< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

34/04/21

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: ولاية الوصي على الصبي في عقد النكاح
  أدلة من قال بالتفصيل بين نصّ الوصي على الولاية فتثبت، وبين عدمه فلا تثبت.
  قلنا أن الاتجاهات التي ذهبوا اليها في ولاية الوصي على الصبي في عقد النكاح هي:
  ثبوت الولاية مطلقا، نفي الولاية مطلقا، والتفصيل.
  والتفصيل يكون في حال إذا تضمنت الوصية الولاية في عقد النكاح فتكون الولاية ثابتة، إما إذا لم تذكر هناك وصية في عقد النكاح فالوصي ليس له الولاية. وبعبارة أخرى: هل يجوز للأب أن يعيِّن وصيا في عقد النكاح؟، فإن تضمنت الوصية الولاية فيكون هناك وصي وإلا فلا. وبهذا القول يكون الاصل جواز أن يكون الوصي وليا في عقد النكاح.
  أما ما استدلوا به في مقام التفصيل، أو مما يمكن الاستدلال به [1]
  أمور أربعة وهي:
  اولا: الآيات القرآنية.
  ثانيا: الروايات الدالة على عموم نفوذ الوصية.
  ثالثا: التلازم بين نفوذ الوصية بالمال والوصية بالولالة على عقد النكاح.
  رابعا: العموم المنتزع من إقرار الوصية كما هي عليه عرفا.
  أما الكتاب: الآيات الكريمة:" بسم الله الرحمن الرحيم ،كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين بالمعروف حقا على المتقين(180) فمن بدَّله بعد ما سمعه فإنما إثمه على الذين يبدلونه إن الله سميع عليم (181) فمن خاف من موص جنفا أو إثما فأصلح بينهم فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم (182). سورة البقرة.
  والاستدلال هو بـ : " فمن بدَّله بعد ما سمعه " هي تدل على وجوب التزام بالولاية على الصغير في كل بنود الوصية، ولا يجوز تبديلها، ومنها لو نصت الوصية على الولاية في عقد الزواج.
  لكن مع التأمل: الآية وردت في خصوص أمرين:
  الامر الاول: الوالدين والاقربين.
  والامر الثاني: أن يكون الموصى به من الخير.
  الآية نستطيع أن ننتزع منها قاعدة عامة وهي: أن كل وصية تنفذ بكامل بنودها.
  والذي أراد ان يشكل على دلالة الآية على نفوذ مطلق الإيصاء ألفت النظر إلى الخصوصيتين، بانها لـ " الوالدين والاقربين " دون غيرهم، وأن " ترك خيرا " لخصوص المال، فإذا أوصى بأمر لا علاقة له بالمال، فهل تشمله هذه الآية؟. مع وجود الخصوصيتين هل نستطيع أن ننتزع هذه القاعدة العامة وهي عموم نفوذ الوصية؟
  من هنا دخل صاحب الرياض للإشكال على دلالة الآية على المدعى وهو أن الآية تدل على وجوب الالتزام بتنفيذ الوصية. فقال في ج 2 ص 81: إن الضمير في قوله تعالى " فمن بدّله " راجع إلى خصوص الإيصاء للوالدين والاقربين، فلا يعمّ مطلق التبديل لمطلق الوصية، فلا تشمل المقام وهو الولاية على النكاح.
  وقد أجابه الشيخ الانصاري (قده) في كتاب النكاح ص 144 [2] بقوله: وهو ضعيف (هذا التخصيص)، للأخبار المستفيضة المشتملة على استدلال المعصوم (ع) في أحكام كثيرة من الوصايا بعموم الآية، فلا بد من إرجاع ضمير " بدَّله " إما إلى مطلق الإيصاء، وإما إلى خصوص الإيصاء للوالدين والاقربين، لكن مع إناطة حكم الإثم بأصل تبديل الإيصاء لا خصوص هذا الإيصاء، بأن يجعل المورد خاصا والمناط عاما، فالإنصاف أن الآية ظاهرة في المدعى ولو بمعونة الأخبار المشتملة على الاستدلال بها. انتهى كلامه رفع مقامه.
  والروايات التي استدل فيها المعصوم (ع) بهذه الآية عديدة انظر الوسائل للحر العاملي الأبواب 32 و 33 و35 من أبواب الوصايا.
  فالشيخ الانصاري (ره) في مقام الرد على صاحب الرياض يقول: أن الضمير في الآية " يبدله" أما ترجع إلى مطلق الإيصاء فتشمل كل أفراد الموصى له والموصى به، وإما أن يعود الضمير إلى خصوص الإيصاء للأقربين والوالدين. وحتى في الحال الثاني نستطيع أن نستنبط مطلق الإيصاء، فإذا جردنا الآية من خصوصيات الوالدين والاقربين وقلنا بوحدة المناط وهو كونه مطلق الايصاء، وليس هذا من القياس الباطل [3]
 .
  نقول: إن كلام الشيخ الأنصاري (ره) صحيح ولكنه يحتاج إلى تتمة للدلالة على المدَّعى.
  فقد قال في مقام الجواب: أن لا بد للوصول إلى جعل الآية تشمل الولاية على نكاح الصغير من أحد أمرين:
 الأمر الأول: إما إلى ظهور الضمير في " بدّله " إلى مطلق الإيصاء لا إلى خصوص الوالدين والأقربين بالخير.
  لكن: هذا الحمل بجعل ظهور الضمير هو مطلق الايصاء يقتضي أن يكون بلاغيا من باب الاستخدام، وهو رجوع الضمير إلى غير ما هو له، فالضمير مرجعه الوصية للوالدين، ونحن جعلناه لمطلق الإيصاء الشامل للوالدين والأقربين والصغير والولاية عليه في النكاح. والاستخدام خلاف الأصل يحتاج إلى قرينة. ولعلّه لأجل هذا ذهب صاحب الرياض إلى كون مرجع الضمير هو خصوص الإيصاء للوالدين والاقربين لا مطلق الايصاء.
  ومن هنا ذهب الشيخ الأعظم (ره) إلى الطريق الثاني وهو: استظهار وحدة المناط، أي أن المورد خاص بالوالدين والأقربين إلا أن مناط الحكم أعمّ منها.
  الامر الثاني: قد اشكل على كون الولاية على الصغير من " ما ترك من الخير "، فهل الولاية هي مما ترك من الخير؟
  غدا نكمل إن شاء الله.
 والحمد لله رب العالمين.


[1] وذكرت ما يمكن ان يستدل به، لان ما استدل به ثلاثة امور ويمكن ردها، والامر الرابع هو الذي يمكن الاستدلال به.
[2] النسخة التي نعتمدها هي النسخة التي طبعت في مؤتمر الشيخ الانصاري (ره) في الذكرى المأوية الثانية لولادته.
[3] الفرق بين القياس ووحدة المناط: القياس هو محاولة لمعرفة العلّة في الحكم، والعلل لا تدرك وغالبا ما تكون مظنونة، وصار العمل بالعلّة من باب العمل بالظن والله يقول في كتابه الكرين: " إن الظن لا يغني من الحق شيئا " فجوهر القياس هو البحث عن ملاك الحكم، والمناط شيء آخر. فالملاك هو: ما يدور الحكم وجودا وعدما مداره في مقام الثبوت أي في الواقع وهو العلل الحقيقية. أما المناط: فهو ما يدور الحكم فيه وجودا وعدما في مقام الاثبات، وهذا ليس من الصعب الوصول اليه. لأنه غالبا من باب الظهور. أما العلل فمن الصعب إدراكها " إن دين الله لا يصاب بالعقول " لذلك إدراك العلّة نادر، بل قد يستحيل، فالمراد من هذا النص الشريف علل الاحكام، لا أن العقل لا يدرك الحكم.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo