< قائمة الدروس

الأستاذ آيةالله محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

37/05/06

بسم الله الرحمن الرحیم

الموضوع: حجية خبر الواحد
الى هنا قد تبين ان المراد من المخالفة للكتاب والسنة الواردة في هذه الروايات اما المخالفة بنحو التباين او المخالفة بنحو العموم من وجه او المخالفة بنحو العموم المطلق، وذكرنا ان الطائفة الثانية ترجع الى الطائفة الأولى وأن المراد من عدم الموافقة للكتاب والسنة هو المخالفة والمراد من المخالفة في هذه الطائفة هو المخالفة بنحو التباين او العموم من وجه لا المخالفة بنحو العموم المطلق وذلك لوجود قرائن:
القرينة الاولى: انا نعلم اجمالا بصدور الروايات المخالفة لعموم الكتاب والسنة او اطلاقهما عن الأئمة الأطهار(ع) ومن هنا يكون الخبر الواحد مخصصا لعموم الكتاب ومقيدا لإطلاقه كما انه مخصص لعموم السنة ومقيدا لإطلاقها. وهذا العلم الاجمالي قرينة على ان المراد من المخالفة في هذه الروايات المخالفة بنحو التباين او العموم من وجه فإن الرواية المخالفة للكتاب او السنة بنحو التباين او بنحو العموم من وجه لا يمكن ان تصدر من النبي الأكرم(ص) ولا من الأئمة الأطهار(ع) فلا يمكن ان يكون القرآن حرم الكذب والحديث يجوزه فهذا غير معقول، فلا يعقل صدور الرواية عن المعصوم(ع) مخالفة للكتاب بنحو التباين او العموم من وجه، وهذا قرينة على ان المراد من المخالفة في هذه الروايات المخالفة بنحو التباين لأن ما خالف الكتاب فهو زخرف، وباطل، ولم أقله. فإن مثل هذا التعبير يدل على ان المخالف للكتاب لم يصدر من المعصوم(ع) وحيث انا نعلم اجمالا بصدور المخالف لعموم الكتاب والسنة او اطلاقهما فهذا قرينة على ان المراد من المخالفة في هذه الروايات المخالفة بنحو التباين او العموم من وجه.
القرينة الثانية: ان التعبيرات الموجودة في هذه الروايات تتضمن التحاشي والاستنكار من النبي الأكرم(ص) والأئمة الأطهار(ع) عن صدور الروايات المخالفة للكتاب والسنة لأنه ورد في هذه الروايات أن ما خالف الكتاب والسنة فهو باطل، وزخرف، ولم أقله. فهذه التعبيرات تدل على التحاشي والاستنكار والاستبعاد عن صدور الروايات المخالفة للكتاب او السنة بنحو التباين او العموم من وجه مع انه لا تحاشي ولا استنكار عن صدور الروايات المخالفة لعموم الكتاب او السنة او اطلاقهما، فهذه التعبيرات الدالة على التحاشي والاستنكار والاستبعاد عن صدور الروايات المخالفة للكتاب والسنة قرينة على ان المراد من المخالفة للكتاب والسنة في هذ الروايات المخالفة بنحو التباين او العموم من وجه.
القرينة الثالثة: ان المخالفة بين عموم الكتاب وبين الدليل الخاص ليست في الحقيقة مخالفة بنظر العرف والعقلاء فإن هذه المخالفة مخالفة بدوية وغير مستقرة لإمكان الجمع الدلالي العرفي بينهما فإذا جمع بينهما عرفا ارتفع التعارض والمخالفة فإن هذه المخالفة لا تسري من مرحلة الدلالة الى مرحلة السند وبهذا يمكن الجمع الدلالي العرفي وبذلك ترتفع المخالفة فإن العرف لا يرى المخالفة بين القرينة وذيها ويرى ان القرينة مفسرة لبيان المراد الجدي النهائي من ذيها وحيث ان الخاص بنظر العرف قرينة على العام والمقيد قرينة على المطلق فهما في الحقيقة بيان ومفسر للمراد الجدي النهائي من العام ومن المطلق. والأظهر قرينة على التصرف في الظاهر والدليل الحاكم قرينة على التصرف في الدليل المحكوم وكذلك الحال في الوراد والمورود.
فإن في موارد الجمع الدلالي العرفي المخالفة البدوية في الحقيقة لا مخالفة بنظر العرف وإذا لم تكن مخالفة بين العام والخاص وبين المطلق والمقيد والظاهر والأظهر او النص والحاكم والمحكوم فلا تكون مشمولة لتلك الروايات فإن موضوع هذه الروايات المخالفة للكتاب والسنة، والمفروض ان المخالفة لعموم الكتاب ليست مخالفة بنظر العرف لإمكان الجمع الدلالي العرفي بين الخاص والعام وبين المطلق والمقيد وبذلك ترتفع المخالفة بينهما ولهذا تكون هذا المخالفة غير مستقرة وبدوية وترتفع بالجمع الدلالي العرفي بينهما.
فالنتيجة ان هذه القرائن قرائن تدل بوضوح على ان المراد من المخالفة في هذ الروايات المخالفة بنحو التباين او العموم من وجه.
وتفصيل الكلام بأكثر من هذا في مبحث التعادل والترجيح.
وأما الطائفة الثالثة من هذه الروايات وهي الروايات التي تدل على ان الخبر لا يكون حجة الا اذا كان عليه شاهد من الكتاب او السنة وما لا يكون عليه شاهد منهما لا يكون حجة فهذه الطائفة بنفسها إما أن عليها شاهد من الكتاب او السنة او لا شاهد عليها منهما، فإذا كان لا شاهد عليها من الكتاب او السنة فحالها حال أخبار الأحاد التي لا شاهد عليها من الكتاب او السنة فلا يمكن الاستدلال بها على عدم حجية أخبار الآحاد، إذ لا مزية لها بالنسبة الى سائر أخبار الآحاد كما أنه لا شاهد عليها من الكتاب والسنة فلا مزية لها بالنسبة الى غيرها فإذا لم تكن لها مزية على غيرها فلا يمكن الاستدلال بها على عدم حجية أخبار الآحاد وإلا لزم من فرض حجيتها عدم حجيتها لما تقدم من ثبوت الملازمة القطعية بين حجية هذه الروايات كأخبار آحاد وحجية سائر أخبار الآحاد. كما انه لا شبهة في ثبوت الملازمة القطعية بين عدم حجيتها وعدم حجية سائر أخبار الآحاد، فإذا فرضنا ان هذه الطائفة تدل على عدم حجية سائر أخبار الآحاد بالمطابقة وتدل بالالتزام على عدم حجية نفسها فإن هذه الملازمة القطعية بينهما تشكل الدلالة الالتزامية فلو دلت هذه الطائفة على عدم حجية أخبار الآحاد بالمطابقة لدلت بالالتزام على عدم حجية نفسها وهذا معنى أنه يلزم من فرض حجيتها عدم حجيتها وكلما يلزم من فرض حجيتها عدم حجيتها فحجيتها مستحيلة لأن كلما يلزم ن فرض وجود الشيء عدمه فوجوده مستحيل فلا يمكن الالتزام بها، وايضا لا يمكن جعل الحجية لها لإثبات عدم حجيتها لأنه لغو وجزاف ولا يمكن صدوره من المولى الحكيم ولا معنى لجعل الحجية لشيء لإثبات عدم حجية نفسه فإنه غير معقول ومستحيل صدوره من المولى الحكيم لأنه لغو وجزاف.
فمن اجل ذلك لا يمكن الاستدلال بها على عدم حجية أخبار الآحاد. هذا إضافة الى انها مقطوعة البطلان وذلك لأن السيرة القطعية من العقلاء الجارية على العمل بأخبار الثقة الممضاة شرعا مانعة عن العمل بهذه الطائفة وموجبة لطرحها وتقييد أطلاقها على تقدير دلالتها لأن اخبار ثقة فلا شبهة في حجيتها وان حجيتها قطعية من جهة قطعية هذه السيرة وإمضائها من قبل الشرع فلا يمكن الأخذ بهذه الطائفة من الروايات في مقابل سيرة العقلاء الممضاة شرعا.
هذا على الفرض الأول وهو ما إذا لم تكن مزية على سائر أخبار الآحاد.
وأما إذا فرضنا ان لها مزية على سائر أخبار الآحاد كما إذا كان عليها شاهد من الكتاب او السنة فتكون هذه الطائفة متضمنة لهذه المزية وتشتمل عليها فبطبيعة الحال يكون ملاك حجيتها أقوى من ملاك حجية سائر أخبار الآحاد فعندئذ يمكن الاستدلال بهذه الطائفة على عدم حجية أخبار الآحاد ثبوتا أي في مقام الثبوت يمكن حجية هذه الأخبار من جهة انها تضمنت هذه المزية ويمكن الاستدلال بها على عدم حجية سائر أخبار الآحاد الفاقدة لهذه المزية.
لكن هذا ثبوتا. وأما إثباتا فليس هنا دليل خاص يدل على حجية هذه الطائفة، فالدليل الدال على حجية أخبار الآحاد هو السيرة القطعية من العقلاء الممضاة شرعا والمفروض ان هذه السيرة تدل على حجية أخبار الثقة سواء كان عليها شاهد من الكتاب او السنة ام لم يكن لها شاهد منهما.
فإذن لا دليل على حجية هذه الطائفة والدليل إنما هو على حجية أخبار الثقة وإن لم يكن عليها شاهد من الكتاب او السنة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo