< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

35/03/13

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: النظر إلى الاجنبية

كان الكلام في الرواية الثانية، معتبرة زرعة بن محمد التي ذكرها الكافي (ره) في النوادر وسيأتي البحث عن معنى النوادر في الدرس التالي. وبعد تلخيص دلالة الرواية التي مرّت في درس امس والاشارة إلى اسباب تعميم الحكم والفرق بين قاعدة المورد لا يخصص الوارد ووحدة المناط، حيت في وحدة المناط لا يكون الموضوع بنفسه موجودا عاما، كما في روايتنا " جارية يعجبني حسنها " إذا اخذ الموضوع العام موضوعا في الحكم نحتاج لوحدة المناط ليشمل الحرّة والجارية، لأن الحرة غير مشمولة للعنوان. أما في قاعدة " المورد لا يخصص الوارد" فالموضوع يكون عاما كما لو كان الموضوع في الرواية " امرأة " نعم وردت في الجارية الامة.
ونشير ايضا إلى مسألة التمييز بين الموضوع والمورد حيت قيل ان الفرق بين الامارة والاصل وكلاهما عند الشك لان الشك مأخوذ في حجية الامارة وحجية الاصل معا، إذن ما الفرق بينهما؟ الفرق بالكاشفية يكون في جوهر الامارة لكن الكلام من ناحية الشك، ففي تدرج الشبهة الحكمية عندنا: علم، علمي اصل لفظي ثم اصل عملي. عند عدم العلم نذهب للظن النوعي. فإذا كان الشك موجودا في الامارة وفي الاصل فعلى أي نحو يؤخذ؟
نقول: ان الشك مأخوذ موردا في الامارة وموضوعا في الاصل. فمثلا: عندما يأتيني أي خبر وانا لا اعلم به واشك في ذلك، فالشك مورد لهذا الخبر كما في روايات اسباب النزول في الآيات القرآنية لأنها مورد. بينما في الاصل العملي عندما ينتفي العلم، ينتفي العلمي نصل إلى ماذا افعل؟ حينئذ نقول أما بالبراءة أو الاحتياط أو غيرهما، فيكون الشك مأخوذ موضوعا في الاصل وليس مجرد مورد.
نعود للإجابة على سؤال احد الاخوة: هل وحدة المناط تشمل جواز النظر إلى المرأة المتزوجة؟ هل يمكن تعميم الحكم؟
قد يقال: إن كل أصناف النظرات مشتركة بين كل النساء سواء كانت النظرة الأولى بنحو الصدفة اتفاقا، أو النظرة العادية المتعمدة من دون إعجاب واستحسان ولا تهييج، أو النظرة الاستحسانية، أو النظرة المثيرة المهيّجة، ولذا، فإن وحدة المناط التي أدت إلى شمول جواز النظر في الرواية للحرائر، تؤدي أيضا إلى شمول جواز النظر للمتزوجة الحرّة؟
فإنه يقال في مقام الجواب: إن وحدة المناط لا تشمل المتزوجة، لأن المتزوجة لا يمكن الوصول إليها، بل الدعاء بالوصول إليها يكون على زوجها وعليها وعلى حياتهما الزوجية، فلا يمكن للإمام (ع) أن يعلّمه هذا الدعاء.
قد يقال: كذلك الأمة المملوكة لا يمكن الوصول إليها؟ فتعلم الدعاء في غير محلّه؟
فإنه يقال: الوصول إلى المملوكة ممكن ولو بالشراء او التحليل [1]، وبهذا تختلف عن المتزوجة.
نستخلص مما مرّ أن النظر إلى الحرّة المتزوجة غير مشمول للرواية بوحدة المناط، فالقدر المتيقن هي المرأة التي يمكن الوصول اليها.
ونتيجة الكلام: إن روايات جواز النظر إلى الاجنبية تعارض روايات حرمة النظر إليها؟
حل التعارض:
للتذكير: عند تعارض الدليلين فإما أن نجمع بينهما بالتخصيص وذلك بين العام والخاص، أو التقييد إذا كان بين المطلق والمقيّد، والحكومة إذا كان أحد يوسِّع أو يضيق موضوع الآخر، أو الورود إذا كان أحد الدليلين واردا على موضوع الدليل الآخر فيخرجه تعبدا، أو بالجمع العرفي بأن يجمع العرف بينهما بإطلاق لفظيهما ولو بعد التأمل.
فإن لم يكن احد هذه الخمسة استحكم التعارض، وحينئذ نحتكم إلى علاجات باب التعارض.
وفي مسألتنا لا تصل النوبة إلى علاجات باب التعارض وذلك لتقديم أدلة جواز النظر على عدمه، من باب تقديم الخاص على العام.
فإن الظاهر أن النظرة بإعجاب بحسن المرأة يختلف عن النظرة المثيرة المهيجة المؤدية إلى الفساد والدخول فيما لا يحل ولا يحمل، فنقتصر في دلالة الرواية على القدر المتيقن منها، وهو النظرة العادية والنظرة التي فيها استحسان، دون النظرة المهيجة، وهذا الموضوع أخص من موضوع الروايات التي دلّت ولو بالمفهوم على حرمة النظر فتقدم عليها من باب تقديم الخاص على العام. وهذا يعالج الكثير من المسائل حتى فهم الآية: ﴿ يغضوا من ابصارهم ﴾ [2]الشاب الذي شج وجهه وسالت الدماء على ثوبه فان النظرة ليست نظرة استحسانية، بل في حالته الكثير من الاثارة، ولعل هذا موردها في غض النظر عن الامر المحرم وليس مطلق غض البصر، من قبيل ﴿ قطعن ايديهنّ ﴾ [3] في قصة يوسف (ع) مع الصويحبات.
وبهذا الجمع نستطيع أن نفهم أمرين، وغدا ان شاء الله نكمل مطلبنا.





[1] تذكير: النكاح اربعة أو خمسة: النكاح الدائم، المنقطع، ملك اليمين، وطء الشبهة، ويضاف التحليل، الذي وقع فيه الكلام انه ملك يمين أو هو عقد نكاح عادي، أو عقد خاص، أو أنه غير مشرّع كعقد خاص. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo