< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

34/04/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: ولاية الوصي على الصبي في عقد النكاح
 الدليل الثاني على ثبوت الولاية: الروايات:
  الكلام في دلالة الرواية:
  وكيفية الاستدلال بالرواية " من بيده المال بيده عقدة النكاح " أنَّ الوصي بعنوان الوصي بيده القرار بمال الصبية فيكون بيده عقدة النكاح، ومع تحقيق عدم خصوصية الصبي والصبية بوحدة المناط وبالتجريد من الخصوصية.
  وقد خدش بالدلالة بأمور عدّة:
  الاول: أن الرواية تضمنت الأخ، وقد دلّت الادلة على عدم ثبوت الولاية له، وهذا يوهن الرواية.
  وقد أجاب المحدّث الحر العاملي عن وهن الرواية في الحديث الخامس من نفس المصدر بقوله: الاخ محمول على كونه وكيلا، والوصي يحتمل ذلك أيضا، وقد خصّ هذا الحديث بعض علمائنا بكون البنت كبيرة غير رشيدة، وبعضهم بكونه وصيا في خصوص العقد، مع احتماله التقيّة.
  أقول: أما المحمل الاول: وهو كونه وكيلا، بالإضافة إلى كونه تبرعيا فلا وجه لتخصيص الاخ بالذكر، إذ كل وكيل يحق له العقد، وكذا المحمل الثاني كون الوصي وكيلا.
  وأما المحمل الثالث: وهو التخصيص بالكبيرة غير الرشيدة للوهلة الاولى لا دليل عليه، نعم سيأتي ما يمكن أن يكون عليه دليلا. وبأصالة الجهة نطرد احتمال التقيّة [1] وإن لم تتم هذه المحامل، فكيف نستطيع حل الاشكال بذكر الأخ ضمن هذه الرواية.
 وأما حلُّ الإشكال فيكون بالرواية المعتبرة والموثقة التي ذكرها الحر العاملي في وسائله ج 15 ب 52 من أبواب المهور ص 63 ح 5، عن إسحاق بن عمار [2]
  قال: سألت جعفر بن محمد (ع) عن قول الله: " ألا أن يعفون " قال: المرأة تعفو عن نصف الصداق، قلت: " أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح "؟ قال: أبوها إذا عفا جاز له، وأخوها إذا كان يقيم معها وهو القائم عليها، فهو بمنزلة الأب يجوز له، وإذا كان الأخ لا يهتم بها ولا يقوم عليها لم يجز عليها أمره.
  من حيث السند: الرواية موثقة.
  ومن حيث الدلالة: هذه الرواية توضح كيفية دلالة الاولياء المذكورين وغيرهم: كأن الرواية تشير إلى ولاية أربعة أشخاص، فبعضهم على نحو اللزوم والتعيين وهم: الأب والجد والحاكم مع عدم وجودهما والوصي. وبعضهم من باب الاحقيّة والاولوية وهو الأخ إذا قام بأمر البنت.
  لا يقال: كيف وقد وردا اللزوم والاحقيّة في سياق واحد، بل في رواية واحدة، فظهور الرواية واحد، فيكون الجميع من باب اللزوم أو الجميع من باب الاولوية. وإلا كان قريبا من باب استعمال اللفظ في أكثر من معنى، استعملت " هو الأب أو الأخ أو الرجل يوصى إليه " بأكثر من معنى هما: استعمال في اللزوم والآخر في الاحقية، مع أنه ينبغي أن يكون الظهور واحدا: إما في اللزوم أو في الأحقية.
  فإنه يقال: لا مانع من ذلك مع القرائن، وذلك كحمل بعض المأمور به على الوجوب والآخر على الاستحباب إذا كانا في نفس النص كما لو قلت جوابا عن سؤال عن الصلاة: هي أن تكبر وتركع وتقنت وتسجد، حيث أن الركوع والسجود واجب والقنوت مستحب، ولا مانع من هذا التعبير لغة مع القرائن. مع وجود هذا النص هل نحمل على مطلق الطلب الذي يشمل الوجوب والاستحباب أو نحمل كلا على حدة بقرينته؟. هل هذا الاستعمال موجود بقرينته؟. موجود في العرف وكلام العرب؟ وإذا أردنا تطبيق ذلك على مسألتنا نقول: هل المراد من الولاية هي الجامع بين الصنفين وحينئذ لا تكون الرواية دليلا على ان ولاية الوصي كولاية الأخ، أو المراد من الولاية في كل منهما يختلف عن الآخر، فولاية الأب تختلف عن ولاية الأخ، وحينئذ تكون دليلا على أن ولاية الأخ من باب الأحقية من غيره ويكون الوالي هو عنوان الأخ مشروطا بقيمومته على الصبي.
  الخدش الثاني: أن الرواية تشمل الكبيرة والصغيرة، ولا ريب في عدم ولاية الوصي على الكبيرة، فإن الكبيرة البالغة البكر لا ولاية لغير الأب عليها.
  هذا الخدش مدفوع بحمل المطلق على المقيّد، فتحمل الرواية على خصوص الصغيرة والكبيرة غير الرشيدة.
  الخدش الثالث: التعارض بين هذه الروايات الدالة على ثبوت الولاية وصحيحة محمد بن اسماعيل بن بزيع الدالة على عدم ثبوتها، فتحكم حينئذ قواعد باب التعارض [3]
 ، فيقدم صحيح ابن بزيع للأشهرية.
  ولكن يمكن الجواب: بأن صحيح ابن بزيع خاص بالصغيرة، وهذه الروايات تشمل الصغيرة والكبيرة غير الراشدة، فالصحيح يقيّدها، وتكون شمول روايات الثبوت لخصوص الكبيرة غير الراشدة.
  أما أدلة من قال بالتفصيل بين نصّ الوصي على الولاية فتثبت، وبين عدمه فلا تثبت.


[1] للتذكير: كل خبر لا نستطيع الاستدلال به إلا بعد إجراء أربع أصالات: أصالة السند والجهة والدلالة والتطابق. وأصالة الدلالة والتطابق كلتاهما يؤدي إلى أصالة الظهور. أصالة السند: وهي لطرد احتمال النسيان والسهو والكذب في الراوي. وبعبارة اخرى: لطرد احتمال الخلل في الراوي.أصالة الجهة: التي هي اصالة الصدور وهي لطرد احتمال ان البيان ليس لبيان الحكم الواقعي. كطرد احتمال التقيَّة أو أن الامر امتحاني للتدريب مثلا.أصالة الدلالة: وهي في مقام دلالة اللفظ على المعنى. أصالة التطابق: وهي تطابق المراد الجدي مع المراد الاستعمالي الذي يؤدي إلى ظهور في الاستعمالي.
[2] إسحاق بن عمار فطحي ثقة.
[3] تذكير: إذا تعارض دليلان نحمل على أحد أمور خمسة: إما تخصيص أو تقيّد أو حكومة أو ورود أو الجمع العرفي. فإن لم تتم احدى هذه الامور يستحكم التعارض ونعود إلى قواعد باب التعارض التي هي: إما التساقط أو التخيير أو الترجيح.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo