< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

35/05/08

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: النظر إلى الاجنبية

الكلام في المواقع التي يجوز النظر إليها والتي لا يجوز: حواز النظر إلى الوجه والكفين.

-التحقيق في معنى الآية.
-كيفية الجمع بين الروايات المحددة للزينة.
والخلاصة: إن الموضوع له لفظ الزينة هو ما تتزين به المرأة، والمستعمل فيه في الموارد الثلاثة أيضا هو نفس المعنى فلا توجد مجازية بين الموارد. نعم المراد من الزينة في المورد الأول أي } وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا { هو الزينة الظاهرة، والمراد من الزينة في المورد الثاني، أي } وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ { هو الزينة الخفية التي تُخفى عادة. والمراد من الزينة في المورد الثالث، أي } وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِ { هو الزينة الخفية والقرينة موجودة في نفس الآية.
النتيجة إلى هنا: أولا: ان المراد في الآيات القرآنية بما هي وحدها والظاهر منها هو الزينة.
وثانيا: ان المراد نفس الزينة وليس المواضع، وهذا ينقلنا إلى الروايات المختلفة في تفسير معنى الزينة التي تحدد الزينة بالكحل والخاتم في بعضها، وفي بعضها الاخر بالخاتم والمسكة وإلى غيرها، فهذه الروايات ظاهرها التعارض، فكيف نستطيع الخروج من هذا الاختلاف.
نقول: اما اختلاف الروايات في الزينة الظاهرة فهو اختلاف في تطبيق الظهور حيث إن بعضها قصرها على الكحل والخاتم، كما في رواية زرارة من الوسائل ج 14 ب 109 من أبواب مقدمات النكاح ح 3، وفي بعضها الخاتم والمسكة، كما في ح 4 من نفس الباب، وفي رواية مستدرك الوسائل ب 85 من أبواب مقدمات النكاح ح 3: الثياب والكحل والخاتم وخضاب الكف والسوار، وزاد ابن عباس المنحر والقرطين والمعضد.
هذا الاختلاف محمول على كونه من تطبيقات ما ظهر منها، وذلك: إما لظهورها في ذلك بعد ملاحظة القرآن حيث أعطى قاعدة عامة } إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا {.


وإما جمعا بين منطوق بعضها ومفهوم الآخر بالواو، كما ذكر في علم الأصول.[1]
ومن المؤيد لكونها من التطبيقات وليس من باب تعارض المفهومين: أولا: ان كثرة المفردات وتعارض المفاهيم، لا يلزم ان تكون للتعارض بل يستبعد التعارض بينها، خصوصا مع امكان كونها من التطبيقات [2]. ثانيا: الظهور من " ما ظهر منها " يعني كل زينة ظاهرة فيؤخذ القرآن كقاعدة عامة، ولكن الروايات المحددة بالكحل والخاتم وغيرها مجرد تطبيقات للقاعدة. وثالثا: ما ورد في ان الزينة الظاهرة هي المواضع الوجه والكفان، وهو خلاف ظاهر الزينة، فإذا كانت في مقام التحديد وبيان المعنى تكون قد استعملت مجازا في الوجه والكفين، والمجاز يحتاج إلى قرينة صارفة وإن امكن أن يقال ان القرينة معها وهي اعتباره انها الوجه والكفان، لكن كون الاستعمال مجازا بعيد.
نظرية في حمل روايات المواقع: لكن يمكن ان يقال انه بعد ملاحظة الروايات وان ظهور الزينة بنفس الزينة ان الامام (ع) في مقام بيان تحديد مواقع الزينة الظاهرة التي تجوز، هل هي تختلف بحسب الأزمنة والعصور؟ وهل تختلف بحسب الامكنة؟
والذي نراه ان الامام (ع) أراد ان يتدخل في تحديد مكان الزينة الظاهرة بالوجه والكفين دون غيرها، فلا تصبح الزينة على العضد من الزينة الظاهرة، فلا تختلف باختلاف الازمنة. كانه يريد ان يقول: بان الزينة على المنحر في أسفل الرقبة ليست من الزينة الظاهرة، ولو كانت ظاهرة بحسب عصرهم، فهي زينة محرمة لانها لا تكون في الوجه والكفين.
فالنتيجة ان هناك خطوط:
الأول: ان الروايات ظهارة بنفس الزينة.
ثانيا: ان الروايات ليست ظاهرة في المواضع لأنها تحتاج إلى دليل.
ثالثا: اختلاف الروايات نحمله على التطبيقات لا على التعارض.
رابعا: تطبيق عنوان " ما ظهر منها ".
خامسا: ان هناك تحديد لمكان الزينة الظاهرة بالوجه والكفين. [3]
وأما الروايات المفسرّة للزينة بالوجه والكفين فهي محمولة على أن المراد منها الزينة الموجودة في الوجه والكفين بقرينة عموم القرآن } إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا { وظهور الزينة في نفسها، والروايات المفسرة للزينة بنفسها كالكحل والخاتم والسوار، واستلزام المجازية كما اسلفنا.
ومع القول بالملازمة بين جواز الإبداء وجواز النظر كما أسلفنا تكون الآية دالة على جواز النظر إلى الزينة الظاهرة لا إلى مواضعها، فلا تكون دالة على جواز النظر إلى الوجه والكفين بما هما كذلك، بل تكون دالة على جواز النظر إلى الزينة المتعارفة الموجودة فيهما.
النتيجة: انه يجوز النظر المتعمد البريء من كل للذة واستمتاع، ويجوز النظر إلى الزينة الظاهرة على خصوص الوجه والكفين.
قد يقال: ان التبرج لا يجوز. نقول: ان للتبرج مفهوم آخر. وبعبارة أخرى: يجوز ابداء الزينة ما لم تصل إلى حد التبرج، فليس كل زينة تبرج، نعم كل تبرج زينة، بينهما عموم وخصوص مطلق.
إذن يجوز ابداء الزينة الظاهرة على الوجه والكفين فقط، ويجوز النظر إليها ولا يختلف هذا باختلاف الأزمنة والامكنة لقاعدة الاشتراك بالأحكام بين جميع المكلفين بشرط عدم الوصول إلى حد التبرج. هذا من حيث البحث العلمي، أما من حيث العمل فالاحتياط لا يترك.
غدا نكمل أن شاء الله مسألة التبرج والفرق بينها وبين الزينة، ونكمل البحث في الآية } وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ {، وانه يمكن الاستدلال بها على عدم وجوب ستر الوجه.


[1] توضيح:. عند وجود الاختلاف بين الروايات وخصوصا إذا كانت في مقام التحديد، ما العمل؟ درسنا في الأصول في المثال المشهور متى نقصر في الصلاة: ذكرت روايات انه إذا خفي الاذان فقصر، وفي رواية أخرى: إذا خفيت الجدران فقصر. مفهوم إذا خفي الاذان يعني ان في الحلات الأخرى لا تقصر أي حتى لو خفيت الجدران. وبمفهوم إذا خفي الجدران يعني إذا خفي الاذان لا تقصر. أصبح مفهوم احداهما يتناقض مع مفهوم الاخرى. هنا في هذه الحالة: إما ان نجمع بين الروايتين بـ " أو " أي نغلب المنطوق على المفهوم، وهو تصرف بالمفهوم لأنه أولى من التصرف بالمنطوق. وهنا في مسألتنا: الوصف او اللقب الذي هو من اضعف المفاهيم، عندما يقال ان الزينة الظاهرة هي الكحل والخاتم يعني ان غيرها من الزينة ليس ظاهرا، وفي رواية أخرى الزينة الظاهرة هي الخاتم والمسكة، الرواية الثانية تنفي بالمفهوم ان يكون الكحل زينة. وقلنا سابقا ان المفهوم يكون عندما يلزم اللفظ بالمنطوق باللازم البين بالمعنى الأخص والوصف ليس كذلك، ولا يكون بينا بالمعنى الأخص الا مع القرينة حتى نقول بالمفهوم. والقرينة على وجود المفهوم في الروايات انها تحدد معنى الزينة الظاهرة فهي قرينة التحديد، وهذا يعني انها تنفي المفهوم الاخر. وهنا إما أن اجمع الروايات المختلفة التي تنفي بعضها بالمفهوم بـ " أو " فتكون الزينة الظاهرة هي الخاتم أو الكحل أو السوار أو المسكة. وهناك حل أخر ولكنه يحتاج للظهور وهو ان تكون مفردات الروايات هي من تطبيقات " ما ظهر منها " أي الزينة، فتكون مجرد ذكر للمصاديق. هذا الحل أولا يحتاج إلى قرينة. وثانيا: توجد هناك لوازم.
فإذا اخذنا بالحل الأول الجمع بـ " أو " نقتصر على ما وجد في الروايات فقط. اما إذا قلنا بالحل الثاني وانها من التطبيقات فالنتيجة تكون ان كل ما ورد في الروايات من الزينة نأخذ به، وكل ما لم يرد نأخذ به أيضا لكن بشرط ان ينطبق عليه " ما ظهر منها " ان يكون من الزينة الظاهرة حتى ولو لم يذكر في الروايات.
[2] مثلا: " الغناء " في بعض الروايات فسّر باللهو، وفي روايات فسر بقول الزور. وقول الزور يشمل غير الغناء أيضا، فيكون الغناء مجرد تطبيق له وليس من باب التعارض.
[3] ردا على سؤال: الفرق بين الزينة والتبرج. يجوز ابداء الزينة إلا أن يصل إلى حد التبرج لوجود النهي عنه. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo