< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

37/05/07

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: حجية خبر الواحد

كان كلامنا في الطائفة الثالثة من الروايات وهي التي تنص على ان كل خبر واحد إذا لم يكن عليه شاهدا[1] من الكتاب او السنة فلا يكون حجة فهذه الطائفة إما انه لا شاهد على نفسها من الكتاب او السنة وحالها حال سائر أخبار الآحاد التي لا شاهد عليها من الكتاب او السنة والتي لا مزية لها على سائر أخبار الآحاد ولا يكون ملاكها أقوى في الحجية عن سائر أخبار الآحاد أو أن عليها شاهد من الكتاب او السنة ولها مزية بالنسبة الى سائر أخبار الآحاد.

أما على الأول فقد ذكرنا أنه لا يمكن الاستدلال بها على عدم حجية أخبار الآحاد لأنه يلزم من فرض حجيتها عدم حجيتها فحجيتها مستحيلة. هذا مضافا إلى أن جعل الحجية لها لإثبات عدم حجيتها مستحيل لأنه لغو وجزاف ولا يمكن صدوره من المولى الحكيم.

وأما على الثاني وهو ما إذا كانت لها مزية على سائر أخبار الآحاد وكان ملاك حجيتها أقوى من ملاك حجية سائر أخبار الآحاد فعندئذ يمكن في مقام الثبوت أن تكون حجة ويمكن الاستدلال بها على عدم حجية سائر اخبار الآحاد الفاقدة لتلك المزية.

وأما في مقام الإثبات فلا دليل على ذلك لأننا بحاجة الى دليل خاص في مقام الإثبات يدل على حجية هذه الطائفة من أخبار الآحاد التي لها مزية بالنسبة الى سائر أخبار الآحاد، فإن الدليل الدال على حجية أخبار الآحاد هو السيرة القطعية من العقلاء الجارية على العمل بأخبار الثقة الممضاة شرعا وهذه السيرة التي هي حجة شرعا تدل على حجية أخبار الثقة سواء كان عليها شاهد من الكتاب او السنة ام لم يكن عليها شاهد منهما.

هذا مضافا الى انه:

لو أريد من الشاهد نص الكتاب ونص السنة فيرد عليه أن لازم ذلك عدم حجية جميع أخبار الآحاد التي ليس عليها شاهد من نص الكتاب أو من نص السنة وهو ما لا يمكن الالتزام به لوضوح ان السيرة العقلائية الممضاة شرعا قد جرت على حجية أخبار الثقة مطلقا سواء كانت عليها شاهد من الكتاب او السنة ام لم يكن فضلا عن كون الشاهد نص الكتاب.

وإن أريد منه ما هو أعم من نص الكتاب او السنة فيشمل ظاهر الكتاب وظاهر السنة فكل خبر واحد إذا كان عليه شاهد سواء كان الشاهد نص الكتاب او السنة او كان الشاهد عموم الكتاب او السنة او أطلاقهما.

إن أريد ذلك فيرد عليه أن لازم ذلك أن أخبار الآحاد التي ليس عليها شاهد من الكتاب او السنة لا تكون حجة وكذلك أخبار الآحاد التي تكون مخالفة لعموم الكتاب او السنة أو إطلاقهما مع ان الأمر ليس كذلك لأن الدليل القطعي قد قام على حجية أخبار الثقة مطلقا سواء كان عليها شاهد من الكتاب او السنة ام لم يكن عليها شاهد منهما، فإن السيرة العقلائية القطعية الممضاة شرعا تدل على حجية أخبار الثقة وإن لم يكن عليها شاهد من الكتاب او السنة، ومن الواضح ان هذه الطائفة من الروايات لا تصلح لأن تعارض السيرة لأن السيرة دليل قطعي على حجية أخبار الثقة وهذه الطائفة من الروايات دليل ظني فلا يمكن أن تصلح هذه الطائفة من الروايات لأن تعارض السيرة فلا بد من تقديم السيرة عليها، ومقتضى السيرة حجية أخبار الآحاد إذا كانت من الثقة سواء كان عليها شاهد من الكتاب او السنة ام لم يكن.

وعلى هذا فلا بد من حمل هذه الطائفة على موارد المعارضة أي إذا وقع التعارض بين الخبرين فإن كان لأحدهما شاهد من الكتاب او السنة دون الآخر فلا بد من تقديمه على الآخر، فيكون وجود الشاهد على الخبر من الكتاب او السنة من مرجحات باب المعارضة.

فالنتيجة ان هذه الروايات بأجمعها لا تصلح لأن تكون دليلا على عدم حجية أخبار الآحاد فلا يمكن الاستدلال بها فإنها غير تامة الدلالة.

بقي هنا شيء وهو ما جاء في تقرير السيد الاستاذ(قده)[2] وهو أن هذه الطائفة من الروايات تدل على أن كل خبر واحد إذا لم يكن عليه شاهد من الكتاب او السنة فهو ليس بحجة وفي مقابل ذلك هناك دليل ـــ كالسيرة القطعية من العقلاء الممضاة شرعا ـــ يدل على حجية أخبار الثقة، وحيث ان نسبة هذا الدليل الى هذه الطائفة نسبة الخاص الى العام فيقيد إطلاق هذه الطائفة ويخصص عمومها بغير أخبار الثقة.

والظاهر أن هذا إما اشتباه من المقرِّر أو سهو من القلم لأن النسبة بين هذه الطائفة وبين السيرة العقلائية الجارية على العمل بأخبار الثقة عموم من وجه لا عموم وخصوص مطلق، فإن السيرة خاصة من جهة وعامة من جهة أخرى وكذلك هذه الطائفة فإنها خاصة من جهة وعامة من جهة اخرى.

فأما كون السيرة خاصة من جهة أن موردها أخبار الثقة وكونها عامة فمن جهة أنها تدل على حجية أخبار الآحاد إذا كان المخبر بها ثقة سواء كان عليها شاهد من الكتاب او السنة او لم يكن عليها شاهد منهما. وأما هذه الطائفة فهي خاصة من جهة أن موردها أخبار الآحاد التي عليها شاهد من الكتاب او السنة، وعامة من جهة ان الخبر الذي عليه شاهد من الكتاب او السنة يكون حجة سواء كان خبر ثقة او لم يكن خبر ثقة.

فتقع المعارضة بينهما في مورد الالتقاء والاجتماع وهو ما إذا كان خبر الواحد ثقة ولم يكن عليه شاهد من الكتاب او السنة، فالسيرة تدل على حجية هذا الخبر حيث انه خبر ثقة وهذه الطائفة تدل على عدم حجيته حيث لا شاهد عليه من الكتاب او السنة فتقع المعارضة بينهما، وهي معارضة مستقرة، وحيث انه لا ترجيح في البين فلا بد من تقديم السيرة على هذه الطائفة لأن السيرة دليل قطعي باعتبار انها جارية في زمن النبي الأكرم (ص) وزمن المعصومين(ع) بمرأى ومسمع منهم ولم يرد ردع منهم عنها ولهذا أصبحت من المرتكزات، وهذه الطائفة دليل ظني، فلا بد من تقديم السيرة في مورد الاجتماع على هذه الطائفة من الأخبار.

هذا تمام كلامنا في الاستدلال بالروايات.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo