< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

37/03/30

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حجية الظواهر.
الى هنا قد تبين ان المتفاهم العرفي من ظواهر الآيات والروايات والمعاني اللغوية والعرفية في المحاورات عند العرف والعقلاء وفي مجالسهم واسواقهم هو المعاني العرفية واللغوية وهذا الفهم العرفي كاشف عن ان هذا الظهور ظهور عرفي نوعي موضوعي ولا يختلف من فرد الى فرد آخر ومن زمان الى زمان آخر ومن مكان الى مكان آخر لأن للظهور العرفي واقع موضوعي ولا يختلف باختلاف الأزمنة والأمكنة وباختلاف الأفراد بينما الظهور الذاتي الشخصي يختلف باختلاف الافراد ومن زمن الى زمن آخر ومن مكان الى مكان آخر، باعتبار ان هذا الظهور ليس له واقع موضوعي لأن ثبوت واقعه الموضوعي عين إثباته وليس مقام ثبوته في مقابل مقام اثباته، بينما الظهور العرفي النوعي الموضوعي له واقع موضوعي قد يصل الى الانسان وقد لا يصل كسائر الامور الواقعية الموضوعية.
ولهذا لا يختلف باختلاف الافراد ولا باختلاف الأزمنة والأمكنة ولا يضر الفصل الزمني بين زمن صدوره وزمن وصوله، فإذا كان المتفاهم العرفي من ظواهر الآيات والروايات في المجالس العرفية وحواراتهم واجتماعاتهم فهو كاشف عن ان هذه الظهور هو المتفاهم العرفي في زمن صدورها لأن احتمال الخلاف مبني على نقل هذه الالفاظ من معانيها اللغوية والعرفية الى المعاني الشرعية وهذا النقل غير ثابت وعلى تقدير ثبوته فهو نادر واحتماله ضعيف وهذا الاحتمال لا يضر بهذا الظهور.
فإذن ظهور آيات الكتاب والسنة والروايات حين وصولها نفس ظهورها في معانيها العرفية واللغوية في زمن صدورها.
ومن هنا كان المسلمون قاطبة يعملون بظواهر الكتاب والسنة بعد النبي الأكرم(ص) وفي زمنه وفي زمن الأئمة الأطهار(ع) الى زمننا هذا ويتمسكون بظواهر الكتاب والسنة في معانيها العرفية واللغوية.
واما النقل فهو غير ثابت فلو كانت هذه الالفاظ منقولة من معانيها اللغوية والعرفية الى المعاني الشرعية لاشتهر بين المسلمين كافة ولأصبح من الواضحات الأولية لابتلاء الناس بالمعاني الشرعية فعدم اشتهار ذلك كاشف عن عدم النقل وان الشارع امضى استعمال هذه الالفاظ في معانيها اللغوية والعرفية، ومن هنا لم تثبت الحقيقة الشرعية حتى في الفاظ العبادات، نعم الحقيقة المتشرعية ثابتة في بعض الفاظ العبادات كالصلاة إذ هي مستعملة في المركب من اجزاء مقيدة بشروط وجودية وعدمية وهذا ليس معنى الصلاة عرفا ولغة، لأن معناها لغة وعرفا الدعاء وكذلك الحج فإن معناه اللغوي والعرفي القصد، ولكن المتشرعة يستعملونه في المركب من الأجزاء المتعددة المتباينة، ولهذا يكون المتبادر من الحج هذا المعنى المركب دون معناه العرفي واللغوي وكذلك المتبادر من الصلاة.
واما في سائر العبادات فلم تثبت الحقيقة المتشرعية كالخمس والزكاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. نعم قد يقع الخلاف في السعة والضيق أي في سعة المعنى العرفي واللغوي وضيقه وفي عمومه وخصوصه بين الفقهاء وبين العلماء. واما في أصل المفهوم اللغوي والعرفي فلا خلاف بينهم وان هذه الالفاظ مستعملة في معناها اللغوي والعرفي.
فإذن النقل غير ثابت جزما إذ لو كان ثابتا من قبل الشارع لهذه الالفاظ من معانيها اللغوية والعرفية الى المعاني الشرعية لاشتهر وبان بين المسلمين كافة ولأصبح من الواضحات الأولية مع انه لا عين له ولا أثر وهذا كاشف جزمي وقطعي عن عدم ثبوت النقل، فإذا لم يثبت النقل فبطبيعة الحال ما هو المتفاهم العرفي من ظواهر الفاظ الكتاب والسنة حين وصولها هو المتفاهم العرفي منها حين صدورها لأن المتفاهم العرفي منها حين صدورها هو المعاني اللغوية والعرفية وهذه الالفاظ مستعملة فيها من حين صدورها الى حين وصولها، ولهذا لا انقلاب في الظهور ولا تبديل في البين.
إلى هنا قد وصلنا الى هذه النتيجة وهي ان الظهور العرفي النوعي الموضوعي لا يختلف باختلاف الافراد ولا باختلاف الازمنة ولا باختلاف الامكنة وله واقع موضوعي وهذا الظهور النوعي الموضوعي إذا كان ثابتا لألفاظ الكتاب والسنة في حين وصولها فهو ثابت من حين صدورها والفصل الزمني لا أثر له.
وهذا البحث وإن كان موجودا في كلمات الأصوليين ولكنه ليس بحثا موجودا بالصيغة الفنية وإنما وجوده بصورة متفرقة.
وتبين ان الظهور الشخصي الذاتي لا يكون حجة وأما الظهور العرفي النوعي الموضوعي فهو الذي يكون موضوعا لحجية أصالة الظهور دون الظهور الشخصي الذاتي.
هذا كله في الأمر الثاني.
الأمر الثالث: في حجية قول اللغوين.
فهل قول اهل اللغة حجة او ليس بحجة؟
المعروف والمشهور بين الأصحاب انه حجة بل قد أدعي عليه الاجماع.
وكيف ما كان فإن حرفة اللغوي تعيين موارد الاستعمال أي ان هذا اللفظ مستعمل في هذا المعنى، وتعين استعمال هذا اللفظ في هذا المعنى يكون من سماعه استعمال اهل اللسان له في ذلك او يكون قد رأى انه كذلك في كتاب لغوي، ولهذا يكون قوله حجة إذا كان ثقة فإن قوله يدخل في أخبار الثقة عن حس لأنه اخبر عن استعمال هذا اللفظ في هذا المعنى عن حس لأن أخباره إما عن سمع او عن رؤية فهو حجة إذا كان ثقة، لأن خبر الثقة انما يكون حجة اذا كان عن حس وأما خبر الثقة اذا كان عن حدس فلا يكون حجة.
وحيث ان حرفة اللغوي تعيين موارد الاستعمال بالحس اما بالسماع او بالرؤية فيكون أخباره محسوس أما عن سمع او عن رؤية وعلى كلا التقديرين أخبار يكون عن حس وحينئذ يكون حجة إذا كان ثقة ومشمولا لدليل حجية أخبار الثقة وهو السيرة القطعية من العقلاء الجارية على العمل بأخبار الثقة الممضاة شرعا.
فإذا أخبر اللغوي ان كلمة الصعيد مستعملة في مطلق وجه الارض فيكون أخباره بذلك حجة ويثبت به انها مستعملة في هذا المعنى وانه قد سمع ذلك من أهل اللسان او قد رأى ذلك في كتب اللغة فيكون ذلك من قبيل الأخبار عن حس وحينئذ يكون حجة لشموله لدليل حجية أخبار الثقة لأنها أنما تكون حجة ومشمولة لدليل الاعتبار اذا كانت عن حس واما إذا كانت عن حدس فلا تكون حجة.
ولكن إنما يثبت بأخبار اللغوي ان كلمة الصعيد مستعملة في مطلق وجه الارض لا في حصة خاصة منه كالتراب الخالص، فالثابت بقول اللغوي هو ان كلمة الصعيد مستعملة في مطلق وجه الارض ولكن هذا المقدار لا يجدي في ترتيب الأثر العملي الشرعي، لأن المجدي في ترتيب الأثر العملي الشرعي هو إثبات ظهور هذه الكلمة في مطلق وجه الارض كجواز التيمم او نحوه واما إذا لم يثبت ظهورها في مطلق وجه الارض فلا أثر له، وحينئذ لا يترتب على قول اللغوي أي أثر ما لم يثبت ظهور اللفظ في معناه لأن اللغوي انما يعين موارد الاستعمال وأما ان هذا اللفظ ظاهر في هذا المورد او ليس بظاهر فيه فهو امر آخر.
وعلى هذا فلا يترتب أي اثر على قول اللغوي والأثر إنما يترتب على ظهور هذا اللفظ في هذا المعنى فإذا ثبت الظهور فيه كان الظهور حجة.
هذا من ناحية.
ومن ناحية أخرى ان اللغوي ليس من اهل الخبرة بالنسبة الى المعاني الحقيقية والمعاني المجازية لأنه من اهل الخبرة بالنسبة الى موارد الاستعمال أي هذا اللفظ استعمل في هذا المعنى واما ان هذا المعنى معنى حقيقي او مجازي فليس من وظيفة اللغوي وليس هو من اهل الخبرة في ذلك، إذ لتعيين الحقيقية والمجاز امارات أخرى غير قول اللغوي كالتبادر والاطراد وعدم صحة السلب وما شاكل ذلك.
نعم قد يكن لأهل اللغة خبرة في خصوصية المعنى سعة وضيقا من جهة كثرة ممارسته في اللغة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo