواقع بل يكفي فيه عدم ثبوت الردع غريب جدا فإن عدم ثبوت الردع عن السيرة مساوق للشك في الردع عنها وهو مساوق للقطع بعدم حجيتها أي للقطع بعدم ترتيب آثار الحجية عليها فكيف تكون مخصصة لهذه العمومات؟


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo