< قائمة الدروس

آیةالله الشيخ محمداسحاق الفیاض

بحث الأصول

37/07/29

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: أدلة حجية خبر الواحد – آية النبأ.

كان كلامنا في رواية مسعدة والكلام في هذه الروايات يقع من جهات:

الجهة الأولى: في سندها. وقد ذكرنا في مبحث البراءة موسعا أنها غير تامة سندا وهي ضعيفة وإن عبر الفقهاء عنها بالموثقة ولكنها ليست موثقة على تفصيل يأتي في مبحث البراءة.

الجهة الثانية: أن هذه الرواية تشمل الشبهة الحكمية والموضوعية معا لأن صدرها هو: [كل شيء هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه][1] وهو يشمل الشبهة الموضوعية والشبهة الحكمية كما إذا شككنا في حرمة إناء أنه حرام او حلال فلا مانع من التمسك بقوله(ع): [كل شيء هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه]، وكذلك الحال في الشبهة الحكمية كما إذا شككنا في أن شرب التتن حرام أو حلال فلا مانع من التمسك بهذه الرواية [كل شيء هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه] فهو يشمل الشبهة الحكمية والشبهة الموضوعية معا.

والامثلة المذكورة في هذه الروايات وإن كانت مختصة بالشبهة الموضوعية إلا أن الأمثلة لا تصلح أن تكون مقيدة لإطلاق الروايات.

الجهة الثالثة: أن إثبات الشبهة الموضوعية إنما هو بالعلم الوجداني أو بالبينة [والأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة].

الجهة الرابعة: جهة سكوتية فإن المولى سكت مع أنه في مقام البيان والإطلاق الناشئ من السكوت في مقام البيان النافي لحجية خبر العدل وخبر الثقة ذكرنا أنه من أضعف الإطلاقات وهذه الدلالة من أضعف الدلالات فيقدم عليها كل دلالة وكل إطلاق، لأن الساكت لا يمكن أن يعارض الناطق.

فهذه الرواية تدل على حجية خبر العدل الواحد في الشبهة الموضوعية بالإطلاق الناشئ من السكوت في مقام البيان.

ومن الواضح أنه لا يصلح أن يكون معارضا لإطلاق مفهوم الآية المباركة، حيث أن الآية المباركة تدل بمفهومها على حجية خبر العادل في الشبهات الموضوعية والإطلاق للمفهوم الناشئ من مقدمات الحكمة إطلاق لفظي وظهوري أي موجب لظهور اللفظ في الإطلاق وهو لا شبهة في أنه مقدم على الإطلاق السكوتي.

ومع الإغماض عن ذلك وتسليم أن إطلاق رواية مسعدة إطلاق لفظي وناشئ من مقدمات الحكمة فمع هذا لا يصلح أن يعارض مفهوم الآية المباركة، لأنا إذا قلنا بأن دلالة القضية الشرطية على المفهوم إنما هي بالوضع ـــ كما أخترناه في مفهوم الشرط ـــ وأن هيئة القضية الشرطية تدل على تعليق الجزاء على الشرط وبمقتضى مولويته تدل على ان المعلق على الشرط طبيعي الحكم لا شخص الحكم المجعول في القضية فبطبيعة الحال تدل على انتفاء طبيعي الحكم بانتفاء الشرط وهذا هو المفهوم. فهيئة القضية الشرطية تدل بمقتضى مولويتها عل تعليق الجزاء الطبيعي على الشرط بالمطابقة وبالالتزام على انتفاء الطبيعي المعلق بانتفاء الشرط. ومن هنا قلنا إن دلالة القضية الشرطية على المفهوم إنما هي بالوضع.

وعلى هذا فلا شبهة في أن إطلاق رواية مسعدة وإن قلنا بأنه إطلاق لفظي ناشئ من مقدمات الحكمة ولكن لا يصلح أن يعارض دلالة القضية الشرطية في الآية المباركة على المفهوم فإن هذه الدلالة إنما هي بالوضع ولا شبهة أن الدلالة المستندة الى الوضع أقوى وأظهر من الدلة المستندة الى الإطلاق ومقدمات الحكمة.

ومع الإغماض عن ذلك وتسليم أن دلالة القضية الشرطية على المفهوم إنما هي بالإطلاق الناشئ من مقدمات الحكمة وليس بالوضع فإن هيئة القضية الشرطية تدل على تعليق أصل الجزاء على الشرط ومقتضى إطلاقها الثابت بمقدمات الحكمة تدل على ان المعلق على الشرط طبيعي الحكم لا شخص الحكم المجعول في القضية فإذا كان المعلق على الشرط طبيعي الحكم فلا محالة تدل القضية على انتفاء الطبيعي بانتفاء الشرط وهذا هو المفهوم حيث أن انتفاء شخص الحكم بانتفاء الشرط هو امر عقلي وأمر ذاتي وليس مولويا وليس من المفهوم في شيء ولكن مع ذلك لا يمكن تقديم إطلاق الرواية على إطلاق مفهوم الآية المباركة أي مفهوم القضية الشرطية في الآية المباركة.

والوجه في ذلك: أن مورد إطلاق المفهوم الشبهة الموضوعية لأن مورد الآية المباركة الشبهة الموضوعية والمفهوم بإطلاقه وإن كان يشمل الشبهات الحكمية ولكن مورده الشبهة الموضوعية. وإما أطلاق الراوية فليس مورده الشبهة الموضوعية وإنما مورده الجامع بين الشبهة الموضوعية والشبهة الحكمية، وهو يشمل الشبهة الموضوعية والشبهة الحكمية على وتيرة واحدة وفي عرض واحد، فالقدر المتيقن من إطلاق الراوية الشامل للشبهة الحكمية والشبهة الموضوعية هو الجامع بينهما وأما في إطلاق المفهوم فالقدر المتيقن مورده وهو الشبهة الموضوعية وبإطلاقه يشمل الشبهة الحكمية فالشبهة الحكمية في مرتبة متأخرة عن ذلك.

وعلى هذا فلا يمكن تقديم إطلاق الرواية في الشبهة الموضوعية على إطلاق المفهوم فإن لازم ذلك تخصيص العام بغير مورده وتقيد المطلق بغير مورده وهو مستهجن عرفا وقبيح لدى العرف العام لأن القدر المتيقن من المطلق هو مورده ولا يمكن تخصيصه وتقييده بغر مورده.

هذا مضافا إلى ان إطلاق المطلق نص في مورده لأنه متيقن منه أي أن إرادة المورد هي المتيقنة فإرادة مورد المطلق هي المتيقنة فلا بد من تقديم إطلاق المفهوم في الشبهة الموضوعية على إطلاق الرواية من باب تقديم النص على الظاهر أو تقديم الأظهر على الظاهر.

ثم أن الراوية هل هي مختصة بالشبهة الموضوعية أو تعم الشبهة الموضوعية والشبهة الحكمية معا ؟

ذكرنا أن صدر هذه الرواية يشمل الشبهة الحكمية والموضوعية معا في عرض واحد وعلى حد سواء.

ولكن ذكر السيد الاستاذ أن هذه الرواية مختصة بالشبهة الموضوعية وذكر في هذا السياق مجموعة من القرائن على ذلك وتفصيل ذلك في مبحث البراءة حيث ذكرنا هناك أن هذه القرائن غير تامة. فالرواية تشمل الشبهة الحكمية والشبهة الموضوعية معا بصدرها ولا تختص بالشبهة الموضوعية.

هذا من جانب.

ومن جانب آخر قد يقال كما قيل: إن مورد القضية الشرطية بحسب مدلولها المطابقي وبحسب منطوقها الشبهة الموضوعية. وإما إطلاق منطوق القضية الشرطية الثابت بمقدمات الحكمة فليس مورده الشبهة الموضوعية، فالشبهة الموضوعية تكون موردا لمدلول القضية الشرطية وضعا وهو أصل المنطوق وأصل مدلولها وهو تعليق الجزاء على الشرط وإما إطلاق المنطوق الثابت بمقدمات الحكمة فهو يشمل الشبهة الحكمية والموضوعية معا. والمفروض أن المفهوم نتيجة إطلاق المنطوق الثابت بمقدمات الحكمة فإذا كان المنطوق مطلقا وليس مورد إطلاق المنطوق الشبهة الموضوعية فقط كذلك إطلاق المفهوم فإن الشبهة الموضوعية ليست موردا لإطلاق المفهوم فإن إطلاق التعليق يشمل الشبهة الموضوعية والحكمية معا لأن مورد أصل التعليق هو الشبهة الموضوعية وإما كون التعليق طبيعي الحكم الثابت بمقدمات الحكمة فنسبته الى كلتا الشبهتين على حد سواء، فالقدر المتيقن هو الجامع بينهما وليست الشبهة الموضوعية هي القدر المتيقن من إطلاق المفهوم ولا القدر المتيقن من إطلاق المنطوق.

وعلى هذا فلا مانع من تقييد إطلاق المفهوم بدليل آخر كالرواية المذكورة فلا مانع من تقيد إطلاقه بغير الشبهة الموضوعية فلا يلزم محذور تقييد إطلاق المطلق بغير مورده لفرض أن مورد إطلاق المفهوم ليس الشبهة الموضوعية. فلا مانع من هذا التقييد ولا يكون مستهجنا عرفا ولا يلزم ان يكون قبيح لدى العرف العام.

هذا هو الإشكال على إمكان تقييد إطلاق المفهوم لهذه الرواية أو غيرها.

ولكن الجواب عن ذلك واضح. سيأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo