< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

31/11/25

بسم الله الرحمن الرحیم

خلاصة البحث

في الشبهة المصداقیة:

تعریفها في هذه المنهجیة: هي اشتباه الحکم لاشتباه مصداقه. لا بسبب الجهل بما دلِّ علی الحکم أو بسبب الجهل بمفهوم المتعلق.

أسبابها: کثیرة لا تحصی لأنها مرتبطة بالظروف الخارجیة.

معالجتها: فبحث أولا علی قطع. فإن لم یحصل القطع نبحث عن أمارة لاثبات الموضوعات مثل: البیِّنة، خبر واحد ثقة ...

فإن لم نجد أمارة نبحث عن قاعدة لاثبات الموضوعات مثل: قاعدة الید، قاعدة سوق المسلمین، القرعة ...

فإن لم نجد نبحث عن أصل موضوعي مثل: الاستصحاب الموضوعي، الأصول العدمیة...

وإلا استحکمت الشبهة ونلجأ حینئذ إلی ما ذهب إلیه الأصولیون في مسألة الشبهة المصداقیة من جواز التمسک بالعام أو عدمه، ومع عدم التمسک بالعام نذهب إلی دلیل آخر لعدم انطباق العنوان، والأحکام تابعة لعناوینها.

التأکید علی أن دور العرف والعلوم التطبیقیة مثل الطب والهندسة والفلک وغیر ذلک هو مساعدة المکلف لتحصیل قطع أو اطمئنان بالمصداق ولیست مرجعیة أبدا.

الشبهة المصداقیة

البحث في الشبهة المصداقیة في النقاط الثلاث:

في تعریفها في أسبابها وفي کيفية معالجتها

تعريفها:

أما النقطة الأولی: وهي تعريف الشبهة المصداقية.

وهي إذا ما اتضح اللفظ والحکم واشتبه المصداق.

يعني الحكم واضح والمفهوم واضح اما المصداق فمشتبه.

مثلاً: الدم نجس. فالحکم معلوم وهو النجاسة، ومفهوم المتعلّق ـ الدم ـ واضح، نعم لا أدري إن کان هذا السائل الأحمر الخارجي دماً أم لا؟

فاشتباه حکم هذا السائل لا بسببه ولا بسبب الجهل بالمفهوم، بل بسبب اشتباه المصداق الخارجي.

أسبابها:

الاشتباه ناشئ من أمور خارجیة ولا مجال لحصرها لأن الأمور الخارجیة کثیرة جداً، والظروف التي تؤدي إلی اشتباه الأشیاء متنوّعة جداً.

طریقة المعالجة:

وأما النقطة الثالثة، وهي طریقة معالجة الشبهة المصداقية.

فنقول : نعالجها إما بتحصیل قطع، وإلا بأمارة معتبرة في إثبات الموضوعات، وإلا بالقواعد العامة في إثبات الموضوعات، وإلا بأصل موضوعي، وإلا خرجت من حکم العام، وحینئذ نرجع إلی دلیل آخر.

وإلیک بعض التفاصیل:

نبدأ بمحاولة تحصيل قطع بالمصداق.

فإذا شککت أن هذا السائل الأحمر الخارجي دم أم لا؟ أحاول أن أحصل على طریق يفید القطع بأن هذا السائل دم. کالرائحة أو المختبر. 1

توضيح وتنبيه: القطع الطريقي لا مجال له أبداً في سلب الحجية عنه ، يعني لو جاء مرجع تقليدي وقال: هذا ليس دماً صلِّ فيه، وأنا أعتقد أنه دم ،أنا لا يجوز لي أن أصلي فيه بل أخالف مرجعي ، نعم القطع الموضوعي إذا كان صفتياً فليس کذلک بل يصبح مثل بقية الأمور الموضوعية مثل الحزن والفرح.

فإن لم نحصل علی قطع بالمصداق، نبحث عن أمارة یثبت في علم الأصول اعتبارها وحجیتها في إثبات المصادیق الخارجیة.

مثلاً: شاهد عدل أو بیّنة (شاهدي عدل) أو خبر ثقة أو حسن ظاهر، أو شهرة معتبرة.

إذن المرحلة الثانية البحث عن أمارة معتبرة في إثبات الموضوعات وهي مثلاً: خبر العادل، البينة يعني شاهدين عدلين، أو خبر ثقة حتى لو لم يكن عدلاً أو حسن الظاهر وهو أمارة لإثبات عدالة شخص...

إذا لم نجد القطع الوجداني نرجع إلی أمارة معتبرة في إثبات الموضوعات فإن لم نجد أمارات نرجع إلی القواعد العامة في إثبات المصادیق.

مثلاً: قاعدة الید ، قاعدة سوق المسلمین، قاعدة ید المسلم، قاعدة القرعة.

مثلاً: قاعدة اليد أمارة على الملكية إذا شككت أن هذا ملك لي أو لا، وکان تحت يدي، فالقاعدة تثبت ملکيتي له، وهذه القاعدة موجودة عند الناس وفي القانون المدني الوضعي، وقد أقرّها الشارع.

قاعدة سوق المسلمين أمارة على الطهارة وعلى الحلية، الصادق(عليه السلام) يقول: " وَاللَّهِ إِنِّي لَأَعْتَرِضُ السُّوقَ فَأَشْتَرِي بِهَا اللَّحْمَ وَ السَّمْنَ وَ الْجُبُنَّ وَ اللَّهِ مَا أَظُنُّ كُلُّهُمْ يُسَمُّونَ هَذِهِ الْبَرْبَرُ وَ هَذِهِ السُّودَانُ "؛ المراد من البربر والسودان الذين قليلاً ما يلتفتون للأحکام، الشاهد: المراد أني أدخل هذا السوق سوق المسلمين أشتري وآكل اللحم والجبين والسمن وأنا أعلم أن بعضها ربما غير طاهر أو غير مذکی، بل أقطع أن بعضها ميتة إذا کان علی نحو الشبهة غير المحصورة؛ وإلا لم يبق للمسلمين سوق کما في الحديث.

قاعدة يد المسلم: يد المسلم أمارة على الحلية وعلى الطهارة وهي أمارة علی عدة أشياء

وقاعدة القرعة: والقرعة أمر اخترعه الناس لسد حاجة حسم الخلاف عند عدم الدليل. وغير ذلک من القواعد.

فإن لم یکن نرجع إلی الأصول التي تثبت الموضوعات.

مثلاً : الاستصحاب الموضوعي، الأصول العدمیة.

الاستصحاب الموضوعي، أصالة الفساد، الأصول العدمية، أصالة عدم كونه كذا، كلها أصول لإثبات الموضوعات.

ملاحظة:

الفساد بالمعنی الفقهي هو عدم ترتب الأثر في المعاملات فتکون أصالة الفساد هي نفسها أصالة عدم ترتب الأثر.

أما بالمعنی الأصولي فهو تمامية الأجزاء والشرائط فتکون أصالة الفساد أصلاض موضوعياً ينقح موضوع عدم ترتب الأثر.

وإلا استحکمت الشبهة في المصداق وتخرج من حکم العام، لأن الحکم مترتب علی الموضوع ولم یحرز انطباق العام علی الموضوع.

فمثلاً: الدم نجس وأشک أن هذا الشيء الخارجي دم أم لا؟ فلا أحکم بنجاسته، لأن العام هو «الدم»، لم یثبت انطباقه علی هذا السائل الخارجي. ولا بد من إحراز انطباق العنوان لأن الأحکام تابعة لعناوینها.

فتنطبق العمومات الأعم أو الأصول الموضوعیة.

أما العرف فقد ذکرنا أنه مرجع في تحدید المفاهیم العرفیة لا المصادیق. نعم قد أستعین به لتحصیل العلم أو الاطمئنان في انطباق العنوان علی المصداق، فیکون دوره دور الوسیلة التي تعین المکلف لکن المرجعیة في تحدید المصادیق تعني المکلَّف نفسه وهنا یتبیّن دور العلوم التطبیقیة من طب وهندسة وفلک وغیر ذلک.

فدورها محصور في إعانة المکلَّف علی الوصول إلى العلم، فلو أن الطبیب قال للمریض: هذا الطعام یضرک لم یکن حجة علیه إلا إذا أدَّی إلی قناعة عند المریض. وبعبارة اُخری: قناعة المکلَّف حجة علیه وقول الطبیب مجرد مساعد لتکوین القناعة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo