< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

35/03/14

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: النظر إلى الأجنبية

تعليق الشيخ الانصاري (ره) على العلامة (ره)، وبيان بعض الضرورات.
الكلام في الروايات المعارضة الدالة على جواز النظر للأجنبية في الروايتين المعتبرتين سندا، الرواية الثانية ذكرت في النوادر وسيأتي بحث النوادر من حيث الاعتبار غدا ان شاء الله.
قلنا امس ان هذا التعارض ليس مستحكما ويمكن الجمع العرفي بتقديم روايات الجواز على روايات العدم بتقديم الخاص على العام، ولا نصل إلى علاجات باب التعارض. وذلك لأنها أخص موضوعا من جهة النظر، فروايات الحرمة تشمل كل أصناف النظرات اما روايات الجواز تشمل فقط روايات النظرة الاتفاقية والمتعمدة من دون أي استحسان، والنظرة المتعمدة مع استحسان، ولا تشمل النظرات المثيرة والمهيجة. وهيأخص من جهة أخرى أيضا وهي عدم شمول رواية زرعة وهي " تعرض لرؤيتها " للمتزوجة حيث بيّنا أن هذا المفهوم يصبح ظاهرا، وعليه لا تكون الرواية كلها إرشادية ولا كلها مولوية. وحدة المناط في هذه الروايات لا تؤدي لشمول الحكم إلى المتزوجة، وعليه تكون النتيجة هي التالية: انه يجوز النظر إلى الأمة وإلى الحرة غير المتزوجة بنظرة ليس فيها الاثارة والتهييج. ستساعد هذه النتيجة في فهم امرين مشكلين نحتار في فهمهما:
الاول: فهم الروايات التي استدل بها على التحريم. التي دل بعضها بنحو المطابقة وبعضها بنحو اللازم وبعضها ارشادية، فيما لو ذهبنا إلى كونها إرشادية، مثل: الاولى لك والثانية عليك والثالثة فيها الهلاك " فالهلاك هو الوقوع في الحرام وليس مقدمة الحرام، أي النظرة المهيّجة هي الحرام، ثم الزنى والعياذ بالله. وغيرها من الروايات.
الثاني: طبيعة الاستثناءات الواردة في الآيات والروايات من قبيل الزينة الظاهرة التي تستلزم عرفا جواز النظر، والقواعد من النساء، والنظر إلى نساء الكفار وغير ذلك.
يقول الشيخ الانصاري (ره) في تعليقه على عبارة العلامة (ره) في إرشاد الأذهان: [ لا يجوز النظر إلى الاجنبية إلا للحاجة ] [1]، فيقول الشيخ في كتاب النكاح: [ ثم إن المراد بالحاجة - التي استثناها المصنف (قدس سره). من تحريم النظر إلى الأجنبية - هي الحاجة المضطر إليها دون مطلق الحاجة، وإلا فالنظر غالبا لا يكون إلا لحاجة [2]، مع أن مطلق الحاجة لا دليل على تسويغها للنظر المحرم، وإنما المسوغ هي الضرورة بحكم العقل والنقل.
وللضرورة موارد.
موارد ضرورة النظر إلى الأجنبية:
منها: المرض، فيجوز ( للطبيب أن ينظر إلى عورة الأجنبية ) فضلا عن سائر مواضع جسدها، للعمومات الدالة على إباحة الضرورات للمحظورات [3]، وخصوص صحيحة الثمالي، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: ( سألته عن المرأة المسلمة يصيبها البلاء في جسدها - إما كسر وإما جراح - في مكان لا يصلح النظر إليه، ويكون الرجل أرفق بعلاجه من النساء [4]، أيصلح له أن ينظرها؟ قال: إذا اضطرت إليه فليعالجها إن شاءت ). ولا يخفى أن في هذه الصحيحة دلالة - من حيث التقرير - على جواز النظر إلى المرأة في الجملة، وليس إلا الوجه والكفين، للاجماع على المنع في غيرها.[5]
ومنها: أداء الشهادة على المرأة، وتحمل الشهادة عليها.[6]
ومنها: إذا توقف إنقاذها من مهلكة أو مضرة على النظر.
وقد استثني من الكلية أيضا مواضع أخر غير الضرورة:
منها: ما تقدم من جواز النظر إلى من يراد تزويجها أو شراؤها.
ومنها: النظر إلى فرج الزانيين، ليشهد عليهما بالزنى عند الحاكم [7]، جوزه المصنف في القواعد [8]- على ما حكي عنه - ولا يخلو عن إشكال، لأن وجوب الشهادة مشروط بالمشاهدة، ولا دليل على الإذن في تحصيلها اختيارا. نعم، لو حصلت اضطرارا وجبت الشهادة.
ومنها: ما لو دعت الحاجة إلى شهادة الرجال بالولادة، فقد جُوز النظر حينئذ إلى فرج المرأة لتشهد بالولادة.
ومنها: ما لو كانت المنظورة عجوزة قد يئست من النكاح لكبر سنها، وليست مظنة للشهوة، لقوله تعالى- مشيرا إليها -: (فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن)، والثياب الموضوعة قد فسرت في حسنتي [9]الحلبي وحريز- بابن هاشم - بالخمار والجلباب. ويظهر من صحيحة ابن مسلم وحسنة ابن أبي حمزة اختصاصه بالجلباب وحده، ولعله محمول على الاستحباب. ثم إن وضع الخمار والجلباب يستلزم جواز كشف الشعر والذراع ونحوهما مما هو معتاد الظهور عند وضع الخمار والجلباب.
ومنها: ما لو كانت المنظورة غير بالغة، فيجوز للرجل النظر إليها، للأصل، وصحيحة البجلي المروية في الكافي قال: ( سألت أبا إبراهيم عليه السلام عن الجارية التي لم تدرك متى ينبغي لها أن تغطي [رأسها ممن] ليس بينها وبينه محرم، ومتى يجب عليها أن تقنع رأسها للصلاة ؟ قال: لا تغطي رأسها حتى تحرم عليها الصلاة [10]، يعني حتى تحيض. وفي رواية البزنطي المحكية عن الفقيه: ( يؤخذ الغلام بالصلاة وهو ابن سبع، ولا تغطي المرأة شعرها منه حتى يحتلم. ونحوها المحكية عن قرب الإسناد عن ابن عيسى عن البزنطي عن الرضا عليه السلام. وهاتان [الروايتان] وإن دلتا على جواز تكشف المرأة عند الصبي، إلا أنهما تدلان على جواز نظر الرجل إلى الصبية، بعدم القول بالفصل.
أقول: وفي هذه الأخبار - حيث خص السائل والمعصوم (عليه السلام) التغطية بالشعر والرأس - إيماء [11]إلى جواز كشف الوجه، وإلا لم يحتج إلى ذكر الشعر والرأس، لأنه كان - حينئذ - تخصيصا في مورد التعميم، بل كان ينبغي أن يقول: (متى تغطي المرأة عن الرجل) من غير ذكر المتعلق. ثم إن جواز النظر إلى الصبية مشروط بعدم الوصفين السابقين - أعني: التلذذ والريبة [12]- ويحرم معهما، ومع مظنتهما يكره، ولذا ورد في الأخبار النهي عن تقبيل الصغيرة البالغة ست سنين ووضعها في الحجر، والنهي عن تقبيل الصبي البالغ سبع سنين ]. [13]
غدا أن شاء الله نكمل البحث ايضا في مسائل مهمة كالطواف وغيره.





[2] هنا نعلّق، هل النظر للنساء منحصر بالحاجة؟! نعم إذا شمل مفهوم الحاجة الحالة النفسية يكون ذلك، والحاجات غير النفسية فلا حصر لها. .
[3] المستثنى " لا ضرر ولا ضرار "، الضرورات مثل قوله (ع) " رفع عن امتي ما لا يعلمون وما لا يطيقون وما استكرهوا عليه وما اضطروا اليه " " ما حرم الله شيئا ألا واحله عن الاضطرار اليه " س ج 4. أما الحاجة العادية فلا دليل على استثنائها.
[4] من باب انه اكثر خبرة مثلا. .
[5] هنا عموم المواقع التي يجوز النظر اليه من جسد المرأة، في النص موجودة، فالموضوع موجود ولسنا بحاجة إلى القاء خصوصية ولا إلى وحدة مناط حتى نعمم مسألة جواز النظر. فالكلام في الضرورة التي تجوز النظر إلى كل جسد المرأة. .
[6] انما نذكر هذ المسائل لان هناك موضع ابتلاء وخصوصا في السفر وفي الدخول إلى بعض الاماكن في بلاد الاجانب. .
[7] لأنه عند الشهادة يجب ان اشهد عليهما اني رأيته كالميل في المكحلة، وهذا لا يتم الامع تعمد النظر، فهل يجوز ان انظر إليهما، كثيرون قالوا بعدم جواز تعمد النظر،لان الشهادة ليست من الضروريات. .
[8] القواعد ج 2 ص 3. .
[9] الظاهر انهما صحيحتين. .
[10] أي حبن الحيض. والرواية صحيحة، هل نعرض عنها؟ وايضا لم ترو في النوادر. والمراد من الجارية ليس فقط الامة بل تشمل الانثى الحرة الفتيّة التي لها رغبة في النكاح. وورد ذلك في بعض اللغات. .
[11] انما قال" ايماء" لعدم وجود الظهور الواضح في الدليل، وهذا الايماء والاشعار لا يصل إلى مرحلة الظهور، وهذا من قبيل ما ذكر في مفهوم الوصف، حيث قال المانعون إن في مفهوم الوصف اشعار وايماء بالمفهوم، لكن ليس فيه ظهور.
[12] هاتان الكلمتان لم تذكرا في نص أو عنوان نقلي حتى نضطر لتفسيرهما، بل هما متصيدتان اضطررنا لان نبحث في المعنى. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo