< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

33/03/16

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ العقد الفضولي/ أدلة الصحة

كان الكلام في رواية "لا يجوز بيع ما ليس يملك " وهنا لا باس بنقل الإشكال والجواب حول الرواية نتعرض لهما لما فيهما من فائدة.

فان قيل: إن البيع الفضولي، ذكرنا انه بيع الفضولي، البيع ليس لا فضولي ولا غير فضولي بل عبارة عن عقد، عند الأصحاب هو أن يبيع مال غيره أو أجنبي بان يكون ذلك البيع أو الشراء للمالك، لكنه من غير إذنه أو رضاه. وما دلت عليه الأخبار إنما هو البيع أو الشراء لنفسه لا للمالك – هو عندما باع جزءا من الأرض التي يملكها، وباع الأرض بأكملها قبض الثمن لنفسه، باع مال غيره وقبض الثمن لنفسه -واحدهما غير الآخر، وتارة تبيع لغيرك وتعطي المال له، وتارة تبيع لنفسك.

فموارد الروايات هي البيع للنفس هذا هو البيع المنهي عنه، في الروايات.

قلنا: يرد عليه

أولا: إن المفهوم من كلام الأصحاب تصريحا من بعض وتلويحا من بعض آخر إن البيع والشراء الفضولي اعم من كلا الفردين المذكورين، وتصريح جملة من الأعلام كالعلامة، والشهيد في الدروس والمحقق الشيخ علي، بان بيع الغاصب من أفراد بيع الفضولي. وهذا الإشكال الأول ليس إشكالا بقدر ما هو التفاتة لأنه هو يستدل بالأخبار، وليس بكلام الأصحاب وكلام الأصحاب ليس حجة علينا، وفهمهم ليس بحجة علينا إلا إذا أدى إلى الاطمئنان.

ثانيا: إن الأسئلة الواقعة في الأخبار المذكورة وان تضمنت بيع البائع أو شرائه لنفسه، - " امرأة من آل فلان باعت قطائعها " لمجرد كونها من آل فلان، ولا دخل بها بالقطائع ". يقول انه صحيح انه هذه وردت الروايات في البيع لنفسه، الإمام (ع) قال: فليمنعها اشد المنع " –إلا أن الأجوبة منهم عليهم السلام من قوله (ع) " لا يجوز بيع ما ليس يملك " وقوله في تعليل المنع من الثمن فإنها باعت ما لا تملك، هذا عام سواء باعت لنفسها أو باعت لغيرها، وقوله (ع) " لا تشترها إلا برضا أهلها " ونحوها رواية الاحتجاج ورواية قرب الإسناد، ظاهرة في العموم للفردين المذكورين، الشراء لنفسه ولغيره. وخصوص السؤال لا يدافع عموم الجواب كما تقرر في أصولهم.

وهذا مسألة لفظية، إذا قلت: لا تشرب اللبن لأنه حامض، السؤال خاص في اللبن، لكن ما يعبر عنه بعموم العلّة شامل للبن ولغيره. هناك شمول وعموم.

خصوصا إذا لاحظنا أن وظيفة الإمام (ع) بيان تشريعات عامة وقواعد عامة تصلح له ولزمانه ولكل العصور، وإذا كان الحكم معللا فالظاهر انه حينئذ يدور وجودا وعدما مدار العلّة، وحينئذ إذا كان السؤال عن مورد وعُلِّل الظاهر أن العلة عامة، فتشمل مورد السؤال وغيره، والعلة في الرواية هنا حسب ظهورها تشمل البيع لنفسه والبيع لغيره.

وخصوص السؤال لا يدافع عموم الجواب، لكن أحيانا بحسب القرائن السؤال يخصص الجواب، ومع عدمه الظاهر انه عندما يسمى بعموم العلّة كما تقرر في أصولهم – العبرة إنما هي بعموم الجواب – نعم إن السؤال بخصوص البيع لنفسه لكن العام " لا تبع ما ليس تملك " سواء كان لنفسه أو لغيره – فإنها ظاهرة بل صريحة في أن ما لا يملك الإنسان لا يجوز وقوع البيع فيه - اعم من أن يكون للبيع أو لصاحب ذلك المبيع من غير رضاه وإذنه.

وتعليقا على الجواب الثاني فقول: إن مورد الروايات على تعددها هو البيع لنفسه، فهل يؤدي ذلك إلى الشك أي استظهار عموم العلَّة؟.

لكن الإنصاف أن الصيغة وكما يقول صاحب البلغة " ينادي لا يجوز بيع ما ليس يملك " هذا النداء هذه الصيغة تجعل هناك عموم أن يبيع لنفسه أو يبيع لغيره.

المختار من الرأي: الظاهر - كما عليه مشهور الأصحاب - صحة عقد الفضولي في البيع وغير البيع لأنه كما قال صاحب المسالك (ره) المقتضي موجود وهو عموم " أوفوا بالعقود " والمانع مفقود –فان ما ذكروه من أدلة البطلان مردود.

يؤيد صحة الفضولي في كل العقود أمر آخر، وهو صحة الفضولي في عقد النكاح، للاتفاق فتوى ورواية على شدَّة أمر النكاح وعدم جواز المسامحة فيه، أي عدم جواز المسامحة بما ربما يتسامح فيه في غير النكاح. فلو صحّ نكاح الفضولي فمن باب الأولى أن يصح في غيره. نعم قلنا مؤيد لأنه قد يكون

أولا: هناك خصوصية خاصة في النكاح.

وثانيا: قلنا سابقا إن الاحتياط مستحب وإن كان هذا لا ينفي الاستدلال هنا،

ثالثا: قلنا إن الاحتياط ليس في صيغة العقد لما ورد من أن الصيغة فيها تسهيل، فتقدم أدلة التسهيل في الصيغة على أدلة الاحتياط من باب تقديم الخاص على العام.

بالنتيجة إذا جاز الفضولي في النكاح جاز في غيره بطريق أولى كما ذكرنا ولما كانت آية " أوفوا بالعقود " تشمل المقام فهي الجواب على من قال: في مقام الاستدلال على الفساد، وتشديد النكير على من يقول بصحة الفضولي، يقول: على أن لا نحتاج في الإبطال إلى دليل بل المدعي للصحة عليه الدليل.

وقد عرفت ما في أدلتهم وأنها لا تسمن ولا تغني من جوع كما لا يخفى.

نقول: كلامه تام لأن الأصل العلمي الفساد لكن، تمَّ الدليل اللفظي وهو " أوفوا بالعقود " انقلب الأمر وصار مدعي الفساد عليه الدليل.

إلى هنا ننهي الكلام حول الفضولي، وهو صحيح الفضولي في كل العقود على خلاف ما ذهب إليه الشيخ الطوسي وما نقل عنه الإجماع، وعلى خلاف البلغة والحدائق وفخر المحققين، وننقل الكلام إلى البحث في خصوص عقد النكاح، النكاح الفضولي.

والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo