< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

34/04/01

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: ولاية الحاكم على الصبي في عقد الزواج
  المراد من الصبي من لم يبلغ سن البلوغ وإن كان مميزا.
  إن كان للصبي أب أو جد، فهو الولي في عقد النكاح إجماعا، ولا خلاف في عدم ولاية الحاكم عليه في ذلك.
  أما إن لم يكن له أب ولا جد، فهل للحاكم الولاية على التزويج؟ مع العلم ان له الولاية على المال من باب الامور الحسبية. هنا صورتان:
  1. أن لا يكون للصبي حاجة للتزويج. فالظاهر عدم الولاية لان الأصل أن لا ولاية لأحد على أحد إلا بدليل، ولا دليل على الولاية. وقد قال الشيخ الأعظم الانصاري (ره): أنه لا يبعد كونه اجماعيا. ولو زوجه الحاكم فهو عقد فضولي يحتاج إلى إجازة الصبي بعد بلوغه.
  2. أن يكون للصبي حاجة للتزويج وهو فرض نادر بعد عدم حاجته للوطء. وفي هذه الصورة هناك وجهان، احدهما ثبوت الولاية والاخر عدمها.
 يمكن الاستدلال على ثبوت الولاية بأمرين:
  1. كونه ولي مال الصبي، والولي على المال ولي على النكاح للروايات الواردة في تفسير قوله تعالى " من بيده عقدة النكاح " حيث قال الامام الصادق (ع) :" .... والذي يجوز أمره في مال المرأة، فيبتاع لها ويشتري " وقد مرَّ الحديث وكيفية الاستدلال به في ولاية الحاكم على المجنون. وبتوحيد وتنقيح المناط بين الصبي والصبية الذي يؤدي إلى علّة واحدة " من بيده المال بيده عقدة النكاح ", إذا استطعنا تجريد الرواية من موضوعية المرأة فتشمل المقام حينئذ.
  2. أن تزويج الصبي مع حاجته من الامور التي نعلم عدم تهاون الشارع فيها وعدم تركه إياها، فهي من الأمور الحسبية.
  ويمكن الاستدلال على عدم ثبوت الولاية بثلاثة أدلة:
  الاول: ما روي في الصحيح في الوسائل ج 14 ب 12 من أبواب عقد النكاح وأولياء العقد ح 1: محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد بن عيسى عن محمد بن ابي عمير عن صفوان عن علاء عن محمد بن مسلم عن أبي جعفر (ع): في الصبي يتزوَّج الصبيَّة يتوارثان؟ فقال: إذا كان أبواهما اللذان زوجاهما فنعم..... "
  من ناحية السند، السند صحيح.
  واما الدلالة: الاستدلال بـالشرط وبمفهوم الشرط: "إذا زوجهما غير الابوين فلا يتوارثان ". والارث لازم لصحة العقد، وعدم التوارث من آثار فساد العقد. وبمفهوم غير الأبوين يشمل الحاكم.
  وقد أشكل على الاستدلال: بأن المراد من الأبوين مطلق الولي فيشمل الحاكم، والتعبير بالأبوين من باب المثال والتطبيق.
  ورُدَّ هذا الاشكال: بأن جعل العنوان من باب المثال ممكن لكنه خلاف الظاهر ويحتاج إلى قرينة، وهي هنا مفقودة.
  لكن الإنصاف: أن القرينة محتملة، لأن الأبوين أكثر المصاديق وجودا وأوضحها، والرواية جاءت ردا على كثير من الناس والعرف، فإذا كان الصبي أو الصبيّة في بيت عمها وفي رعايته زوّجها العم، وإن كان في بيت خاله زوَّجه الخال، وهلمَّ جرا. وبعبارة أخرى: العرف يعتبرون من كان الصبي تحت رعايته وليا حتى في عقد النكاح، فجاء حديث الامام (ع) لينفي هذا المتداول في العرف. ومع هذا الاحتمال يبطل الظهور في مفهوم الشرط بخصوص الابوين. هذا مع ضميمة عدم ثبوت أصالة الحقيقة تعبدا.
  الدليل الثاني: ما روي في الوسائل: ج 14 ب 11 من أبواب ميراث الازواج ح 3، عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن القاسم بن عروة، عن أبي بكر عن عبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) قال: سألته عن الصبيّ يزوَّج الصبية هل يتوارثان؟ قال: إن كان أبواهما هما اللذان زوَّجاهما فنعم، قلنا: يجوز طلاق الأب؟ قال: لا.
  ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن الحسن بن فضال عن العباس بن عامر، عن أبي المغرا عن حميد بن المثنى عن أبي العباس وعبيد بن زرارة عن أبي عبد الله (ع) في الصبِّي يزوّج الصبية وذكر مثله ...الخ.
  والكلام في هذا الحديث نفس الكلام في الحديث السابق.
  الدليل الثالث: الأصل عدم ولاية أحد على أحد إلا بدليل ولم يثبت.
  المختار: بعد اجمال الروايتين في الدلالة لا يبعد ولاية الحاكم على تزويج الصبي والصبيّة لو كان هناك حاجة، إذا وصلت الحاجة إلى حدِّ أصحبت رعايتها مهمة، فتندرج المسألة تحت الأمور الحسبية المنوطة بالحاكم الشرعي.
 ولاية الوصي في عقد الزواج
  مسألة: في ولاية الوصي، وهل له ولاية على تزويج الصبي؟
  والكلام تارة في ولاية الوصي على المجنون، وأخرى في الولاية على الصبي.
  ولاية الوصي على المجنون والمجنونة:
  إذا بلغ المجنون فاسد العقل، ذكرا كان أم أنثى، فالمشهور ثبوت الولاية للوصي ايضا في النكاح.
 ففي الجواهر: بل نفى بعضهم الخلاف عن ثبوتها في ذلك، بل عن ظاهر الكفاية الإجماع عليه، بل عن القطيفي دعواه صريحا.
  ويمكن الاستدلال على ولاية الوصي على المجنون بوجوه:
  الاول: عمومات الوصية. ففي الوسائل ج 13 ب 92 من أبواب الوصايا. ح1، محمد بن علي بن الحسين بأسناده عن محمد بن الحسن الصفار انه كتب إلى ابي محمد الحسن بن علي (ع): رجل أوصى بثلث ماله في مواليه ومولياته، الذكر والانثى فيه سواء، أو للذكر مثل حظ الانثيين من الوصية؟ فوقَّع (ع): جائز للميت ما أوصى به على ما أوصى إن شاء الله. ورواه الكليني عن محمد بن يحيى عن الصفار، ورواه الشيخ بأسناده عن محمد بن الحسن الصفار.
  من ناحية الدلالة: الجواز هنا وضعي وليس تكليفيا، وبعموم " ما أوصى به " يشمل حتى النكاح.
  إلا أن هذا الدليل وإن كان لفظيا لكنه يشمل النكاح في حال فهم أن الوصية تشمله دون غيره من الحالات. فعمومات الوصية ظاهرة في شمولها للنكاح في حال أوصى به "ما اوصى به على ما اوصى". فإذا فهم من نص الوصية الوصاية ايضا على النكاح فيكون وصيا، فإذا لم يفهم من نص الوصية شمولها للنكاح فليس مجرد كونه وصيا صار وليا.
  الدليل الثاني: الضرورة عند حاجة المجنون للنكاح وخوف الوقوع في الزنى، أو الضرورة الجسدية.
  وفيه: أن تلبية الحاجات والضرورات هي من شؤون الحاكم من باب الحسبة، لا من شؤون الوصي، فلا تكون دليلا على ولاية الوصي، بل يناط الأمر حينئذ بالحاكم.
  الدليل الثالث: استصحاب ولاية الوصي على المجنون حال صغره.
  وفيه: أنه من استصحاب الأحكام الكليّة، وفيه خلاف. هذا إذا قلنا بولاية الوصي على الصغير في النكاح. فالاستصحاب انه كان صغيرا مجنونا وهناك ولاية عليه، فبلغ مجنونا فانتفت الولاية على الصغير فاستصحب الولاية في الصغر إلى ما بعد البلوغ، هذا استصحاب حكم كلي.
  وقلنا سابقا أن السيد الخوئي (ره) وبعض المعاصرين قالوا بعدم إجراء استصحاب الحكم لتعارض استصحاب الحكم مع أصالة عدم الجعل، وحينئذ يتساقطان. وفي مقام الرد قالوا أنه ليس هنا اصالة عدم الجعل تعبدا فيبقى الاستصحاب بلا منازع.
  المختار: التفصيل بين ما يفهم من كون الوصية تشمل النكاح وعدمه، وذلك عملا بعمومات الوصية، والا فنقتصر بالوصية على القدر المتيقن وهو الامور المالية والادارية ولا تشمل النكاح.
 
 والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo