< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

34/05/15

بسم الله الرحمن الرحیم

 العنوان: حكم تزويج الابوين للصغيرين.
  إذا زوج الأبوان الصغيرين توارثا، لأن الأبوين وليّان في عقد النكاح، فهو عقد صحيح، فالمقتضي لثبوت الزوجية موجود فتثبت الاحكام، والمانع مفقود، فيتوارثان، للرواية، ولإطلاق الدليل الشامل لتوارث الزوجين الصغيرين. وذكرنا في ولد الزنى أنه بمجرد كونه عرفا ولدا فهو ولد شرعا فتثبت له كل احكام الولدية من عدم جواز أن يتزوج أخته ،وجواز النظر إلى أمه، نعم هناك مانع من الإرث بسبب وجود النص " ولد الزنى لغية لا يورث ".
  أما الرواية فهي ما في الوسائل ج 17 ب 11 من أبواب ميراث الازواج ح 3، محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن ابن فضال عن القاسم بن عروة عن أبي بكر عن عبيد بن زرارة عن ابي عبد الله (ع) قال: سألته عن الصبي يزوج الصبية هل يتوارثان؟ قال: إن كان أبواهما هما اللذان زوجاهما فنعم، قللنا: يجوز طلاق الأب؟ قال: لا ".
  وأما سندا: ففي الرواية القاسم بن عروة، وهو وإن لم يوثق صريحا إلا أن الظاهر إعتبار رواياته.
  وأما الدلالة: إطلاق الدليل، فإنه بعد تصحيح الزواج ينطبق عليهما عنوان " الزوج والزوجة " قبل الادراك وبعده، فيكونان موضوعا لكل أحكام الزوجية، ومنها التوارث. وهناك التفات لموضوع ولاية الوالدين بالخصوص، أما إذا زوجها الحاكم أو الوصي وغيرهما فلا يتوارثان، ونحن استدللنا بهذه الرواية على عدم ولاية الحاكم إلا في حال الحاجة للتزويج والضرورة، فتكون من باب الحسبة.
 حكم تزويج غير الأبوين للصغيرين
  إن كان غير الأبوين الذي زوجهما وقف على الإجازة، فإن مات أحدهما قبل البلوغ بطل، وإن بلغ أحدهما وأجاز ثم مات حلف الثاني بعد بلوغه على انتفاء الطمع وورث، وإلا فلا.
 في هذه المسألة أكثر من فرع.
  وبيانه:
  الفرع الاول: توقف صحة التزويج على الإجازة، وهذا واضح بعد ان كان التزويج من قبل من لا ولاية له، فالولاية على الصغيرة هي لخصوص الأبوين، وغيرهما لا ولاية له، فالأولياء العرفيين غير الأبوين كالعم والخال والوصي والأخ الأكبر والجار ومن ينفق عليه، لا ولاية له، فعقدهما للصغيرين عقد فضولي يحتاج إلى إجازتهما بعد البلوغ.
  الفرع الثاني: إذا مات أحدهما قبل البلوغ بطل العقد إذ هو يحتاج في تأثيره لإجازة الطرفين بعد البلوغ، ومع موت أحدهما قبل البلوغ لا أثر للعقد حينئذ لعدم إمكان الإجازة.
  الفرع الثالث: وإن بلغ أحدهما وأجاز ثم مات حلف الثاني بعد بلوغه على انتفاء الطمع وورث، وإلا فلا.
 إذن هناك مرحلتان للاستدلال، مرحلة الرواية ومرحلة الاطلاق. وسنتكلم في القاعدة.
  في القاعدة نقول: إن هذه اجازة بعد العقد، فهي اجازة عقد فضولي، وهذه الاجازة لا بد منها لتأثير العقد، فهل هذا التأثر هو على نحو النقل أو الكشف؟ وهل الكشف على نحو الكشف الحقيقي أو الحكمي أو الانقلابي؟.
  المراد من الاجازة الناقلة: أن العقد يكون من حين الاجازة، لا من حين العقد. فالثمرة في النقل والانتقال.
  وقلنا في عقد الفضولي أنه ليس مطلقا صحيح يحتاج للإجازة، بل احيانا يكون باطلا من اساسه. فإذا كان في العاقد شبهة أو شائبة علاقة، نعبر عنه بأهلية المتعاقدين، فالعقد صحيح ويحتاج للإجازة. وأما إذا لم تكن هناك علاقة فلا نرى أن العرف يراه عقدا. ففي العقد الفضولي نميز بين هاتين الحالتين.
 فلو بعت فضوليا وبعد شهر اجاز المالك، ففي هذه المدة الملكية والثمرة والنماء لمن يكون؟
  فإذا قلنا على النقل، انتقل العقد من حين العقد إلى حين الاجازة، كأن العقد تم من حين الاجازة. ويكون النماء للبائع.
  وقول آخر أن الاجازة تكشف عن صحة العقد من حين العقد، فحينئذ الآثار تكون للمشتري.
 وللتذكير: في لحوق الإجازة للعقد أربعة أقوال: النقل، والكشف الحكمي، والكشف الحقيقي والكشف الانقلابي.
  النقل: وهو كون العقد حقيقة وحكما وأثرا من حين الإجازة، فلا يترتب أي أثر على ما قبل الإجازة.
  الكشف: وهو على ثلاثة أقوال:
  الكشف الحقيقي: وهو كون العقد من حينه أثرا وواقعا وحكما، أما الإجازة فلا دخل لها أصلا في تحقق العقد، ولا في تحقق الأثر، بل هي مجرد كاشف عن التحقق حين العقد كما ذهب إليه صاحب جامع المقاصد، أو على نحو الشرط المتأخر كما في الجواهر.
  الكشف الحكمي: هو أن يكون ما جرى من الصيغة حين العقد بحكم العقد، وليس عقدا، وعليه، فالآثار من حين العقد لا من حين الإجارة. مثلا: المطلقة رجعيا، هل هي زوجة حقيقة، أو هي في حكم الزوجة؟ وذهبنا إلى انها بحكم الزوجة، بخلاف المشهور فكل امر يكون بحكم شيء أخر يكون من باب الحكومة التي تفيد التوسعة أو التضييق، والثمرة تكون في الآثار المشكوكة بخصوصها. مثلا: " الطواف صلاة " فهو بحكم الصلاة أي له آثار الصلاة، فالثمرة تعني ان كل آثار الصلاة تثبت للطواف؟ هناك ثلاث اتجاهات:
 اولا: العموم، أي كل احكام الصلاة تثبت للطواف؟ إلا ما خرج بدليل كالنطق.
 ثانيا: القدر المتيقن فقط يثبت والمشكوك لا يدخل. كالطهارة من الحدث والخبث.
 ثالثا: ما ينصرف اليه الذهن من الآثار للصلاة دون غيرها.
  الكشف الانقلابي: أي انقلاب العقد من غير مؤثر إلى مؤثر، فهو لم يكن مؤثرا حين العقد، فإذا لحقته الإجازة انقلب وصار مؤثرا من حينه.
  فالكشف على جميع معانيه يؤدي إلى ترتب الأثر من حين العقد، ومن الآثار الإرث فهو يقتضي تراتب الإرث في حال إجازة الحي.
  النتيجة: أن تزويج غير الابوين للصغيرين تزويج فضولي يحتاج إلى إجازة بعد البلوغ، فإن مات احدهما قبل البلوغ بطل العقد. وإذا بلغ احدهما واجاز ومات، وبلغ الآخر يحلف يمين على عدم الطمع.
  القاعدة تقتضي أنه إذا كانت الإجازة ناقلة، لا بد من القول ببطلان العقد لانتفاء موضوعه، فإن العقد متقوم بطرفين، وأحدهما قد مات. وأما على الكشف فالعقد صحيح.
  غدا نكمل الكلام في الفرع الثالث ونذكر الدليل عليه، وهو الرواية.
 
 والحمد لله رب العالمين.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo