< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

35/07/13

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: النظر إلى الأجنبي
-مسألة في حكم النظر إلى بدن الرجل.
من فروع مسألة النظر إلى الأجنبي ذكرا أو انثى مسألة النظر إلى المماثل، الرجل إلى الرجل والمرأة للمرأة.
لا شك ولا ريب في جواز نظر الرجل إلى الرجل إجمالا، وهل يوجد أصل لفظي يرجع اليه كما في حكم النظر إلى المرأة بآية } يغضوا من أبصارهم { أو غير ذلك، فمع عدم وجود الدليل العلمي انتقل إلى الأصل العملي مع عدم الأصل اللفظي. وكذلك لا شك في حرمة النظر إلى العورة.
فيقع الكلام في نقطتين: الأولى: في أدلة حرمة النظر إلى العورة. الثانية: في تحديد العورة.
النقطة الأولى: في حرمة النظر إلى العورة. لا شك في جواز النظر إلى عورة البهائم وقد ورد في النظر إلى عورة غير المسلم رواية صحيحة بالجواز، ففي الوسائل: محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن غير واحد، عن أبي عبد الله (ع) قال: النظر إلى عورة من ليس بمسلم مثل النظر إلى عورة حمار. [1]
كذلك الحديث الذي يليه وهو حديث مرسل.
النقطة الثانية: حدود العورة: هناك روايات تدل على تحديد العورة، والاجماع والتسالم [2] على حرمة النظر إلى العورة.
في الوسائل: محمد بن الحسن بإسناده عن على بن محبوب عن العباس عن علي بن إسماعيل عن محمد بن حكيم [3] قال الميثمي [4]: لا أعلمه إلا قال: رأيت أبا عبد الله (ع) أو من رآها ( الظاهر – رآه -) [5] متجردا وعلى عورته ثوب، فقال: إن الفخذ ليس من العورة. [6]
من حيث السند: حسن. والقاعدة العامة التي وردت في التوثيق كتوثيق صفوان أو محمد بن عمير أو البزنطي أو اضرابهم كمحمد بن مسلم وغيرهم، الظاهر ان القاعدة تامة كما ذكرنا سابقا. وبناء على هذه القاعدة يتم توثيق محمد بن حكيم.
ومن حيث الدلالة واضحة في عدم كون الفخذ من العورة، فالمرتكز والمتسالم عليه ان العورة يحرم النظر اليها ويحرم كشفها. بل فيه دلالة على أن العورة لغة لا تشمله حيث قال: من رآه متجردا وعلى عورته ثوب. وذكرنا سابقا أن هناك الفاظ لغوية تركها الشارع على ما هي عليه، لكن أحيانا يتدخل في حدودها، كمفهوم العدالة والوثاقة في شرع المسلمين حيث اشترط فيها ان لا يكون شاربا للخمر. وكلمة عورة كما هي في اللغة وهي ما يستقبح كشفه ويجب ستره، ولكن تدخل الشارع في حدود هذا المعنى زيادة أو نقصانا سلبا أو إيجابا
الحديث الثاني الذي يليه في نفس المصدر: محمد بن الحسن بإسناده عن أحمد بن محمد عن أبي يحيى الواسطي عن بعض أصحابه عن أبي الحسن الماضي (ع) قال: العورة عورتان: القبل والدبر. والدبر مستور بالإليتين فإذا سترت القضيب والبيضتين فقد سترت العورة.
من حيث السند: الرواية مرسلة.
ومن حيث الدلالة تحدد العورة بالقضيب والبيضتين والدبر.
وهكذا عدَّة روايات. نعم في رواية بشير النبال لأن الإمام الباقر (ع) كان يغطي ما بين السّرة والركبة.
ففي الوسائل: محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن إسماعيل بن يسار، عن عثمان بن عفان السوسي، عن بشير النبال (محدوح) في حديثه، أن أبا جعفر (ع) دخل الحمام فاتزر بإزار وغطى ركبتيه وسرّته، ثم أمر صاحب الحمام فطلى ما كان خارجا من الإزار [7]، ثم قال: اخرج عني ثم طلى هو ما تحته، ثم قال: هكذا فافعل. [8]
بغض النظر عن سندها، فهي تدل على وجوب ستر ما بين الركبة والسرّة، بناء على ان صيغة افعل ظاهرة في الوجوب، وحملها على ان الامام يريد حالة من الترفع والاستحباب هو الذي يحتاج إلى دليل. لكنها معارضة بما دلّ على جواز كشف الفخذ، ومع كون الجمع بين روايات في اسنادها خدش نقول: في الشبهة الحكمية نبحث عن علم فإن لم نجد فعلمي فإن لم نجد فاصل لفظي فإن لم نجد فاصل عملي. في مقامنا القطع والعلمي مفقودان فنصل للأصل اللفظي، وحينئذ فإن دلّت بعض الروايات على إطلاق كما يمكن أن يقال في رواية صحيحة سنبينها لاحقا وهي عن الامام الصادق (ع) " لا ينظر الرجل إلى عورة أخيه " هناك أصل لفظي وهو اطلاق الحرمة فتشمل المشكوك وهو ما بين السّرة والركبة، ولو فرضنا عدم وجود أصل لفظي فحينئذ يقال ان هناك قطعا وجدانيا بعدم جواز النظر على العورة. عندها في الشبهة المفهومية عند عدم وضوح المفهوم أولا اطرق باب الشارع، فعند عدم وجود الحقيقة الشرعية اطرق باب العرف، ومع عدمه اطرق باب اللغة مستعينا بأصالة عدم النقل، ومع بقاء ابهام المعنى نقتصر على القدر المتيقن ويبقى الباقي محكوما بجواز النظر، مع استحباب الاحتياط فيما بين السرّة والركبة، وتكون الحكمة نوعا من الترفع أي هكذا افعل لا ينبغي أن يصدر منك الكشف.
هذه الروايات هي التي جعلت السيد الخوئي يحتاط.
ملخص ما ورد: أولا: هل يوجد أصل لفظي نرجع اليه في هذه المسألة؟ سنتكلم عن ذلك في بحث نظر المرأة على عورة المرأة.
ثانيا: لا شك في عدم جواز النظر إلى العورة، وهي شبهة مفهومية نقتصر فيها على القدر المتيقن، والروايات التي وردت في تحديد العورة اسنادها غير تام، وعليه ننتقل للأصل العملي، نفس العورة لا شك وهناك تسالم على عدم جواز النظر والكشف والباقي يبقى تحت الأصل وهو البراءة.
غدا ننتقل إلى مسألة أصعب وهي نظر المرأة إلى المرأة، ونبحث في نقطتين: حرمة النظر إلى عورة المرأة بالمعنى الأخص، وإلى جواز النظر إلى جسد المرأة وهو العورة بالمعنى الأعم. } وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ{ . النور 31. الصعوبة والابهام في تفسير " او نسائهن ". وارجوكم الدعاء وأن يوصلني الله عز وجل إلى تفسير سليم لقوله تعالى.





[2] تذكير: في الاصطلاح أولا يرد الاتفاق واقوى منه الاجماع ثم التسالم ثم الضرورة. وقد يستعمل الواحد أحيانا مكان الآخر.
[3] ممدوح روى عنه ابن أبي عمير كتابا. .
[4] أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن ميثم.
[5] هنا لا يمكن أن ترد أو على نحو التردد، لتسقط الرواية عن الاعتبار. .
[7] ملاحظة: من السرة إلى الركبة يغطيها المأزر، وقد يستعمل الازار مكان المأزر. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo