< فهرست دروس

درس خارج اصول استاد محسن فقیهی

97/12/20

بسم الله الرحمن الرحیم

موضوع: التبادر / علامات الحقیقة و المجاز / وضع

الإشکالات علی کون التبادر من علامات الحقیقةالإشکال الأوّل

إنّ فهم المعنى من اللفظ بدون القرينة موقوف على العلم بالوضع؛ فلو توقّف العلم بالوضع على فهم المعنى بدون القرينة لزم الدور و هو باطل.

أجوبة عن الإشکال الجواب الأوّل

إنّه إنّما يلزم لو كان المراد تبادر الجاهل بالوضع بمعنى أنّ الجاهل بالوضع يستدلّ في استكشافه الوضع بالتبادر الحاصل له و هو باطل؛ فإنّ ظاهر كلمات القوم أنّ المراد تبادر العالم بالوضع بمعنى أنّ الجاهل به يراجع العالم به و يلاحظ فهمه بالنسبة إلى ذلك اللفظ بأن يلقى إليه مجرّداً عن القرينة من غير سؤال عن معناه؛ فما فهمه منه فهو المعنى الحقيقيّ على أنّا نمنع الدور أيضاً و كان المراد تبادر الجاهل؛ لأنّا لا نسلّم توقّف الفهم على العلم بالوضع؛ فإنّ الاشتهار يقتضي تبادر المعنى و فهمه من اللفظ المجرّد قطعاً لحصول المؤانسة الموجبة للتفاهم. و التفاهم للاشتهار لا يوجب العلم بالاشتهار، فضلاً عن العلم بالوضع.[1]

أقول: کلامه الأوّل متین؛ أمّا کون المراد تبادر الجاهل مخدوش، حیث إنّ الجاهل لا تبادر له أصلاً و لا مؤانسة للتفاهم أصلاً. و لو کان المراد من الجاهل الجاهل بالوضع و العالم بالاستعمالات؛ فلا إشکال في حصول التبادر عنده؛ إذ یصیر من أهل العرف؛ فالعلم الإجماليّ بالاستعمالات یوجب العلم التفصیليّ بالوضع لو حصل التبادر و حصل الاطمئنان.

کما قال المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله):«الموقوف عليه غير الموقوف عليه؛ فإنّ العلم التفصيليّ بكونه موضوعاً له موقوف على التبادر و هو موقوف على العلم الإجماليّ[2] الارتكازيّ به لا التفصيلي؛ فلا دور. هذا إذا كان المراد به التبادر عند المستعلم. و أمّا إذا كان المراد به التبادر عند أهل المحاورة، فالتغاير أوضح من أن يخفى».[3]

تبیین کلام المحقّق الخراساني

قال المحقّق الخوئيّ(رحمه الله):«يمكن الجواب عنه- كما في الكفاية- بوجهين:

1 - إنّ المراد هو التبادر عند العالم باللغة لا التبادر عند الجاهل المستعلم؛ فالعلم الذي يتوقّف عليه التبادر هو علم أهل اللغة و العلم الذي يترتّب على التبادر هو علم المستعلم؛ فالمتوقّف على التبادر غير المتوقّف عليه التبادر.2 - إنّ العلم التفصيليّ بالموضوع له موقوف على التبادر. و التبادر موقوف على العلم الارتكازيّ الذي قد يعبّر عنه بالعلم الاجمالي. و ليس المراد منه العلم الإجماليّ المذكور في قاعدة الاشتغال. و هو ما كان متعلّقه مردّداً بين أمرين أو أمور، بل المراد هو العلم الذي يكون موجوداً في خزانة النفس و لا يلتفت إليه الإنسان بالتفصيل و يكون مغفولاً عنه قبالاً للعلم التفصيليّ الذي يلتفت إليه الإنسان.

و توضيحه: أنّ الإنسان ربّما يكون عالماً بالموضوع له و لكنّه لا يلتفت إلى جميع خصوصيّاته من حيث السعة و الضيق حتّى من أهل اللغة. و يستعمل اللفظ في المعنى بحسب ما هو مرتكز في نفسه، مع غفلته عن بعض خصوصيّات المعنى من حيث السعة و الضيق؛ فإذا أراد أن يعلم المعنى تفصيلاً رجع إلى نفسه؛ فكلّما سبق إلى ذهنه حين الإطلاق بحسب الإرتكاز، علم أنّه هو الموضوع له؛ فالمترتّب على التبادر هو العلم التفصيليّ بالموضوع له و المتوقّف عليه التبادر هو العلم الإرتكازيّ به، فلا دور».[4]

أقول: کلامه(رحمه الله)متین.

قال الإمام الخمینيّ(رحمه الله)بعد إتیان کلام المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله):«هذا الجواب حسن».[5]

ردّ الجواب[6]

قال السیّد الشاهروديّ(رحمه الله):«ما أفاده في دفع الدور لا يجدي؛ ضرورة أنّه مع الجهل بالموضوع له لا يتبادر المعنى قطعاً و إن علمه إجمالاً و يكون خطوره في ضمن معان عديدة بعد إلقاء اللفظ من نفسه أو غيره كخطوره قبله؛ فإشكال الدور باقٍ على حاله و لا دافع له. و ينحصر طريق استعلام الحقيقة بالسؤال عن العالمين بالأوضاع.

و لكنّ الإشكال كلّه في حصول العلم لهم؛ ضرورة أنّ مجرّد استعمالهم لفظاً في معنى لا يكون أمارةً على الحقيقة؛ لاحتمال اعتمادهم على القرائن المختفية عن نظر غيرهم؛ فلا يكون تبادر المعنى لدى العالمين بالوضع أمارةً عليه للجاهل بالوضع. و الاعتماد على أصالة عدم القرينة لإثبات كون التبادر بنفس الوضع- أعني كونه من حاقّ اللفظ دون القرينة- مشكل؛ إذ المتيقّن من اعتبار أصالة عدم القرينة هو ما إذا اُريد من لفظ معنى و شكّ في أنّه كان بالقرينة أو بغيرها. و أمّا إذا لم يعلم بكون الاستعمال على نحو الحقيقة أو المجاز- مع خفاء القرينة علينا- فلم يثبت‌ اعتبارها».[7]

یلاحظ علیه،

أوّلاً: أنّ الجاهل بالکلّیّة یرجع إلی العرف؛ فإن تبادر معنی من إطلاق لفظ فیحصل للجاهل الاطمئنان بأنّ هذا اللفظ موضوع لهذا المعنی تعییناً أو تعیّناً، خصوصاً مع تکراره عند العرف.

و ثانیاً: لو کان الجاهل بالوضع عالماً بالاستعمالات العرفیّة فقد یحصل له العلم التفصیليّ بالوضع بعد الدقّة في مصادیق الاستعمالات العرفیّة. و لا ینحصر طریق استعمال الحقیقة بالسؤال عن العالمین بالأوضاع، بل یرجع إلی العرف و بتکراره عندهم یحصل له الاطمئنان.

و ثالثاً: إحتمال اعتمادهم علی القرائن المختفیة منتفیة عند العالم بالعلم الإجماليّ بالاستعمالات؛ فالرجوع إلی العرف و استعمالاتهم یوجب الاطمئنان بالمعنی المراد و المعنی الموضوع له بأصالة عدم القرینة في موارد احتمالها؛ فالأمر سهل؛ مضافاً إلی أنّ المحالیّة لا تتصوّر في الاُمور الاعتباریّة و الوضع منها.

 


[1] مفاتيح الاُصول : 68.
[2] يطلق العلم الإجماليّ تارةً على عنوان كلّيّ و تلحظ الأفراد بنحو الإجمال ككلّيّة الكبرى في الشكل الأوّل. و اُخرى العلم الإجماليّ المصطلح في الاُصول المقابل للعلم التفصيلي. و ثالثةً على معنى موجود في الذهن مغفول عنه و عند ذكر اللفظ يلتفت إليه. و هذا الأخير هو المراد منه فى المقام. و لذا قيّده بالارتكازيّ و بالمعنى الأوّل يجاب عن الإشكال الوارد عن الشكل الأوّل من لزوم الدور. و حاصله: أنّ الإشكال كلّها ترجع في مقام تصحيحها إلى الشكل الأوّل و الشكل الأوّل غير صحيح؛ للزوم الدور؛ لأنّ النتيجة تتوقّف على الكبرى و كلّيّة الكبرى تتوقّف على النتيجة و اُجيب بالإجمال و التفصيل. هامش منهاج الاُصول 1 : 77.
[4] مصباح الاُصول (مباحث الألفاظ) ‌1 : 110 - 111.
[6] الإشکال علی کلام المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله).
[7] نتائج الأفكار في الاُصول ‌1 : 79 - 80.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo