< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

35/06/28

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: النظر إلى الاجنبية
الكلام في المواقع التي يجوز النظر إليها والتي لا يجوز.
-حكم النظر إلى ما بين الذقن والرقبة:
كان الكلام في حكم النظر إلى الأجنبية، وانتهينا من تفسير الآية } ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها { [1] وإلى جواز النظر إلى الوجه والكفين، وقلنا أن هذا من باب البحث العلمي وليس الإفتاء. بحثنا أولا في الأدلة الاجمالية، ثم بحثنا من يجوز النظر اليه ومن لا يجوز، أي جواز النظر بالنسبة للأفراد، ثم بحثنا المسألة بالنسبة للأجزاء كالوجه والكفين وبقيّة البدن، بقي بحث جزءين: ما بين الذقن والرقبة، والقدمين.
ما يمكن أن يستدل به على جواز النظر:
أولا: قوله تعالى: } وليضربن بخمُرهنَّ على جيوبهن { حيث ذكرنا أن الآية في مقام بيان ما يجب ستره وضرب الخمار عليه، والجيوب هي فتحات البدن كالمنحر وأعلى الصدر، ولا شك أن ما بين الذقن والرقبة ليس من الجيوب. وبالاستعانة بمفهوم الآية كونها في مقام بيان أحكام الأجزاء وليست في مقام إهمال، نستفيد منها جواز إظهار هذا الجزء، ومع جواز الإظهار يجوز النظر بناء على الملازمة بينهما. إلا أننا ذكرنا أن الملازمة هي بين جوزا الإبداء وجواز النظر لا بين جواز الإظهار وجواز النظر.
ثانيا: أصل البراءة مع عدم تمامية أدلة التحريم إذا وصلنا إلى مرحلة الأصل العملي لأنه شك في التكليف.
اما أدلة حرمة النظر:
أولا: إطلاق قوله تعالى: } يغضوا من ابصارهم {، ومع الاطلاق الذي يشمل تمام الأجزاء المشكوكة، نقول إن الأصل اللفظي هنا حرمة النظر.
وفيه: ما ذكرناه أن الآية ليست مطلقة، لأنها ليست في مقام بيان أحكام الأجزاء وما يجوز النظر إليه وما لا يجوز، بل هي مهملة من هذه الجهة، فلا ظهور في الإطلاق بحسب الأجزاء، ولذا في اول البحث ذكرنا هل يوجد أصل لفظي في هذه المسألة عند الشك نرجع اليه؟ إذا لم نجد العلمي الأمارة، نصل إلى الأصل اللفظي، فإن لم نجد نصل للأصل العملي. والاطلاق يحتاج بعد انطباق العنوان إلى ثلاثة أمور: ان يكون في مقام بيان وأمكن أن يبيّن ولم يبيّن. وقلنا سابقا ان هذه الآية ليست في مقام الاطلاق. الآية في مقام بيان ان لا تفعل شيئا يؤدي إلى اثارة وإلى حرام، والمورد يؤيد هذا الاستظهار. إذن هذه الآية لا نستطيع التمسك بإطلاقها لشمول جواز النظر إلى ما بين الذقن والرقبة.
ثانيا: مفهوم رواية مروك بن عبيد عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) في الوسائل: قال: قلت له: ما يحلّ للرجل أن يرى من المرأة إذا لم يكن مَحرما؟ قال: الوجه والكفان والقدمان. [2]
وفيها: انها مرسلة، ويأتي فيها الكلام في الفرق بين لفظ " عن بعض أصحابنا " وبين لفظ " عن رجل " حيث إن الأولى فيها توصيف، والثانية يكون المروي عنه مجهولا تماما. ثم إن اعتبار الرواية مختلف فيه، فمن جعل الاعتبار والاهتمام للكتاب المروي فيه اعتبر الرواية كالحر العاملي (ره) ومن جعل الاعتبار للسند اسقطها عن الاعتبار. وقد يستدل بها بالمفهوم حيث تدلّ على عدم جواز النظر إلى غير المذكور، ولو كان الاستدلال بها من باب مفهوم اللقب وهو ليس بحجة، لكن مع وجود القرينة يحصل المفهوم، والقرينة هنا كون الرواية في مقام التحديد.
فالرواية إن أخذنا بها واعتبرناها بانها تدل على حرمة النظر إلى ما بين الذقن والرقبة، وإذا قلنا بإطلاق آية " الغض "، يكونان معارضتين لمفهوم ضرب الخمار، والجمع بينهما بحسب الظاهر أنه يجوز لها الإظهار ولا يجوز للرجل النظر، ولعلّ ذلك من باب التيسير على المرأة.
هذه الأدلة، ادلة التحريم إذا تمت نصل إلى هذه النتيجة: ان ادلة جواز الإظهار تامة الآية } ويضربن بخمُرهنّ على جيوبهن { تدل على عدم وجوب الستر بمفهومها، وإذا قلنا أن آية " الغض " مطلقة، والرواية معتبرة تكون النتيجة جمعا بين الأدلة وعلى القول بعدم التلازم بين جواز الاظهار وجواز النظر، انه يجوز الاظهار ولا يجوز النظر.
وإن لم يثبت دليلا التحريم كانت آية ضرب الخمار بلا معارض فتدل على جواز الاظهار، ويكون الدليل على جواز النظر إما التلازم بينها وإما أصل البراءة.
ملخص هذه المسألة: أن الدليل على جواز الاظهار آية: } ويضربن بخمُرهنّ على جيوبهن {، ولو وصلنا إلى الأصل العملي فالأصل هو البراءة. أما الدليل على حرمة النظر فهي آية " غض البصر " ورواية مروك بن عبيد، فإن تم اطلاق آية " الغض " وتمت حجية الرواية حينئذ تكون النتيجة هي جواز الاظهار وعدم جواز النظر. وإذا لم تتم حجية الرواية ولم يتم الاطلاق فنقول بجواز الاظهار وجواز النظر أيضا.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo