< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

35/05/17

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: النظر إلى الاجنبية

الكلام في المواقع التي يجوز النظر إليها والتي لا يجوز.
- ادلة المنع.
-أدلة حرمة النظر إلى الوجه والكفين من دون الشهوة والاثارة.
- ومنها: مفهوم جواز النظر إلى وجه الذميّة ويديها، معللا بأنه لا حرمة لهنّ، وهو كالصريح في أن منشأ الجواز إنما هو عدم وجود حرمة لأعراضهنّ، فيدلّ على عدم الجواز إذا كانت المرأة مسلمة وذات حرمة.
وجه الاستدلال أولا: بمفهوم اللقب، جواز النظر إلى وجه الذميّة، وهذا يعني عدم الجواز في غيرها، من قبيل " لا تكرم زيدا " أي " أكرم عمرا " وهذا من اضعف المفاهيم، لكن باعتبار قرينة التحديد في معظم هذه الروايات تكون ظاهرة في المفهوم.
ثانيا: بمفهوم التعليل بعدم الحرمة لهنّ، فيلزم أن غير الذميّة الأجنبية المسلمة لها حرمة فلا يجوز النظر إليها.
وفيه: أن الروايات المجوزة لجواز النظر إلى الذميّة أشمل في الوجه واليدين، بل تشمل حتى العورة في إسقاط الحرمة، وإن أعرض المشهور عن روايات جواز النظر إلى عورة الكافر. ومعه يكون استظهار كون الوجه واليد من مفردات وتطبيقات لما اعتدن كشفه ولم يجعلن له حرمة أولى.
ومنها: صحيحة الفضيل: قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الذراعين من المرأة، هما من الزينة التي قال الله " ولا يبدين زينتهنّ إلا لبعولتهنّ "؟ قال: نعم، وما دون الخمار من الزينة، وما دون السوارين ".[1]
السؤال عن الجزء الثاني من الآية " إلا لبعولتهن " أي بيان للزينة المحرّمة للناس الجائزة للاصناف الاثني عشر التي استثنيت في الآية. اللفظ الأول من الزينة " إلا ما ظهر منها " واللفظ الثالث: " ولا يضربن بارجلهن ".
يقول السيد الخوئي (ره) في كتاب النكاح: على أن الصحيحة في الحرمة أظهر منها في الجواز، فإنّ الظاهر أنّ المراد ب‌ « ما دون الخمار » هو ما يعمّ الوجه أيضاً لأنّه مما يكون على الرأس، فيكون الوجه مما هو دونه لا محالة، ولا مبرر لملاحظة الخمار من أسفله أعني ما يكون على الذقن كي يقال: إنّ ما دونه هو الرقبة خاصة، بل ما دونه الوجه فما دون. كما أنّ الظاهر بل الواضح أنّ المراد ب‌ «ما دون السوارين» هو ما يكون دونهما إلى أطراف الأصابع. وحمل ذلك على الفاصلة اليسيرة بينهما وبين الكفّ، بحيث يكون الكف خارجا من قوله (ع) " ما دون السوارين" لا يخلو من تعسف.
فالرواية تدل على أن الذراعين وما دونهما إلى اطراف الأصابع والخمار وما دونه مطلقا من الزينة المحرم ابداؤها، فلا يبقى وجه للإستدلال بها على جواز النظر إلى الوجه والكفين.[2]
وفيه: هذه الرواية تفسر قوله تعالى: } ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن {. والكلام في معنى كلمة " دون " فإذا فسرناها بتفسير السيد (ره) – أي من أعلى الخمار فما تحته حيث إن الخمار هو ما يستر الرأس وينسدل على الجبين – تدل على عدم جواز ابداء الوجه والكفين، وإذا فسرنا " دون " بما كان أسفل من الخمار أي بقية البدن ومنه الذراعين، حينئذ لا تدل على حرمة الوجه والكفين فلا تدل على حرمة النظر، ولعلّه هو الاظهر. وإذا بقي الشك بمعنى " دون " أصبحت من الشبهات المفهومية، وفيها نقتصر على القدر المتيقن وهو ان الوجه والكفين خارجين عن البدن المحرم.
ومنها: صحيحة محمد بن الحسن الصفار: قال: كتبت إلى الفقيه (ع) في رجل أراد أن يشهد على امرأة ليس لها بمحرم، هل يجوز له أن يشهد عليها وهو من وراء الستر يسمع كلامها إذا شهد رجلان عدلان أنها فلانه بنت فلان التي تشهدك وهذا كلامها، أو لا يجوز الشهادة عليها حتى تبرز ويثبتها بعينها؟ فوقع (ع) تتنقب وتظهر للشهود إن شاء الله.
ووجه الاستدلال: يقول السيد الخوئي (قده): فإنّ أمره (ع) بالتنقب الذي هو عبارة عن لبس ما يستر مقداراً من فوق الأنف فما دونه عند الشهادة يدلّ بوضوح على عدم جواز النظر إلى وجه المرأة في حدّ نفسه، وإلَّا فلم يكن وجه لأمرها بالتنقب. وحمل الأمر على استحياء المرأة خارجاً مع قطع النظر عن الحكم الشرعي لا وجه له بالمرة، فإنّ ظاهر الأمر هو بيان التكليف والوظيفة الشرعية، فحمله على غيره يحتاج إلى القرينة والدليل. ثم إنّ الأمر بالتنقب وإن دلّ على لزوم ستر الأنف فما دون مطلقاً، إلَّا أنّه لا يدل على جواز كشف ما فوق الأنف مطلقاً، بل يختص ذلك بالشهادات حيث تقتضي الضرورة للتعرف على المرأة وذلك يحصل بالنظر إلى عينيها، ومن هنا حكم من لا يرى جواز النظر إلى المرأة في نفسه بالجواز في مقام الشهادة. [3]
وفيه: أنه معارض بما ورد في الوسائل بصحيح علي بن يقطين: محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن علي بن يقطين عن أبي الحسن الأول (ع): لا بأس بالشهادة على إقرار المرأة وليست بمسفرة إذا عرفت بعينها أو حضر من يعرفها، فأما إذا كانت لا تعرف بعينها ولا يحضر من يعرفها فلا يجوز للشهود أن يشهدوا عليها وعلى إقرارها دون أن تسفر وينظرون إليها. [4]
من ناحية السند: السند معتبر.
ومن ناحية الدلالة: الرواية الأولى التي استدل بها السيد الخوئي (ره) على تحريم النظر محمولة على حصول العلم بكونها فلانة ولو مع التنقب، وذلك لاشتراط العلم في الشهادة، وهو أمر واضح وفيه احاديث الوسائل: لا تشهدنّ بشهادة حتى تعرفها كما تعرف كفك. [5]ويستحب لها وكونها من أهل البيوتات، فقد كان الستر شعار النساء من أهل البيوتات، والسفور شعار الجواري والطبقات السافلة من المجتمع وهو ما يشعر به من الوسائل: عن أبي جعفر (ع) قال: تقبل شهادة المرأة والنسوة إذا كنّ مستورات من أهل البيوتات، معروفات بالستر والعفاف، مطيعات للأزواج، تاركات للبذاء والتبرج إلى الرجال في انديتهم.[6]
غدا ان شاء الله نكمل ادلة التحريم.






[4] وسائل الشيعة، الحر العاملي، ج 18، ب 43 من أبواب الشهادات،ح1، ص 297 ط(الإسلامية). وكلمة " ينظرون اليها " الأولى ان تكون " ينظروا " فزمن الامام الكاظم (ع) كان زمن دخول الموالي زمن دخول اللحن على اللغة العربية. ومعنى " ينظرون " يختلف عن " ينظروا " لان هناك عطف على " ان تسفر" ان أداة نصب و" ينظروا " معطوف على تسفر، والعطف مشاركة في الحكم، أما في " ينظرون " الواو استئنافية، فلا يكون لها علاقة بالاحكام السابقة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo