< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

35/07/08

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: النظر إلى الأجنبية
- عدم شمول ادلة الاستصحاب للعدم المحمولي ولا النعتي.
-النتيجة.
-خلاصة الكلام في مسألة النظر إلى الأجنبية المسلمة المتدينة.
ذكرنا أمس ان السيد الخوئي (ره) يقول بجواز استصحاب العدم المحمولي دون استصحاب العدم النعتي بخلاف استاذه النائيئي (ره) الذي قال بعدم جواز الاستصحاب لا المحمولي ولا النعتي، لان المحمولي لا يثبت أثره إلا بالأصل المثبت، والنعتي يثبت له اثر ولكنه لا يجري لعدم وجود اليقين السابق.
وعليه يكون الدليل عند السيد الخوئي على وجوب اجتناب النظر إلى المرأة أو الرجل المشتبه به بالاستصحاب، ورد كلام النائيني (ره) الذي قال بان العدم المحمولي لا يثبت اثرة إلا بالأصل المثبت.
من قال بجريان الأصل المثبت يعني ان استصحاب عدم الوصف يجري عنده. سنضيء اضاءه سريعة على الموضوع لأنه (ره) دخل بالاستدلال بالدليل الاصولي، وانا اميل إلى ان استصحاب عدم الوصف لا يجري لا في المحمولي ولا في النعتي.
ملخص ما نريد ان نقول: أن ادلة الاستصحاب لا تشملهما لا المحمولي ولا النعتي، وذلك لان اهم ادلة الاستصحاب دليلان: السيرة أو الروايات. وكلاهما لا يشمل هذه الحالة. في الروايات الانصراف من حالة السالبة بانتفاء الموضوع، وفي السيرة انها دليل لبي نقتصر فيه على القدر المتيقن وهو ما لا يشمل هذه الحالة وهي استصحاب عدم الوصف. إذن أصبحت المسألة مبنائية، من قال بجواز استصحاب عدم الوصف قال بجواز استصحاب عدم المماثلة وعدم المحرمية. [1]
نذكر أن مسألتنا تشمل كل موضوعات الترخيص.
وبعد عدم تماميّة وجوب الاجتناب على نحو الامارة كالتمسك بالعام في الشبهة المصداقية لعدم وجود العام عندنا، والمقتضي والمانع امارة بناء على انه سيرة، ونفي موضوع الحكم الترخيصي يدل على الالزام، ما ذهب اليه النائيني (ره)، والحكم بالاحتياط امارة لأنه من النص.
بعد عدم تمامية هذه الأدلة انسد باب الامارة ووصل الدور في الاستدلال إلى الأصل العملي، وهو إما الاستصحاب أو البراءة.
نقول باختصار: نحن بحاجة إلى يقين سابق وشك لاحق حتى يتم الاستصحاب ولذلك نقول ان كل مورد يختلف عن الآخر ولكن هناك قاعدة تشملها. ففي حين يثبت استصحاب عدم تحقق الزوجية كونها أمرا حادثا مشكوكا، وقد سبقها عدم الزوجية، فثبتت الحرمة، لا نسلّم بثبوت استصحاب عدم المماثلة أو عدم كونها محرما، وذلك لعدم شمول أدلة الاستصحاب كما ذكرنا بالإضافة إلى تعارض الاستصحابين أحيانا، كما في استصحاب عدم المحرمية الذي يعارضه عدم كونها اجنبية لان عنوان الأجنبية عنوان وجودي ورد في النصوص " وحرم النظر إلى شعور الاجنبيات المتزوجات وغيرهنّ ". [2] وبعبارة أخرى: في عدم الوصف الذي يكون من باب السالبة بانتفاء الموضوع لا يجري الاستصحاب، وفي غيره يجري.
والنتيجة: إن تم الأصل اللفظي بعموم } يغضوا من ابصارهم { أي ان الأصل هو الغض عن كل امرأة إلا ما خرج بدليل. يكون ما ذهب إليه العلامة (ره) هو المحكم وهو الدليل على وجوب اجتناب المرأة المشتبه وذلك إذا بنينا على جواز التمسك بالعام في الشبهة المصداقية. وإلا إن الأصل العملي هو البراءة وجواز النظر في الشبهة غير المحصورة والشبهة البدوية، وذلك في الوصف الذي يكون سلبه من باب السالبة بانتفاء الموضوع. نعم إذا كان العنوان المجوز أمرا طارئا وحادثا على الموضوع مثلا: امرأة اجنبية كانت متدينة لا يجوز النظر إليها ثم شككنا في طروء وصف أنها أصبحت مستهترة والعياذ بالله فإذا نهيت لا تنتهي، فهنا يجري استصحاب عدم جواز النظر.
وخلاصة الكلام في مسألة النظر إلى الأجنبية المسلمة المتدينة في المسائل والفروع التي بحثناها.
بالنسبة لافراد المرأة:
-عدم ثبوت أصل لفظي في أفراد النساء هذا ما نميل اليه، وثبوته في أجزاء بدن المرأة. أما ما ذهب اليه الفقهاء بشكل عام فهو القول بان الأصل عدم الجواز باطلاق الآية } يغضوا من ابصارهم { الذي يشمل كل الافراد.
-النظرة الاتفاقية جائزة.
-النظرة المتعمدة من غير إعجاب واستحسان جائزة لغاية محللة.
-النظرة المتعمدة مع اعجاب بالحسن من دون إثارة وتهييج في غير المتزوجة وفي المتزوجة نظر، هذا إذا فصلنا بين الاستحسان والاثارة وإلا فلا يجوز.
-النظرة المتعمدة مع اثارة وتهييج محرمة.
بالنسبة لأجزاء البدن:
-الظاهر ثبوت أصل لفظي في حرمة النظر إلى عموم بدن المرأة الأجنبية المتدينة.
خرج عن هذا بدليل:
-جواز النظر إلى الوجه والكفين والزينة التي عليهما من دون إثارة، وجواز كشفهما.
-جواز كشف ما بين الذقن والرقبة للمرأة وعدم جواز نظر الرجل إلى ذلك، بالأدلة التي ذكرناها، فلو كانت مشمولة لجواز الابداء قلنا بجواز النظر، لأننا ذهبنا إلى ان جواز الابداء يستلزم جواز النظر بعكس جواز الاظهار الذي لا يستلزم جواز النظر، على خلاف في المسألة.
- يمكن القول بجواز كشف القدمين وجواز النظر إليهما في حال ثبوت اعتبار للرواية التي وردت في ذلك في الكتب المعتبرة التي وردت عن " بعض اصحابنا "، هذه المسألة تعود لشخص المستنبط وحسن ظنه بالروايات فيثبت العمل بها، والذين هم من أصحاب الدقة والاحتياط الشديد لا يعمل بهذه الرواية. وبناء على ان جواز النظر يستلزم جواز الاظهار بخلاف العكس.
-حرمة كشف المرأة لبقيّة الجسد والشعر، وحرمة نظر الرجل إليه. ونُذَكِّر ان الكلام في المرأة الأجنبية المسلمة المتدينة، أما غير المتديّنة فقد ذهبنا إلى جواز النظر إلى ما اعتدن كشفه، وفي المشكوك بانه اعتادت كشفه فلا يجوز النظر إليه.
إلى هنا نكون قد انتهينا إلى مسألة جواز النظر إلى المسلمة الأجنبية المتدينة وغدا نكمل مفردات النظر إلى الأجنبية.





[1] إشارة: في الفقه في العبادات يكفي أن ندرس بابا واحدا ونفهم قواعده بالشكل الجيد ونطبقها على كل العبادات، وكذلك في المعاملات نفس القواعد تأتي في كل المباحث، كالشك في الشرط والجزء والمانع. نعم باب النكاح فيه قواعد تختلف عن بقية العقود. قد نتطرق إلى قواعد إذا استوعبناها جيدا نستفيد منها في بقية المباحث. .
[2] للتذكير:. في عالم الأصول هناك أربعة مصطلحات: اصالة عدم الحادث، واستصحاب عدم الحادث، اصالة تأخر الحادث، واستصحاب تأخر الحادث. الذي هو ثابت فقط استصحاب عدم الحادث إما عقلائيا أو نصا، " كان الله ولم يكن شيئا ". أما الثلاثة الأخرى فغير ثابتة إلا إذا عادت إلى استصحاب العدم. لذلك في علم الكلام قالوا ان هناك: واجب الوجود وممتنع الوجود وممكن الوجود، والممكن هو ما تساوى فيه طرفا الوجود والعدم، فمن اين اتينا بأصالة العدم؟! نعم نظرنا إلى العدم السابق واستصحبناه. فالعدم بما هو بغض النظر عن الحالة السابقة لا أصل له. ولا وجود أيضا لأصالة التأخر ولا لاستصحابه ألا بالرجوع إلى الاستصحاب.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo