< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد محسن فقیهی

97/12/18

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: التبادر / علامات الحقیقة و المجاز / وضع

قال بعض الاُصولیّین(رحمه الله):«إنّ العلامة الأساسيّة على الوضع هي التبادر من ناحية و شيوع الاستعمال من غير قرينة من ناحية اُخرى».[1]

و قال بعض الاُصولیّین- حفظه الله:«إنّ التبادر علامة يعوّل عليها كلّ مستعلم في اللغة، صغيراً كان أو كبيراً؛ بل أهل اللغة أيضاً في كثير من الموارد، حتّى الصبيّ عند تعلّمه من اُمّه و أبيه؛ فإنّ الصبيّ إذا رأى انسباق معنى إلى أذهان والديه و من هو أكبر منه سنّاً فيما إذا اُطلق لفظ، يستنتج أنّ هذا اللفظ وضع لذلك المعنى؛ مثلاً: إذا سمع لفظ الماء من واحد منهم، ثمّ رأى إتيانه هذه المادّة السيّالة و تكرّر هذا منهم، يعلم الصبيّ أنّ معنى الماء ليس إلّا هذا. و على هذا الطريق يعتمد في فهم معاني الألفاظ غالباً، بل يكون هذا هو السبيل للذين يتعلّمون لغةً جديدةً بالمعاشرة مع أهلها؛ فالتبادر من أهمّ علائم الحقيقة و المجاز و له مكانة عظيمة بينها، فإنّه المدرك الوحيد في الغالب لفهم اللغات من أهلها».[2]

المراد من قولهم «التبادر علامة الحقيقة»

قال الشیخ المظفّر(رحمه الله):«دلالة كلّ لفظ على أيّ معنى لا بدّ لها من سبب. و السبب لا يخلو فرضه عن أحد اُمور ثلاثة: المناسبة الذاتيّة- و قد عرفت بطلانها[3] [4] - أو العلقة الوضعيّة أو القرينة الحاليّة أو المقاليّة. فإذا علم أنّ الدلالة مستندة إلى نفس اللفظ من غير اعتماد على قرينة، فإنّه يثبت أنّها من جهة العلقة الوضعيّة. و هذا هو المراد بقولهم:«التبادر علامة الحقيقة».[5]

و قال الإمام الخمینيّ(رحمه الله):«معنى كون التبادر (مثلاً) علامةً هو أنّه علامة للرابطة الاعتباريّة بين اللفظ و المعنى- سواء كانت الرابطة حاصلةً بالوضع، أو بكثرة الاستعمال إلى أن استغنت عن القرينة- لا علامة كون اللفظ موضوعاً للمعنى.

نعم، لو كان تنصيص أهل اللغة من العلائم- بأن قال أهل اللغة: إنّ اللفظ الفلانيّ وضع تعييناً لذلك المعنى- یصحّ أن يكون ذلك من علائم[6] كون اللفظ موضوعاً له، فتدبّر و اغتنم».[7]

أقول: کلامه(رحمه الله)متین؛ لحصول الاطمئنان من قولهم لو لا التعارض في کلماتهم أو ذکر المعاني المتعدّدة الموجب للتحیّر في فهم المعنی المراد من کلماتهم(علیهم السلام).

قال المحقّق الخوئيّ(رحمه الله):«التبادر هو انتقال الذهن من اللفظ إلى المعنى من دون قرينة و لا بدّ لهذا الانتقال من موجب. و هو لا يخلو إمّا من اقتضاء ذات اللفظ و طبعه، أو من جهة وضع الواضع و جعله له، أو من أجل قرينة اقتضت ذلك، أو من جهة العلم بالوضع. و الأوّل معلوم العدم؛ فإنّ طبع اللفظ لو اقتضى الانتقال إلى المعنى بلا حاجة إلى الوضع، للزم على كلّ شخص أن يعرف جميع لغات العالم و هو باطل بالضرورة. و الثاني كذلك، فإنّ مجرّد الجعل لو كان سبباً في الانتقال، للزم حصول الانتقال إلى المعنى لكلّ شخص بمجرّد تحقّق الوضع خارجاً و هو منتفٍ بالضرورة أيضاً.

و الثالث كذلك؛ لأنّ الفرض أن لا تكون هناك قرينة ليستند الانتقال إليها، فلا محالة يتعيّن. الرابع و هو أنّ الانتقال نشأ من العلم بالوضع فيستكشف أنّ اللفظ حقيقة في هذا المعنى باعتبار انتقال من هو عالم بالوضع إليه؛ لأنّ علمه في هذا الحال موجب للانتقال. و لهذا قيل: إنّ التبادر علامة الحقيقة»[8] .

أقول: کلامه(رحمه الله)متین.

کلام الإمام الخمینيّ في أهمّیّة التبادر في المقام

قال(رحمه الله):«لا نرى غير التبادر علامةً للوضع. و غيرها يرجع إليه أو مسبوق به، كما يظهر بالتأمّل».[9]

أدلّة کون التبادر علامةً للحقیقة (أدلّة ثبوت الوضع بالتبادر)الدلیل الأوّل

لو لا كونه موضوعاً له دون غيره، لم يسبق فهمه. [10]

کما قال المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله):«بداهة أنّه لو لا وضعه له، لما تبادر».[11]

أقول: کلامه(رحمه الله)متین.

الدلیل الثاني

قال الوحید البهبهانيّ(رحمه الله):«إنّ التبادر في عرفنا علامة الحقيقة فيه؛ لأنّ الدلالة منحصرة في القرينة أو الوضع. و حيث لم يكن قرينةً و حصل الفهم علم الوضع و يعلم أنّه في اصطلاح المعصوم(علیه السلام)أيضاً كذلك في موضع لم يكن للفظ معنى حقيقيّ سوى هذا؛ لأصالة عدم التغيّر و غيرها».[12]

أقول: کلامه(رحمه الله)متین.

کما قال السیّد المجاهد(رحمه الله):«إنّ فهم المعنى من اللفظ لا بدّ و أن يكون لسبب و إلّا لزم الترجيح بلا مرجّح؛ لتساوي نسبة الألفاظ إلى المعاني. و ذلك السبب إمّا الوضع أو القرينة، فإن كان الأوّل فهو المطلوب و إن كان الثاني فهو غير محلّ الفرض».[13]

و کما قال المحقّق الخوئيّ(رحمه الله):«الوجه في كونه علامةً للحقيقة أنّ دلالة اللفظ على المعنى لا تخلو من وجوه ثلاثة لا رابع لها؛ فإمّا أن تكون ذاتيّةً و إمّا أن تكون وضعيّةً و إمّا أن تكون بالقرينة. أمّا الوجه الأوّل، فقد تقدّم الكلام في بطلانه بما لا مزيد عليه. و أمّا الوجه الأخير فهو خارج عن الفرض؛ إذ المفروض كون التبادر علامةً للحقيقة فيما إذا كان الانسباق من اللفظ بلا قرينة حاليّة أو مقاليّة؛ فالمتعيّن هو الوجه الوسط، فيكون التبادر كاشفاً عن الوضع كشف المعلول عن العلّة».[14]

الدلیل الثالث

إنّ الوضع على ما صرّحوا به تخصيص شي‌ء بشي‌ء بحيث ما إذا اُطلق الشي‌ء الأوّل فهم منه الشي‌ء الثاني فهم المعنى مجرّداً عن القرينة من لوازمه؛ فيكون الاستدلال به من باب الاستدلال باللازم على الملزوم. [15]

أقول: کلامه(رحمه الله)متین.

الدلیل الرابع: الاستقراء القطعي. [16]

أقول: کلامه(رحمه الله)متین.

الدلیل الخامس

إنّ اللفظ و المعنى لو لم يكن بينهما ارتباط حقيقيّ لم يتبادر من بين المعاني المتعدّدة المحتملة هذا المعنى؛ إذ لا يتصوّر خصوصيّة للانسباق سوى ذلك، فهذه الخصوصيّة علّة للتبادر.[17]

أقول: کلامه(رحمه الله)متین.

 


[3] نهاية الوصول إلى علم الاُصول، ج1، ص50 قال : لا شكّ أنّ دلالة الألفاظ على معانيها في أيّة لغة كانت ليست ذاتيّةً، كذاتيّة دلالة الدخان- مثلاً- على وجود النار و إن توهّم ذلك بعضهم‌ [توهَّمَه عبّاد بن سليمان الصيمريّ و بعض المعتزلة و أصحاب الإكسير. راجع:] لأنّ لازم هذا الزعم أن يشترك جميع البشر في هذه الدلالة، مع أنّ الفارسي- مثلاً- لا يفهم الألفاظ العربيّة و لا غيرَها من دون تعلّم و كذلك العكس في جميع اللغات. و هذا واضح.و عليه، فليست دلالة الألفاظ على معانيها إلّا بالجعل و التخصيص من واضع تلك الألفاظ لمعانيها. و لذا تدخل الدلالة اللفظيّة هذه في الدلالة الوضعيّة.
[4] اُصول الفقه، المظفّر، ج1، ص53.
[6] . الصحیح : علامات.
[8] مصابیح الاُصول، ج1، ص77.
[10] نهاية الوصول إلى علم الاُصول، ج1، ص292.
[14] مصباح الاُصول، (مباحث الألفاظ)، ج1، ص10.
[16] ضوابط الاُصول، ج1، ص39.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo