< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

33/06/15

بسم الله الرحمن الرحيم

الموضوع: كتاب النكاح/ أولياء العقد/ ولاية الأب على الصغيرين - شرط الإسلام

شرطية الإسلام في الأب على الصغيرين

المحقق الحلي (ره) في الشرائع يقول: إذا كان الولي كافرا فلا ولاية له. ويقول الشهيد (ره) في المسالك في التعليق على كلام الشرائع ج 7 ص 166 : لما أثبت الولاية في النكاح لمن ذكر، أشار إلى الشروط المعتبرة فيها، قال: فمنها الإسلام فلا تثبت الولاية للكافر أبا كان أم جدا أم غيرها لقوله تعالى: " المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض " التوبة/ 71 . وشمل هنا اطلاق المصنف ما لو كان المولّى عليه مسلما أو كافرا، معنى ذلك أنه لا ولاية لكافر على المؤمن ولا المؤمنات.

هنا تارة نتكلم في الولي، وتارة في الصغير، هل يشترط في الولي الإسلام؟ هذه مسألة، وهل يشترط في الصغير أن يكون مسلما أو لا؟ هذه مسألة أخرى. يعني أنه هل ولاية المسلم تشمل الصغير الكافر.

بلا شك أن ولاية المسلم تشمل الصغير المسلم لكن هل تشمل الصغير الكافر؟

استدل هنا بإطلاق الآية " المؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض " يعني أنه يشترط في الولي أن يكون مسلما ولم يتكلم في المولّى عليه سواء كان مسلما أو كافرا.

ثم يقول في المسالك: والأمر في الأول واضح، أي ولاية المسلم على الصغير المسلم، والحكم به إجماعي، ويدل عليه مضافا إلى ما سبق " ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا " النساء/ 141، وقوله (ص) ( الإسلام يعلو ولا يعلى عليه)

يعني الكافر لا يكون وليا على المؤمن حتى ولو كان صغيرا.

هذه الآيات تشمل كل الولايات، نستطيع أن نستدل بها على اشتراط الإسلام في ولاية الأب والجد والوصي والحاكم.

صاحب المسالك استدل بهذه الأدلة الثلاثة على اشتراط الإسلام في الأب الولي على الصغير، ثم يقول: ووجه المنع من ولاية الكافر على الكافر غير ظاهر وعموم الأدلة يتناوله، وقوله تعالى: " فانكحوهن بإذن أهلهن ". بل قال الشيخ في المبسوط: أن ولي الكافر لا يكون إلا كافرا فلو كان له وليان احدهما مسلم والآخر كافر، كان الذي يتولى تزويجها الكافر دون المسلم لقوله تعالى: " والذين كفروا بعضهم أولياء بعض " .

أخذ من هذه الآية قاعدة أن الكافر لا يكون وليه إلا كافر والمسلم لا يكون وليا إلا على المسلم.

في المسالك يرُد على المبسوط: الأجود أن الكافر يتولى نكاح الكافر مطلقا إذا لم يكن لها ولي مسلم وإلا فالمسلم أولى، وهذا الشرط جار في كل الأولياء.

نقول: أن الولاية مسألة إدارة وليس مسألة سلطة " الإسلام يعلو ولا يعلى عليه " في السلطة أو في العقيدة أو في البرهان، أما في الخدمة مثلا: حضانة الطفل، استدلوا على عدم ولاية الأم الكافرة لأنها لا يجوز أن تكون يدها أعلى من يد المسلم!، هذه الولاية ليست بهذا المعنى. الولاية عبارة عن إدارة وخدمة، وليس عبارة عن سلطة حتى يقال بالعلو من الكافر على علو المسلم، الأب عندما يزوج ابنته فهو يخدمها لتصل إلى المصلحة وعدم المفسدة، ولذلك قلنا أنه لا بد من المصلحة.

هل يشترط العقل في الولاية؟

ويعتبر العقل في الولاية فلا يثبت للمجنون ولا للمغمى عليه لعجزهما عن اختيار الأزواج والنظر في أحوالهم وإدراك التفاهم بينهم المطلوب في الولي. يلحق في المجنون المغمى عليه والسكر المؤدي إلى ذهاب العقل.

في تصور هذه المسائل لسنا بحاجة إلى دليل في حال فعلية السكر والإغماء، أما في حال الاستفاقة في حال الجنون الإدواري، حينئذ إذا كان هذا الدليل وجداني، الوجدان لا يحكم بعدم ولاية المجنون الإدواري مطلقا، بل في حال الاستفاقة له ولاية.

وهنا في حال الشك أنه أجرى عقد الزواج في حال الجنون أم الاستفاقة، ماذا نحكم؟

نحكم هنا أصالة الفساد، لأنه ليس هناك أصل لفظي يقول أن كل نكاح صحيح يشمل هذا النوع، ليس هناك ظهور يشمل هذه الحالة، ليس هناك أصالة العقل في التولي، وليس هناك أصلا لفظيا لعدم صدق عقد النكاح. فهنا احتاج إلى إثبات أن الولي له أهلية. احتاج إما للقطع الوجداني، بأنه ليس مجنونا عاقلا، وإلا فبالبينة.

هنا اصبح من الأصول، هذه شبهة مصداقية أشك أن هذا مجنون أو عاقل. عند الاشتباه أولا أبحث عن قطع فإن لم أجد فأمارة معتبرة، فإن لم أجد فقاعدة عامة، فإن لم أجد فالأصل العدمي، وهنا عدم الجنون يقابله عدم العقل. وحينئذ نرجع إلى الأصل العملي في الشبهة الحكمية. هذا عقد الأصل فيه الفساد.

إن قلت: أن هذا عقد زواج الأصل فيه الصحة، الأصل اللفظي.

قلت: أن هذا الأصل اللفظي لا يجري هنا لعدم انطباق العقد عليه باعتبار أني أشك في أصل العقد، لذلك إذا شككنا نجري أصالة الفساد أصالة عدم ترتب الأثر.

غدا نبحث هل تزويج الأب للصغيرة نافذ عليها بعد البلوغ أو لا؟

والحمد لله رب العالمين.

 

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo