< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

33/03/21

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ العقد الفضولي/ أدلة الصحة

ذكرنا الدليل الأول على فساد نكاح الفضولي وهو الإجماع ولم نقبله. الدليل الثاني الذي يأتي بعد الدليل الأول في الأوليات والتقديمات، إذا تم الإجماع فلا نصل إلى الأخبار بل علينا حينئذ أن نأول الأخبار أو نُعرض عنها، لأن الإجماع دليل قطعي، والأخبار لا تفيد قطعا.

ذكرنا أخبار أبناء العامة وما فيها من إشكال.

الأخبار الخاصة

أما الأخبار الخاصة، أي أخبار الطائفة التي استدلوا بها على الفساد فهي:

الرواية الأولى: صحيحة ابن أبي يعفور. محمد بن على بن الحسين بإسناده عن العلا عن ابن أبي يعفور عن أبي عبد الله (ع) قال: ( لا تنكح ذوات الآباء من الأبكار إلا بأذن آبائهن )[1] نستطيع أن نقول " لا تُنكح أو لا تَنكح " وذكرنا أن النكاح في العقود وزانه وزان الشركة، كل من الطرفين يجوز أن يكون قابلا وموجبا، لذلك نقول: تزوجت فلانة من فلان، وتزوج فلان فلانة. لذلك نستطيع أن نقول: لا تَنكح ولا تُنكح.

الحديث السادس الذي يليه في نفس المصدر، رواه الكليني عن محمد بن علي بن يحيى عن محمد بن محمد عن علي بن الحكم عن العلا بن رزين. نفس الحديث إلا انه قال: " لا تزوج " بدل " لا تنكح ". ذكرنا الحديثين رغم انه حديث واحد ظاهرا، لغاية سنذكرها عند البحث في المتن.

مناقشة الحديثين

أما من حيث السند: فسندهما معتبر.

اما من حيث الدلالة: فالاستدلال على الفساد باستظهار وجوب تقدم الإذن على العقد " لا تنكح إلا بإذن آبائهن ". فالإجازة اللاحقة المتأخرة لا تفيدنا، والعقد بدون الإذن فاسد، من دون إذن الولي العقد باطل، البطلان نفي الصحة، أما بما هو زواج عرفا فهو زواج لكنه باطل باعتبار أن الشارع تدخَّل في شرطه.

والجواب: هذه الرواية مطلقة قالت: " بإذن الآباء " سواء كان الإذن سابقا أو لا حقا، فالإطلاق من حيث السبق والتأخير، والرواية لا تقول انه يجب أن يكون الإذن سابقا.

هنا لا بأس ببحث لغوي " بالباء " إذا قلنا إن الباء تدل على القبلية، فاستدلالكم في محله، " لا تنكح إلا بإذن ". عمدة الاستدلال على الفساد هو أن الباء تدل على القبلية.

نقول: المعيّة حين الأثر وليس حين العقد، يؤيد ذلك اختلاف لفظ الرواية، لاحظوا رواية ابن أبي يعفور " لا تنكح ذوات الأبكار "، رواية العلا بن رزين قد تكون نفس الرواية لأنه نفس السند " لا تزوج " هل هناك فرق بين النكاح والزواج؟. بحثنا هذه المسألة في بداية عقد النكاح في بحث الصيغة، وقلنا هناك آراء كثيرة في المسألة، هل هي في الوطء أو في العقد، أو مشترك لفظي أو معنوي، مترادفان؟.

لكن نحن ذهبنا إلى رأي قد يكون جديدا ولكن استدللت عليه في حينها، وهو أن الموضوع له لفظ الزواج هو الوضع الناشئ عن العقد. وأما النكاح فالموضوع له الوطء عن مبرر شرعي .*

ولذلك " فانكحوهن بإذن أهلهن " بلحاظ الفعل، يعني أن النكاح من دون إذن الأهل، صحيح

بالمعنى الأصولي تام الأجزاء والشرائط، آثاره التي هي الوطء لا تجوز إلا بإذن الأهل.

فالنتيجة كأن هذه الآية دليلا على صحة عقد الفضولي، وليس دليلا على الفساد.

فنقول: إنه بالعكس هي دليل على الصحة، إذا لاحظنا الروايتين واختلافهما في الألفاظ. خصوصا إذا لاحظنا أن كثير من الروايات تنقل بالمعنى كأنه يقول أن العقد من أساسه صحيح ولا إشكال من جهة الأركان والشروط، بعبارة أخرى الصحة بالمعنى الأصولي لا بالمعنى الفقهي الذي هو ترتب الآثار، فهذا المعنى الفقهي الذي هو الوطء لا يصح إلا بإذن الأهل، فيصبح العقد حينئذ عبارة عن إنشاء محض تام الأجزاء والشرائط، ولكن ننتظر الإذن من الأهل، كل الآثار والاهتمام لهذا الإذن، العقلاء كلهم اعتمادهم على الآثار.

وهذا هو عقد الفضولي لان الأثر في العقد هو جواز الوطء بمعنى صحة الفضولي وهو تام الأجزاء والشرائط، وقف أثره على الإذن، والأثر هو الوطء.

تنبيه

عندنا سبب ومسبب وأثر في كل العقود، في عقد النكاح السبب هو الصيغة، المسبب هي الحالة الناشئة عن الصيغة، حصلت الزوجية بعد الصيغة، سبب لهذه الحالة التي اسمها الزواج، هذه الحالة مسبب ينطبق عليها أحكام وآثار، فمن الآثار جواز الوطء والنظر ووجوب النفقة. قلنا إن الزواج هو الموضوع له هو الحالة الناشئة عن السبب، أما النكاح قلنا انه هو الوطء عن مبرر شرعي. يستعمل الزواج مكان النكاح والنكاح مكان الزواج كثيرا لذلك اختلط الأمر على اللغويين وعلى الفقهاء لكثرة الاستعمال، لكن الموضوع له غير ذلك. وقلنا لغة: نكح غلب. نكح المطر الأرض إي غلب عليه. قلنا إن النكاح يقابله السفاح، والسفاح ليس عقدا، هو فعل حقيقي، هو السنة الدخول. بعبارة أخرى لا معنى لمقابلة أمر حقيقي واقعي تكويني بأمر اعتباري. النكاح يقابله السفاح من جهة المبرر الشرعي، المقابلة تقتضي أن يكون إذا كان السفاح وطء من دون المبرر الشرعي، فمقابلة وطء مع مبرر شرعي. ويستعمل احدهما في الآخر كثيرا خصوصا بلفظ الآثار.

الزواج حالة اعتبارية والاعتبار لا يكون مقابل واقعي حقيقي، لا معنى لذلك، وفي المقابلة بين السفاح والنكاح يعني انه الاثنين حقيقيين، لكن هذا وطء عن مبرر شرعي وهذا عن مبرر عير شرعي.

والحمد لله رب العالمين.

 


[1] - الوسائل ج14 باب6 من أبواب عقد النكاح ح5.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo