< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

35/12/27

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: هل يشترط في الولي الإسلام.
-دلالة الروايات على عدم جواز أن يكون الولي كافرا والمولى عليه مسلما.
وأما المعنى الثالث وهو الحجة والبرهان يوم القيامة، فهو مروي ويؤيده السياق وما سبق الآية ) فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ( [1].
الخلاصة: الظاهر في دلالة الآية بإطلاقها تشمل العلّو في الحجة والعلو في التشريع، ولا مانع من شمولها بإطلاقها للحجة والبرهان بمعنى الغلبة والظهور، فتكون تشمل هذين المعنيين، لان المعنى الواقعي لما في الدنيا ينفيه الواقع قتل الأنبياء والأوصياء والأولياء ما قبل الآية وما بعدها.
ومن الأدلة التي ذكرت على عدم جواز أن يكون الولي كافرا والمولى عليه مسلما.
منها: ما ورد في الوسائل عن الصدوق مرفوعا قال: وقال عليه السلام: الإسلام يعلو ولا يعلى عليه. [2]
ويرد عليه: احتمال كون العلوّ في الرواية في مقام الحجة والبرهان، والاحتمال يبطل الاستدلال لأنه ينفي الظهور، وإذا انتفى الظهور ينتفي الدليل [3]. ولو كان في مقام الواقع وأن العلو بمعنى السلطة والسيطرة والولاية، فالواقع في أيامنا هذه على خلاف ذلك.
ويؤيد هذا الاستظهار دلالات ومتون روايات إرث المسلم من النصراني دون العكس.
منها: ما في الوسائل: محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن محمد بن سنان، عن عبد الرحمن بن أعين، عن أبي جعفر عليه السلام في النصراني يموت، وله ابن مسلم، أيرثه؟ قال: نعم، إن الله عز وجل، لم يزدنا بالإسلام إلا عزا، فنحن نرثهم وهم لا يرثونا. ورواه الكليني عن علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن موسى بن بكر، عن عبد الله ابن أعين. ورواه الشيخ بإسناده عن يونس بن عبد الرحمن مثله. [4]
في السند محمد بن سنان ذكرنا أنه بذاته رجل ثقة عدل لكنه قال أن ما رواه وجادة لا سماعا مما جعل الفقهاء
يتوقفون بأخذ رواياته. في السند أيضا موسى بن بكر، قد وثقناه على خلاف الكثيرين.
وفي نفس المصدر: محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن موسى بن بكر، عن عبد الرحمن بن أعين، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: لا يتوارث أهل ملتين نحن نرثهم ولا يرثونا إن الله عز وجل لم يزدنا بالإسلام إلا عزا. [5]
في السند موسى بن بكر، قد وثقناه على خلاف الكثيرين.
وفي نفس المصدر: في الصحيح: محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن جميل، وهشام، عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: فيما روى الناس عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: لا يتوارث أهل ملتين قال: نرثهم ولا يرثونا إن الإسلام لم يزده في حقه إلا شدة. محمد بن الحسن بإسناده عن علي بن إبراهيم مثله إلا أنه قال : إن الإسلام لم يزده إلا عزا في حقه.[6]
المراد من الإسلام ما يشمله الدين من احكام وقيم والفكر والفقه، " الإسلام يعلو ولا يعلى عليه " لذلك جعل الحر العاملي (ره) الرواية في ضمن روايات موانع الإرث وهذا وزان " لا ضرر ولا ضرار في الاسلام "، فالإسلام يزيد المسلم خيرا ولا يزيده شرا في الفقه والتشريع والدين وينعكس على واقع الأمور في الدنيا.
ومن أدلة عدم ولاية الكافر على المسلم: أصالة عدم ثبوت الولاية.
ويرد عليه: أن هذه الأصول " أصالة العدم " في الواقع مرجعها للاستصحاب وهو أصل عملي لا يجري مع وجود الدليل اللفظي وهو إطلاقات الأدلة.
نعم قد يقال اننا نستدل على الولاية بروايات وأدلة. لكن لا نراها قائمة إلا من باب الأصل العملي. وقد يقال انها من باب حكم العقلاء أو الروايات " متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا "، وهذا لو تمّ فإنه يعارض الأدلة اللفظية في خصوص ولاية الأب الكافر مقدمة عليها من باب تقديم الخاص على العام.
ومنها: الإجماع، وهو غير تام لكونه منقولا ومدركيا فلا يكشف عن رأي المعصوم. وناقشنا في حجة الاجماع كبرويا وصغرويا، وما أجمل كلمة الشيخ الانصاري (ره) في الاجماع " هم أصل له وهو أصل لهم ". أما دليل ثبوت الولاية فهو إطلاقات أدلتها ولم يثبت تقييدها في شيء مما ذكر.
والنتيجة: ثبوت الولاية للكافر على المسلم إذا قام بشروطها، ومنها الأخذ بمصلحة المولى عليه بناء على مذهبنا في ذلك. وذكرنا سابقا أنه هل يشترط في الولي أن يلاحظ المصلحة أو يكفي أن يلاحظ عدم المفسدة، المشهور كفاية عدم المفسدة وذهبنا إلى أن الولاية يشترط فيها المصلحة أيضا. ومن المصالح ان لا ينحو بالمولى عليه إلى عدم الإسلام، لأن أعظم فائدة أن يكون الإنسان مسلما. بعبارة أخرى: ثبوت مقتضي الولاية وهو الاطلاقات وعدم وجود مانع لها.


[3] توضيح: عندما يكون هناك افراد، تارة يكون هناك ظهور في المعنى المشترك الكلي فيكون موضوعا للإطلاق ومع عدم الظهور في الاطلاق بسبب الاحتمال ينتفي جواز التمسك لعدم جريانه، فإن جريان الاطلاق من باب حجية الظهور لا من باب التعبد، أما إذا كان هناك احتمال معنيين مختلفين فلا موضوع للأطلاق. .
[6] المصدر السابق. ح 14،ص 376. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo