< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

35/04/20

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: النظر إلى الاجنبية

- الباب الثالث: في المواقع التي يجوز النظر إليها والتي لا يجوز: الوجه والكفين.
- الكلام في موثقة القاسم بن عروة.
توضيح الاشكال الأول الذي سيتكرر في الروايات التالية الواردة في مسألة الابداء. قالوا ان الابداء يلازمه النظر، وقلنا أن الابداء يختلف مفهوما ومصداقا عن النظر ويمكن ان يكونا محكومين بحكمين مختلفين، كما في الاحرام في عدم جواز ستر الوجه على المرأة. هذا الاشكال سيرد في أكثر الروايات التي سنذكرها دليلا على جواز النظر، وهو ان جواز الابداء لا يعني جواز النظر. واجبنا بان هذا الامر مسلم ولا مانع من جعل العنوانين محكومين بحكمين مختلفين، لأن العنوانين منفكان مختلفان وليسا متلازمين، لذا قال الكثير من الفقهاء ان هذه الروايات لا تدل على جواز النظر.
لكن هناك نكتة في هذه المسألة، قلنا ان الابداء فيه تعمد اظهار ولا مجرد ظهور، ولكن هناك خصوصية ان يكون الابداء لا يكون إلا بلحاظ الناظر، فلا معنى للقول بجواز الابداء من دون ناظر، فمن هنا نقول أن هناك تلازما عرفيا بين جواز الابداء وجواز النظر. هذه النكتة هي التي تجعلنا نذهب إلى أن هذه الروايات " ولا يبدين زينتهن " وأن كان موضوعها الإبداء وحكمه الحرمة، لكن يلزمها جواز النظر، ولولا هذه النكتة لما كان عندنا مانع من جعل الابداء والنظر يتصفان بحكمين مختلفين.
الاشكال الثاني: إن هذا الحديث سؤالا وجوابا ناظر إلى العقد الإيجابي وهو كون الذراعين من الزينة، ولا نظر له إلى العقد السلبي، أي كون غيرهما ليس من الزينة كما في الوجه وغيره.
والجواب: صحيح أن لا ارتباط بين القضيتين، لا بنحو الأقيسة المنطقية، ولا بالعكوس التي درسناها في المنطق، ولكن هناك تلازم عرفي بين القضيتين كما بيّناه في النكتة السابقة بإن الابداء يكون بلحاظ الناظر لا بذاته.
الرواية الثانية: الوسائل: عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن محمد بن خالد [1]والحسين بن سعيد، عن القاسم بن عروة، عن عبد الله بن بكير، عن زرارة، عن أبي عبد الله (ع) في قول الله عز وجل: إلا ما ظهر منها؟ قال: الزينة الظاهرة: الكحل والخاتم. [2]
وقد أشكل على الحديث من حيث السند ومن حيث المضمون:
أما من حيث السند: فقد أشكل بأن السند ضعيف لأن الخبر مجهول من حيث وجود القاسم بن عروة فيه كما صرّح به العلامة المجلسي (ره)، كذلك لم يذكره صاحب الوسائل في الثقات في خاتمته [3] ولكننا نميل إلى توثيقه لدليل ومؤيدات [4]:
الدليل رواية محمد بن ابي عمير عنه كثيرا. وبناء على قاعدة ان ابن ابي عمير وصفوان واحمد بن ابي نصر لا يروون إلا عن ثقة وسوّت [5] الطائفة بين مراسيلهم واسانيدهم. والتي نقول بصحتها يكون القاسم ثقة. ومن يقول بعدم تمامية هذه القاعدة، لا يكون هذا الدليل دليلا عنده بل هو مؤيد.
ومن المؤيدات: منها: رواية الثقات والمتشددين في الرواية كأحمد بن محمد بن عيسى الاشعري، والحسين بن سعيد الأهوازي. وقد يجعل بعضهم رواية الثقات الكبار عن شخص دليلا على وثاقته، لان الشيخ الطوسي (ره) حين يقول بان صفوان وابن ابي عمير والبزنطي واضرابهم. " واضرابهم " تعني من كان بوزنهم وعظمتهم. فاحمد بن محمد بن عيسى لا يقل عنهم، فيكون حينئذ ضمن قاعدة التوثيق فيكون المؤيد الثاني دليلا. لكن هذه القاعدة لا تشملهم من جهة أنها وردت في أصحاب الإجماع دون غيرهم.
ومنها: ما يظهر من الشيخ المفيد توثيقا له حيث يقول في " المسائل الصاغانية " وروى عنهم خلاف ذلك من طريق الثقات، وروى الحسين بن سعيد الأهوازي في كتاب النكاح عن القاسم بن عروة.
ومنها: كثرة رواياته فهي شاسعة واسعة. وقد ورد في الحديث بمعنى " اعرفوا منازل اصحابنا بكثرة الحديث عنا.
ومنها: رواية الشيخ الصدوق عنه في كتاب " من لا يحضره الفقيه " وله إليه طريق، وقد ذكر الصدوق في ديباجته أنه يروي عن الكتب التي عليها المعوّل واليها المرجع.[6]
ومنها: أن الكشي قد عنونه أي جعل له عنوانا خاصا، والذي نراه من كتابه ان الكشي كان يعنون الشخصيات الوجيهة.
ولعلّ سبب القول بالتضعيف عدم التصريح بذلك من قبل علماء الرجال، وكون القاسم بن عروة من موالي وأصحاب أبي أيوب الخوزي وزير المنصور، وهذا ابو أيوب هذا هو الذي ابتكر التبريد بتبليل الخيش. والذي أراه أن هؤلاء أي أمثال القاسم بن عروة من المجاهدين، حيث إنهم قريبون من السلطات الظالمة التي تلاحق من يكون على علاقة أو يكون مواليا لأهل البيت (ع). إذن نميل إلى صحة السند وتوثيق القاسم بن عروة، ويمكن العمل بالرواية وهي معتبرة. هذا كله من جهة السند.
أما من جهة الدلالة، فغدا ان شاء الله نبيّن ذلك.








[1] الذي يروي عنه أحمد بن محمد بن عيسى غالبا هو البرقي، وقد يكون محمد بن خالد الطيالسي وقد يكون غيرهما، والذي يهوّن الخطب هو وجود الحسين بن سعيد وهو ثقة ثقة إلى جانب محمد بن خالد. .
[3] صاحب الوسائل اخباري يقول بصحة الكتب، ولكن درج على ديدن أصحاب الحديث بالتوثيق، فذكر في الخاتمة توثيقات للأشخاص الذي يرى وثاقتهم، فلم يذكر القاسم بن عروة أيضا. .
[4] فرقنا بين الدليل والمؤيد، لان بعض الكتبة يخلطون الدليل بالمؤيد، وهذا يؤدي إلى ضعف في سبك الاستدلال عند القارئ. إن ردّ مؤيد واحد يوهن الادلة الأخرى ولو نفسيا. .
[5] إلفات: الشيخ الطوسي (ره) عبّر بكلمة " سوّت " وظاهر الاخبار عن حسّ وليس عن حدس, فيدخل كلامه في حجية خبر الواحد لأنه نقل عن حس وهذا شأن الخبر لا شأن الإجماع الاصطلاحي.
[6] فهذا اللسان من الشيخ الصدوق (ره) يشعر وكانه من المسلم العمل بها. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo