< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

34/03/12

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: الولاية على الثيب
  بعد أن أثبتنا عدم ثبوت الولاية على المرأة الثيب البالغة الرشيدة بشرط أن تكون الثيبوبة بزواج سابق، وذلك للروايات المتقدمة ولحاظ حمل المطلقة منها على المقيَّدة بخصوص الزواج السابق،
 لا بأس بأن نتعرض للأفراد التي يناقش في دخولها تحت عنوان الثيب:
 
 الولاية على من ذهبت بكارتها بقفزة ونحوها:
  صرّح جماعة منهم الشهيد الثاني وصاحب الجواهر والمحقق النراقي والسيد الخوئي ببقاء الولاية عليها.
  واستدلوا بأمور:
 أولا: صدق عنوان البكر عليها لكونها لم توطء.
 ويؤيد ذلك: أن الحكم منصب في الروايات على عنوان الثيب المقيَّد بالزواج السابق.
 ثانيا: استصحاب عدم استقلالها بالولاية، فنستصحب حكم البكارة.
 ويشكل عليه: أنه استصحاب للحكم الكلي المنفي على رأي المشهور. [1]
 
 
  الولاية على من ذهبت بكارتها بزنى أو وطء شبهة:
  ذكر في المستند الحاقها بالبكر، وفي الجواهر الحقها بالثيب.
 استُدِل لإلحاقها بالثيب بصدق عنوان الثيب عليها، لأن الثيبوبة زوال للبكارة بوطء.
 إن قيل: إن الروايات قد قيًّدت الثيب بالزواج الشرعي السابق مثل قوله(ع) في رواية الحلبي : " بعد أن تكون قد نكحت زوجا قبل ذلك " .
  يجاب: هذه الروايات محمولة على الاعمِّ الاغلب وهو الزواج السابق، وهو من قبيل قوله تعالى: " وربائبكم اللآتي في حجوركم من نسائكم اللآتي دخلتم بهن "، أي إن الاعم الاغلب من عادة الناس أن تكون البنت مع الأم في كنف ورعاية زوج أمها.
 و يرد عليه: أنه مرَّ ما ملخصه أن الحمل على الفرد الغالب يحتاج إلى وجه لإمكان الإستظهار، والمقصود بالإستظهار هو الإستظهار العرفي كما مر سابقا.
  الولاية على من زوجت ولم تفقد بكارتها ثم طلقت أو توفي زوجها:
  الظاهر كما ذكرنا أنها تلحق بالبكر وإن كان يصدق عليها أنها " تزوجت رجلا ".
 الدليل على استفادة معنى الدخول من لفظة(تزوجت):
  اولا: الانصراف إلى فقد البكارة لغة.
  ثانيا: الروايات التي قيدت بالنكاح السابق مثل: " بعد أن تكون نكحت زوجا "، وفي رواية أخرى " نكحت رجلا "، وفي اخرى " تزوجت زوجا "، فموضوع الزوجية متحقق في الرواية الأولى، ومتعلق النكاح " الزوج " وليس " الرجل ". [2]
 
  ثالثا: أن النكاح موضوع للوطء عن سبب شرعي وليس لمجرد العقد كما بينا في اول البحث.
 
 حكم العضل:
  وهو المنع من التزويج بالكفؤ مع رغبتها فيه سواء كان بمهر المثل أو بأقل، فلو عضلها الولي ومنعها من التزوِّج بالكفؤ سقطت ولايته إجماعا منا بقسميه (المنقول والمحصل)، كما ذكر صاحب الجواهر (ره).
 ويمكن الاستدلال له بأمور، الأول: الإجماع.
  وفيه: ما ذكرناه سابقا من كونه مدركيا مستندا إلى آية يأتي ذكرها بالإضافة إلى عدم حجية الإجماع المنقول بخبر الواحد لما تقدم بيان فراجع. [3]
 
 الثاني، القرآن: قوله تعالى: " فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهنّ إذا تراضوا بينهم بالمعروف " (البقرة آية 232)، بتقريب كون المقصود من الأزواج هو من من شأنه أمر التزويج و النهي متوجه إلى الأولياء، بل لو فرضنا المقصود الناس، فالأولياء بعض الناس.
  ويرد عليه: من المحتمل قويا لو لم يكن هو الظاهر كون المنهي هو لأجل الزواج السابق، وذلك بقرينة ما قبلها، ففي صدر الآية قال تعالى:" وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضين بينهم بالمعروف، وذلك يوعظ به من كان منكم يؤمن بالله واليوم الآخر ذلك أزكى لكم وأطهر والله يعلم وأنتم لا تعلمون ".
  لا يقال: لا معنى لكون المنهي الزوج السابق لانقضاء علقة الزواج بالطلاق.
  بل يقال: هذا الحكم بلحاظ الحالة الاجتماعية السائدة آنذاك، هذه الآية ليست في مقام التشريع، بل في مقام الارشاد إلى عدم الظلم.
  ويرد عليه ثانيا: النهي حكم تكليفي، وسقوط الولاية حكم وضعي، والآية،فيحتمل ظهور الآية في الإرشاد إلى سقوط الولاية إلى الحكم الوضعي.
 
  الدليل الثالث: العضل يستلزم العسر والحرج على المرأة.
  والجواب: هذا أخص من المدَّعى، إذ المدَّعى أن العضل يسقط الولاية سواء استلزم العسر والحرج أم لا، ثم إن أدلة نفي العسر والحرج أدلة نافية للحكم، لا مثبتة له كما ذهب إليه الاكثر.
  الدليل الرابع: وجود المفسدة، وهي مسألة إجماعية.
  الدليل الخامس: عدم وجود مصلحة، وقد ذهب المشهور إلى عدم اشتراط لحاظ المصلحة، و قد ذهبنا إلى الإشتراط لظهور بعض العبارات في النصوص مثل: " هو أنظر لها " في كونها مطلقة في المصلحة والمفسدة.
  أما الأحكام الباقية في الولاية كحكم غيبة الولي وما شاكل فيأتي.
 
 والحمد لله رب العالمين.


[1] مثل: صلاة الجمعة واجبة في حضور الامام (ع) فإذا شككنا في سريانه لزمن الغيبة فهل يمكن أن نستصحب حكم بقاء وجوب صلاة الجمعة؟. قال السيد الخوئي(ره) بجريان الاستصحاب لكنه معارض باستصحاب عدم الجعل، فيتعارض الاستصحابان فيتساقطا.
[2] تذكير: في باب الطلاق في قوله تعالى: " حتى تنكح زوجا غيره "، ذكر بعض المذاهب ان المحلل في الطلاق الثالث يكفي فيه مجرد الخلوة ولا يشترط الوطء، ولكن ورد عندنا في الروايات كما هو معروف: " حتى تذوق عسيلته ويذوق عسيلتها "، وللمناسبة بعض المذاهب الأخرى استدلوا بآية " حتى تنكح زوجا " لإثبات وجوب الوطء، فالزوج عين احد افراد النكاح، فلا بد من وطء وإلا يكون الكلام لغوا أو مجرد تأكيد، والاصل التأسيس.
[3] اخر الدليل القرآني لاننا في مقام الاستدلال نبدأ بالبحث عن علم، فان لم نجد فعلمي، فاصل لفظي فاصل عملي، والاجماع دليل قطعي يؤدي إلى علم، فإذا تم القطع يكون دليلا. أما الكتاب وان كان قطعي الصدور، لكنه عام يحتاج إلى ظهورات في الاستدلال ولذلك جعلناه في المرتبة الثانية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo