< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

33/02/25

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ العقد الفضولي/ مقدمات

المقدمة الرابعة: معنى صحة عقد الفضولي ومعنى الصحة هنا هو وقوع العقد بتمام أجزائه وشرائطه مع توقف تأثيره على الإجازة – تام الأجزاء والشرائط لكنه معلق، ليس الصحة معلقة بل تأثير العقد هو المعلق- .

إنما ذكرنا هذا لان الفقهاء عرفوا الصحيح كما في علم الأصول في بحث الصحيح والأعم، بان الصحيح هو تمام الأداء وعدم وجوب القضاء في العبادات، وترتب الأثر في المعاملات.

الصحة في العبادات شيء وفي المعاملات شيء آخر. الفساد ما يقابله، والفساد في العبادات هو عدم تمامية الأداء في وقته، ووجوب القضاء في خارج الوقت.

وأما في المعاملات فالصحة ترتب الأثر والفساد عدم ترتبه.

على تعريف الفقهاء لا يكون عقد الفضولي صحيحا، لان الأثر لا يترتب إلا على الإجازة اللاحقة.

أما على تعريف الأصوليين الصحة معناها تمامية الأجزاء والشرائط، عقد الفضولي صحيح يتوقف أثره على الإجازة.

لا بد من الإشارة إلى أن معنى الصحة عند الفقهاء يختلف عن الصحة والفساد عند الأصوليين وعند الكلاميين لان لكل علم غاية وهدف، ولذلك يختلف المصطلح بحسبهما، فاختلاف الغايات يقتضي أحيانا اختلاف المصطلحات بحيث تخدم الغاية.

إذن ليس معنى الصحة هو ترتب الأثر لأنه لا يترتب إلا بعد الإجازة، فمعنى صحة عقد الفضولي هو تمام الأجزاء والشرائط تمام الأركان وليس معناه المؤثر.

المقدمة الخامسة: وهي أن الإجازة لا دخالة لها بمفهوم العقد ولا بلزومه، الإجازة معناها الرضا، وذكرنا سابقا أن الرضا شرط في التأثير وليس شرطا لا في المفهوم والماهية ولا في الصحة ولا في اللزوم. بل الإجازة لها دخالة في التأثير فقط، نعم إذا تم العقد وأثر أثره وحينئذ إن كان العقد بطبيعته لازما فحينئذ أدى إلى اللزوم كالبيع والنكاح وإن كان جائزا أو أدى إلى الجواز كالهبة والوكالة.

وهنا لا باس بتفسير كلام صاحب الحدائق (ره) وصاحب المسالك (رض).

في الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة كتاب المحدث البحراني (رض) يقول:( اختلف الأصحاب في صحة بيع الفضولي وبطلانه، فالمشهور بل كاد يكون إجماعا هو الأول – الصحة –وإن توقف لزومه على الإجازة – ظاهر العبارة أن الإجازة شرط في اللزوم، واعتقد أن الشيخ (ره) يرى أن الإجازة شرط في التأثير – فإذا تم العقد تمَّ أثره )[1]

. فيكون مراده أن الإجازة تؤدي إلى تأثير العقد والبيع لازم.

في المسالك: ( إن الأجنبي – الفضولي – قابل لإيقاع عقد النكاح وليس مسلوب العبارة بحسب ذاته لأنه الفرض وإنما المانع ما قد ذكر وقد زال، وعلى تقدير الكلام قبل زواله فالمراد بالصحة ما يقابل البطلان، وهو أمر آخر غير اللزوم، ويبقى اللزوم متوقفا على شرط آخر – هو الإجازة - )[2] .

نفس الكلام نفس الظاهر ونفس التوجيه لا بد أن مراده أن الإجازة شرط في التأثير التي يؤدي إلى اللزوم، حيث أن عقد النكاح عقد لازم.

بعد هذه المقدمات الخمسة نستطيع أن ندخل في مسألة عقد الفضولي، هل هو صحيح أو لا؟.

أولا: القاعدة العامة في كل العقود ما هي؟.

ثانيا: في خصوص عقد النكاح، هل هناك تخصيص أو لا؟.

سنصل في النتيجة إلى أن عقد الفضولي صحيح بالقاعدة العامة وفي العقود على المشهور وأيضا في النكاح هو عقد صحيح.

فلنبدأ في أدلة الطرفين في القاعدة العامة: أدلة المانعين ثم أدلة المصححين ثم ندل بدلونا.

أدلة المانعين:

في الحدائق في كتاب البيع يقول: ( اختلف الأصحاب في صحة بيع الفضولي وبطلانه، المشهور بل كاد يكن إجماعا هو الأول – الصحة – وإن توقف لزومه على الإجازة، وذهب في الخلاف والمبسوط - الشيخ الطوسي (ره) - وتبعه ابن إدريس إلى الثاني - إلى بطلان عقد الفضولي - وهو الظاهر من عبارة أبي الصلاح في الكافي ..... فانه قال في الكتاب المذكور بعد تعريف البيع قال: انه عقد يقتضي استحقاق التصرف في المبيع والثمن وتسليمهما ..... ويفتقر صحته إلى شروط ثمانية: الأول : صحة الولاية في البيِّعين .... – إلى أن قال – فانه إي أبو الصلاح جعل المؤثر في صحة العقد هو حصول الولاية المسببة عن الملك أو الإذن كالوكيل، والفضولي ليس له ولاية بشيء من المعنيين، وفي فساده عدم ذلك. واوجب في من ابتاع غصبا رده إلى المالك لا وقفه على الإجازة )[3] .

لو فرضنا أن غصبت شيء وبعته لشخص آخر هذا الشخص لا يحق له التصرف، فلو فرضنا أن هذا المالك المغصوب منه قال: رضيت بالبيع، هل الإجازة هنا تصحح البيع. أبو الصلاح ينفي ذلك حتى الإجازة لا تصحح البيع بل يجب عليه رده، ولو أراد البيع فيبيعه بعقد آخر.

أيضا نقل الفاضل المقداد هذا القول عن شيخه، وصاحب الحدائق يقول لا ادري ما المقصود من شيخه، واختار أيضا هذا القول فخر المحققين –علماء عظام أبطلوا عقد الفضولي- وفي كل موضع من العقود الفضولية أي مطلقا باطل.

يدور الأمر حول أن الفضولي لا أهلية له، فهو أجنبي كليا.

وتبعه على ذلك العماد مير محمد باقر الداماد، حيث قال في رسالته الرضاعية ما هذا لفظه:( عندي أن النكاح بل مطلق العقد الصادر من الفضولي، وهو الذي ليس له ولاية ولا وكالة، باطل من أصله أجاز أم لم يجز، والإجازة اللاحقة غير مؤثرة في تصحيحه ولا كاشفة عن صحته أصلا ).

- إنما قال اللاحقة لان الإجازة السابقة تدل على الإذن السابق- .

هذا الدليل الأول على البطلان وهو عدم الولاية.

ومن قال أيضا بالبطلان المحقق الاردبيلي في شرح الإرشاد حيث قال بعد قول المصنف ( هذا هو المشهور لكن لا نجد عليه دليلا ).

ثم نقل الرواية العامية وبعض تعليلاتهم على صحة عقد الفضولي ثم قال: ومعلوم عدم صحة الرواية ومعارضتها بأقوى منها دلالة وسندا على عدم الصحة لقوله (ع) لحكيم بن حزام " لا تبع ما ليس عندك ". ومعلوم أيضا عدم صدوره من أهله لان الأهل هو المالك أو من له الإذن وبالجملة الأصل واشتراط التجارة عن تراض – الذي يفهم من الآية أن التراضي شرط – والآيات والأخبار الدالة على عدم جواز التصرف في مال الغير إلا بأذنه، وكذا العقل يدل على عدم الجواز وعدم الصحة وعدم انتقال المال من شخص إلى آخر.

رحمه الله لقد لخص كل الأدلة على عدم الجواز.

 

والحمد لله رب العالمين.

 


[1] الحدائق الناضرة ج18 ص377.
[2] - المسالك ج7 ص359.
[3] - الحدائق الناضرة ج18 ص377.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo