< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

37/07/04

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أدلة حجية خبر الواحد – آية النبأ

إلى هنا قد تبين أن الآية المباركة ظاهرة في أن علة وجوب التبين الوصف العرضي دون الوصف الذاتي ولكن الآية لا تدل على ان الصف العرضي علة منحصرة لوجوب التبين فإن دلالتها على ذلك تتوقف على توفر امرين:

الأول: الالتزام بمفهوم القيد، أي بمفهوم الوصف وأن الوصف يدل على المفهوم.

ولكن تقدم انه لا يدل على المفهوم.

الثاني: ان تدل الآية الكريمة على ان الوصف العرضي علة منحصرة لوجوب التبين.

ولكن الآية لا تدل على ذلك، فإن الدلالة على أنه علة منحصرة بحاجة الى أداة الحصر أو قرينة من الداخل او الخارج، وشيء منهما غير موجود.

فمن أجل ذلك مجرد ان علة وجوب التبين الوصف العرضي دون الوصف الذاتي لا يكفي في دلالة الآية المباركة على حجية خبر العادل بمفهوم الوصف.

الوجه الرابع: ما ذكره المحقق الأصفهاني[1] (قده).

وحاصل ما ذكره: ان دلالة الآية المباركة على حجية خبر العادل بمفهوم الوصف تتوقف على مقدمتين:

المقدمة الأولى: أن دلالة الآية المباركة على حجية خبر العادل في هذه الدلالة مجموعة من الاحتمالات:

الاحتمال الأول: أن يكون كل من الوصف الذاتي والوصف العرضي بعنوانه وباسمه الخاص علة لوجوب التبين.

الاحتمال الثاني: أن المجموع علة لوجوب التبين وكل واحد منهما جزء العلة لا تمام العلة.

الاحتمال الثالث: أن يكون العلة لوجوب التبين أحدهما إجمالا.

الاحتمال الرابع: أن يكون العلة لوجوب التبين خصوص الوصف الذاتي.

الوجه الخامس: أن يكون علة وجوب التبين الوصف العرضي.

ثم ذكر أما الاحتمال الاول فهو غير محتمل، لما ذكرناه من انه إذا كان التعليل بالوصف الذاتي ممكنا فلا يصل الدور الى التعليل بالوصف العرضي بل هو لغو وقبيح بنظر العرف والعقلاء. مثلا إذا أمكن تعليل نجاسة البول بالوصف الذاتي وهو البولية فلا يصل الدور الى تعليل نجاسته بالوصف العرضي وهو الملاقاة للدم وما نحن فيه كذلك.

فإنّ خبرية الخبر التي هي وصف ذاتي لو كان علة لوجوب التبين فلا يصل الدور الى الوصف العرضي فإن معنى ان خبرية الخبر علة لوجوب التبين هو وجوب التبين عن مطلق الخبر سواء كان خبر عادل ام كان خبر فاسق، وعندئذ فتعليل وجوب التبين عن خبر الفاسق بوصف عرضي لغو، بل تحصيل للحاصل وهو لا يمكن.

فالنتيجة أن الاحتمال الأول بأن يكون كل من الوصف الذاتي والوصف العرضي بعنوانه الخاص واسمه المخصوص علة مستقلة لوجوب التبيين فهذا غير محتمل.

واما الاحتمال الثاني وهو أن يكون العلة لوجوب التبيين مجموع الوصف والذاتي والوصف والعرضي ويكون كل منهما جزء العلة فهذا خلاف ظاهر الآية المباركة فإن ظاهر الآية المباركة أن الوصف العرضي بعنوانه الخاص واسمه المخصوص علة لوجوب التبين دون الوصف الذاتي.

هذا مضافا الى انه يكفي كون الوصف العرضي جزء العلة لأنه إذا كان كذلك ينتفي وجوب التبين بانتفاء العلة والعلة تنتفي بانتفاء أحد جزئيها، فإذا انتفى الوصف العرضي انتفت العلة التي هي مركبة من الوصف الذاتي والوصف العرضي ومع انتفاء الوصف العرضي ينتفي وجوب التبين عن خبر الفاسق.

والنتيجة ان هذا الاحتمال ايضا غير صحيح.

وأما الاحتمال الثالث وهو ان يكون العلة لوجوب التبين أحدهما الاجمالي والمراد منه أحدهما العنواني الانتزاعي لا الجامع الذاتي، لأن الجامع الذاتي بين الوصف العرضي والوصف الذاتي غير معقول، فلا يكونا مشتركين في جامع ذاتي بينهما أي في الجنس والفصل، فلا محالة يكون المراد من الجامع هو الجامع العنواني الانتزاعي وهو عنوان أحدهما. ومن الواضح ان الجامع العنواني لا يصلح ان يكون علة لوجوب التبين. فأنه إن أريد من أحدهما هو أحدهما المفهومي فلا واقع موضوعي له غير وجوده في عالم الذهن، فكيف يكون علة لوجوب التبين! وإن أريد أحدهما المصداقي وهو عبارة عن الفرد المردد فالفرد المردد غير معقول وجوده في الخارج، فعندئذ فرض ان العلة لوجوب التبين أحدهما الاجمالي فهذا في نفسه غير صحيح ثبوتا.

واما في مقام الإثبات فهو خلاف الظاهر من الآية المباركة لأنها ظاهرة في ان الوصف العرضي بعنوانه وباسمه الخاص علة لوجوب التبين.

واما الاحتمال الرابع وهو ان يكون العلة لوجوب التبين الوصف الذاتي فهو خلاف ظاهر الآية الكريمة لأنها ظاهرة في ان علة وجوب التبين الوصف العرضي دون الذاتي.

فإذاً يتعيّن الوجه الخامس وهو ان علة وجوب التبين الوصف العرضي، والآية المباركة ظاهرة في ان الوصف العرضي هو العلة لوجوب التبين، لكنها لا تنفي علة أخرى لوجوب التبين واحتمال ان تكون هنا علة أخرى لوجوب التبين في عرض الوصف العرضي فالآية لا تنفي هذا الاحتمال وساكتة عنه.

هذه هي المقدمة الأولى.

المقدمة الثانية: إذا فرضنا ان هناك علة أخرى لوجوب التبين غير الوصف العرضي وفي عرضه فهل المؤثر كل واحد منهما مستقلا وبعنوانه الخاص واسمه المخصوص وبنحو الاستقلال أو ان المؤثر الجامع بينهما؟

والجواب عن ذلك ان كلا الأمرين لا يمكن الالتزام به:

أما الأمر الأول فيلزم منه صدور الواحد عن الكثير وهو مستحيل فإن المعلول الواحد لا يمكن ان يصدر عن علتين مستقلتين، فالواحد لا يصدر إلا من واحد، فلا يمكن صدور معلول واحد الا عن علة واحدة ولا يمكن صدوره عن علتين مستقلتين متباينتين. فلا يمكن تأثير كل منهما في وجوب التبين، لأنه وجوب واحد ولا يمكن ان يكون معلولا لعلتين مستقلتين وإلا لزم صدور الواحد عن الكثير وهو مستحيل.

واما الثاني وهو ان يكون العلة الجامع بين العلتين فهو خلاف ظاهر الآية المباركة إذ ظاهرها أن الوصف العرضي بعنوانه الخاص وباسمه المخصوص هو العلة فلو كان العلة هو الجامع بينهما لزم منه الغاء خصوصية الوصف العرضي واسمه الخاص مع ان ظاهر الآية المباركة أن الوصف العرضي بعنوانه وباسمه الخاص علة لوجوب التبين.

فإذا ضممنا المقدمة الأولى وهي ان الآية ظاهرة في ان العلة هو الوصف العرضي الى المقدمة الثانية وهي ان العلة ليس الجامع بينه وبين علة أخرى تكون النتيجة ان علة وجوب التبين منحصرة في الوصف العرضي، فيكون الوصف العرضي علة منحصرة لوجوب التبين.

فمن أجل ذلك تدل الآية الكريمة على حجية خبر العادل بمفهوم الوصف.

هكذا ذكره المحقق الأصفهاني.

وللمناقشة فيه مجال.

أما اولاً: فلأن كبرى ان الواحد لا يصدر إلا من واحد لا تنطبق على المقام فإن موردها العلل الطبيعية الخارجية واما في المقام فليس كذلك لأن المقام من قبيل جعل وجوب التبين عند وجود الشرط وهذا الجعل من الشارع فالشارع جعل وجوب التبين عند مجيء الفاسق بالنبأ وهو فعل اختياري للمولى فله أن يجعل وله أن لا يجعل وليس معلولا للشرط حتى يكون الشرط مؤثرا فيه كتأثير العلة الطبيعية في معلولها بل الشرط موضوع له وتأثيره في الحكم تأثير الموضوع في حكمه بمعنى ان هذا الحكم المجعول لهذا الموضوع شرعا لا ينفك عن الموضوع.

فإذاً هذه القاعدة وهي ان الواحد لا يصدر إلا من الواحد لا تنطبق على المقام.

ومن هنا يكون العجب من المحقق الأصفهاني(قده) عندما طبق هذه القاعدة في المقام فإن صدور الواحد من الكثير مستحيل في العلل الطبيعية فإن الواحد لا يصدر منه الا الواحد، والمفروض أن الوجوب فعل الشارع وتعيين الشرط أيضا بيد الشارع.

فما ذكره المحقق الأصفهاني(قده) من تطبيق هذه القاعدة على المقام غريب.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo