< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

35/07/01

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: النظر إلى الأجنبية
- مسألة: اشتباه من يجوز النظر إليه بمن لا يجوز، ما هو الأصل؟
ذكرنا ان الشبهات ثلاثة: شبهة محصورة أو غير محصورة أو بدوية. [1]
في الشبهة البدوية، أو الشبهة غير المحصورة [2] كما لو شككت في جواز النظر إلى شخص أمامي للشك في العنوان المنطبق عليه، هل هو زوجة أو محرم أو أجنبية، أو مماثل؟ بل يمكن أن يشمل البحث كل عنوان مجوز للنظر، منها عنوان أهل الكتاب، والكفار، ومن " اللواتي إذا نهين لا ينتهين " إلى آخره من العناوين التي ذكرناها.
ذهب إلى وجوب الاجتناب ثلّة من الفقهاء مستدلين بطرق مختلفة:
-منها: ما عن العلامة (ره) وغيره من أن الأصل اللفظي [3] هو عموم حرمة النظر وذلك بإطلاق [4] آية " الغض " أو بمفاهيم الروايات، خرج عن الحرمة بعض العناوين كالمماثل والزوجة والمحرم، والمشكوك يبقى تحت العام.
قلنا اننا لم نستفد هذا الاطلاق، إلا في رواية استثناء النظر إلى شعرت البنت.
وأجيب: بأنه تمسك بالعام في الشبهة المصداقية، ومشهور المتأخرين على عدم جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية. فالعام هنا " كل شخص يحرم النظر اليه إلا الزوجة " المنظور إليه شخص أي انطبق عنوان العام عليه ثم حصل التخصيص فخرج عنوان الزوجة من حكم العام، ثم حصل الشك في هذا الشخص هل هو زوجة او لا؟ الشبهة هنا مصداقية فلا يجوز التمسك بحكم العام فيها.
وبعبارة أخرى: التحريم مبني على امرين: الأول ثبوت الأصل اللفظي وهو عموم حرمة النظر " كل شخص لا يجوز النظر اليه ". والثاني: جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية كما عليه مشهور القدماء. ومن وجهة نظرنا الاول غير ثابت، والثاني نميل إلى ثبوته على ما حققنا سابقا.
-ومنها: أي من الأدلة التي استدلوا بها على تحريم النظر للمشكوك، إن النظر مقتضٍ للحرمة، والزوجية والمماثلة والمحرمية من قبيل المانع لثبوتها، ومع الشك في ثبوت العنوان المجوّز فالحرمة ثابتة، لأن المقتضي موجود والمانع مفقود [5]. ونقل هذا الرأي عن السيد كاظم اليزدي (ره) صاحب العروة الوثقى.
وفيه: اولا: ان النظر مقتض للحرمة، فآية " الغض " اخذت اخذ المسلمات، إذا قلنا ان التحريم بسبب الرواية نكون قد رجعنا إلى الأصل اللفظي، وهنا رجعنا إلى المقتضي والمانع.
ثانيا: أنه لو تمّ اقتضاء النظر للحرمة فهذه المسألة من تطبيقات مسألة المقتضي والمانع، ولم تثبت هذه القاعدة. [6]
يقول السيد كاظم اليزدي (ره) في العروة الوثقى تحت رقم 3682، مسألة 50: إذا اشتبه من يجوز النظر إليه بين من لا يجوز بالشبهة المحصورة وجب الاجتناب عن الجميع، وكذا بالنسبة إلى من يجب التستر عنه ومن لا يجب. [7]


[1] للتذكير: الشبهة المحصورة ما كانت اطراف الشبهة داخلة تحت العلم الإجمالي بحيث أن العلم أصبح منجِزا (بالكسر) أي ان العلم جعل التكيف في نهاية مراحله فوصل إلى مرحلة المسؤولية. وقع الكلام في هذه الشبهة من ناحية الموافقة الإلزامية والمخالفة الإلزامية، لكن المشهور أن أطراف العلم الإجمالي في هذه الشبهة يجب اجتنابه، قد لا نوافق عليه. .
الشبهة غير محصورة ما خرجت بعض اطراف العلم عن التنجير، خرجت عن المحصورة لاسباب كعدم الابتلاء، وعدم القدرة، او الكثرة الكثيرة بحيث ان من القبيح على الحكيم باجتنابها جميعا وغير ذلك.
والشبهة البدوية هي التي لا يكون أطرافها من اطراف العلم الإجمالي.
هذا التعبير بالمحصورة وعير المحصورة لم يرد في نص من رواية أو آية، بل هي اصطلاح فقهي اصطلح عليه الفقهاء.
[2] هي التي خرج بعض اطراف العلم الإجمالي عن تنجيز التكليف للكثرة أو لغير ذلك. فاشتركت الشبهتان غير المحصورة والبدوية في أن العلم الإجمالي غير منجز فيهما. .
[3] العلامة (ره) لعدم وجود الدليل العلمي لجأ للأصل اللفظي كما ذكرنا في المنهجية في الشبهة الحكمية. .
[4] سؤال خرج من العموم أو الاطلاق؟ الجواب للتذكير: الفرق بين العموم والاطلاق اصطلاحا: أُفضل ان يكون العموم بلحاظ الافراد، والاطلاق بلحاظ الهيئات والصفات والاحوال والازمان والامكنة. .مثلا: اعتق رقبة. العموم بلحاظ الافراد، والاطلاق بلحاظ الصفات، مؤمن أو غير مؤمن عالم أو غير عالم اسود ابيض إلى آخره. او بلحاظ الازمان في الحاضر أو المستقبل. أو بلحاظ الأمكنة في هذا البلد أو في غيرها. ومثل: " أكرم زيدا "، " زيدا فيها إطلاق من جهة المكان والزمان والهيئات وليس فيها عموم لأن زيدا فرد واحد.
[5] والاصح ان نقول في مسألتنا أن المانع مشكوك أي غير ثابت، هذا ما نشك به على صاحب العروة. هل إذا كان المقتضي موجود والمانع مشكوك يؤدي إلى أن يحقق المقتضي أثره؟ تذكير: العلّة التامة أربعة اقسام: المقتضي، وعدم المانع، والمُعِد، والشرط. فإذا وجد المقتضي وشك في المانع، صاحب العروة (ره) ثبت الحرمة. .
[6] استطراد: الفرق بين قاعدة الاستصحاب، واليقين، والمقتضي والمانع. الاستصحاب هو يقين سابق وشك لاحق، القضية واحدة لكن زمان الشك متأخر عن زمن اليقين، بعبارة أخرى: زمان المشكوك غير زمن المتيقن. اما قاعدة اليقين التي يعبر عنها بقاعدة الشك الساري، الشك في نفس اليقين السابق. أما في قاعدة المقتضي والمانع أصلا لا يوجد يقين، اليقين بوجود المقتضي لا بوجود الحكم. عند الأصوليين قاعدة المقتضي والمانع ليس عليها دليل لا من الشرع كنص، ولا من سيرة عقلائية، ولا من بناء عقلاء. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo