< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

35/07/07

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: النظر إلى الأجنبية
- اشتباه من يجوز النظر إليه بمن لا يجوز، ما هو الأصل؟
-رأي النائيني (ره) في عدم جريان استصحاب عدم الوصف سواء كان نعتيا أم محموليا.
-رأي الخوئي (ره) في عدم جريان استصحاب العدم النعتي وجريان استصحاب العدم المحمولي.
إذن النتيجة: ان استدلال العلامة (ره) بالتمسك بالعام في الشبهة المصداقية للاستدلال على حرمة النظر غير تام عند اكثر الأصوليين. وكلام صاحب العروة في المقتضي والمانع لا دليل عليه.
-ومما استدل به على حرمة النظر ما عن المحقق النائيني (ره) من أن الرخصة والجواز معلّقان على عنوان خاص وجودي كالزوجية والماثلة والاخت في الرضاعة ونساء الكفار، فإحراز الجواز منوط بإحراز العنوان، ومع عدمه عدم الرخصة، فلا يجوز الاقتحام مع الشك.
وفيه: أن الحرمة أيضا منوطة بعنوان وجودي احيانا كما في رواية حرمة النظر إلى النساء الأجانب وشعورهن. فلا بد لإثبات التحريم من ثبوت أصل لفظي يرجع إليه. وهو ما لم يثبت.
وهنا لا باس بذكر ما افاده السيد الخوئي (ره) ردا على استاذه الشيخ النائيني (ره):
وحاصله – أي حاصل كلام الشيخ النائيني -: أن كل أمر ترخيصي سواء أكان تكليفيا كجواز الكشف للمذكورين في الآية أم كان وضعيا كعدم انفعال الماء [1]، إذا كان مشروطا بأمر وجودي فلا بد من احرازه في ثبوته فلو لم يحرز بأن شك فيه، ثبت فيه الالزام لما هو المتفاهم العرفي من دليل الترخيص.
رد السيد الخوئي: إلا أنه لا يمكن المساعدة عليه وإن كان (قده) يصر عليه كثيرا في مجلس بحثه، وذلك لعدم مساعدة الفهم العرفي لما ذكره (قده) وذلك لأن المتفاهم من دليل الأحكام أنه لا يتكفل إلا بيان الحكم الواقعي الذي هو في المقام حرمة كشف المرأة بدنها لغير المذكورين، وجوازه لهم، وأما ما هي الوظيفة عند الشك وعدم احراز الموضوع فليس للدليل أي تعرض لحكمه بل هو ساكت عنه تماما. [2]
وبعبارة أخرى: أن أدلة الأحكام لا تتكفل إلا بيان ما هي وظيفة المكلف وما هو حكمه واقعا من دون أن يكون لها أي نظر إلى ما هو حكمه ظاهرا عند الشك في الحكم الواقعي نتيجة الشك في المصداق. [3]
وحيثلم يثبت عند السيد الخوئي (ره) لا دليل العلامة (ره) ولا مسألة المقتضي والمانع، ولا دليل استاذه النائيني (ره) بعدم ثبوت موضوع الرخصة الذي يؤدي إلى التحريم عند الشك، فذهب إلى الأصل العملي وان الدليل على عدم جواز النظر هو استصحاب عدم الوصف العدم الازلي، فهو هنا ا عاد للأصل العملي لعدم وجود الأصل اللفظي ولا وجود الامارة العقلائية، فرجع إلى مسألة تطبيقات استصحاب عدم الوصف. وقبل ذكر كلام السيد (ره) نذكر الأدلة الأخرى التي هي نوع من الامارات.
-ومنها أي من ادلة حرمة النظر إلى المشكوكة في الشبه غير المحصورة والبدوية: أصالة الاحتياط في الفروج، وهذه الاصالة فتوى بالاحتياط أي في وجوب الاحتياط، ولا يجوز الرجوع إلى غيره من المقلَّدين، حكم بالاحتياط وليست احتياطا في الحكم.
وفيه: عدم الثبوت أولا وان الحكم بالاحتياط غير تام، نعم في كتاب طفل الانبوب ذهبنا إلى الاحتياط الاستحبابي المؤكد. وملخص ما يقال في عدم الثبوت أن هناك روايات تدل على عدم وجوب الاحتياط فتعارض روايات الاحتياط.[4]
ثانيا: ولو سلمنا بتمام هذه القاعدة فالظاهر الاختصاص بالوطء وليس هناك اطلاق يشمل كل نواحي المرأة حينئذ نقتصر على القدر المتيقن الذي يشمل خصوص الوطء كما هو لسان الرواية: " إنه الفرج وأمر الفرج شديد ومنه يكون الولد ونحن نحتاط ".
نعود لدليل السيد الخوئي (ره) حين رد الأدلة الأخرى. إذن كأمارات لا يوجد دليل، لان التمسك بالعام في الشبهة المصداقية دليل لفظي امارة، ودليل المقتضي والمانع أيضا امارة بناء على أنه من سيرة العقلاء، ودليل عدم ثبوت موضوع الرخصة يدل على الإلزام أيضا امارة، والأدلة العقلائية والحكم بالاحتياط أيضا امارات. فذهب (ره) إلى الأصل العملي الذي يؤدي إلى عدم جواز النظر إلى المشكوك، من باب استصحاب عدم الوصف، هذه المسألة من تطبيقات تلك المسألة فإذا شككت في هذه المرأة انها قرشية أو نبطية فالأصل عدم كونها قرشية والحكم لا يثبت لها. ثم (ره) تطرق للقاعدة سنتكلم عنها في فروع الاستصحاب. [5]
إذن المسألة مبنائية: فإن ذهبنا في مسألة الشك في كون المرأة قرشية إلى ثبوت استصحاب عدم كونها قرشية، وبالتالي احكام غير القرشية بما يسمى بجريان الاستصحاب في العدم الأزلي وإن لم يجر في العدم النعتي، ذهبنا إلى عدم جواز النظر. وهذا ما ذهب إليه السيد الخوئي (ره).
وإن ذهبنا إلى عدم جريان هذا الصنف من الاستصحاب لم تثبت الحرمة بالاستصحاب، فلا يجري لا في العدم الأزلي المعبر عنه بالعدم المحمولي ولا في عدم الاتصاف المعبر عنه بالعدم النعتي. وهذا ما ذهب إليه المحقق النائيني (ره) فذهب إلى أن عدم المماثلة أو المحرمية لا يمكن إثباته بالاستصحاب، لأن ما له حالة سابقة وهو العدم المحمولي أي عدم ثبوت القرشية للمرأة لعدم وجود المرأة سابقا، فهذا وإن كان صحيحا إلا أنه لا أثر له إلا بنحو الأصل المثبت، ولا يقول به الميرزا النائيني (ره).
وما له أثر وهو اتصاف المرأة الخارجية بعدم ما أخذ في الاستثناء المعبر عنه بالعدم النعتي لا حالة سابقة له كي يستصحب.
وبكلمة موجزة: العدم المحمولي لا أثر له وإن كان ثابتا، والعدم النعتي غير ثابت وإن كان الأثر له.
وهذه المسألة من مباحث علم الأصول والذي اراه ان الاستصحاب لا يجري في الحالتين لا في العدم الازلي ولا في العدم النعتي. ونكمل غدا أن شاء الله.



[1] هناك تسامح في التعبير بالترخيص في الأمور الوضعية لان الترخيص يكون في التكليفيات، نعم يمكن ان يؤدي الوضعي إلى رخص كعدم انفعال الماء بالنجاسة فيجوز استعماله والتوضئ به. .
[2] جوابه (ره) ان الكلام في بيان الموضوعات، فموضوع جواز النظر هو الزوجية، وهو غير ناظر لحرمة النظر إلى الغير ولا لحال المكلف من الشك أو الظن أو القطع. من قبيل ما: في مفهوم اللقب " اكرم زيدا " فهذا لا يدل على عدم اكرام عمرو. نعم يمكن ان يقال أن هناك اشعارا بالحرمة لكن بنفسه لا يدل على الحرمة كدليل وظهور.
[4] ذكرنا أن الاحتياط في الدماء والأموال هي مسألة اثبات العنوان، مثلا: لا يجوز قتل فلان، لان جواز القتل يحتاج إلى عنوان وليس لمجرد الحكم بالاحتياط مع الشك.

[5] وللتذكير: ذكر في فروع الاستصحاب مسألة استصحاب عدم الوصف مثلا: اشك ان هذه المرأة قرشية وقلت لك: اكرم امرأة قرشية. هل يجري استصحاب عدم القرشية؟ الاشكال من الأساس أن هذه المرأة قرشية أم لا وليس في ان هذه المرأة ليست قرشية ثم شككت في طروء القرشية. سبب عقد هذه المسألة ماذا نفعل بالاوصاف المرتبطة بالموضوع؟ فمع انتفاء الوصف ينتفي الموضوع فلا استطيع ان أقول ان هذه المرأة لم تكن قرشية ثم أشك في طروء القرشية. هل عندنا هكذا استصحاب واستطيع استصحاب هكذا قيد؟ .
هناك كلام في المسألة بعضهم قال بوجود هكذا استصحاب كالسيد الخوئي (ره) وبعض آخر قال بعدم جريانه كالشيخ النائيني (ره) وانا أميل إليه.
نلخص بعض المصطلحات في مسألة استصحاب عدم الوصف، هناك مصطلحان: العدم المحمولي والعدم النعتي.
العدم المحمولي هو العدم الازلي كأصالة عدم وجود زيد، والعدم الازلي هنا هو اصالة عدم وجود هذا الوصف، يقابله اصالة العدم النعتي.
العدم النعتي هو اتصاف الموضوع بهذا القيد الذي لم يكن موجودا.
لذلك ذهب الكثيرون إلى جريان الاستصحاب في العدم المحمولي الازلي، وعدم جريانه في العدم النعتي كما السيد الخوئي (ره) فاصبحت المسألة في مسألتنا مبنائية.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo