< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/01/24

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: محرمات النكاح.
نعم وقع الكلام في سبب هذه الملازمة والكلام فيها ينفعنا أولا من الناحية العلمية في معرفة كيفية حدوث هذه الملازمات، وثانيا هل هناك ملازمة عرفية أو لا؟
ادعيت هذه الملازمة فقيل: إن النكاح أمر واحد بسيط، فلا يكون حراما وحلالا وإن اختلفت إضافته إلى الطرفين، فإن ذلك لا يخرجه عن وحدته المانعة من اجتماع الحكمين المتضادين، والحرمة والحلّية أمران ضدان لا يجتمعان في محل واحد. [1]
يناقش صاحب الجواهر في ذلك فيقول: إن اريد من النكاح العقد فهو الايجاب والقبول، وهما فعلان قائمان بمحلّين مختلفين [2]، إذ الايجاب فعل الموجب، والقبول فعل القابل، فلا يكون شيئا واحدا، وإن أريد منه الوطء [3]فلا ريب في أن المعنى القائم بالواطئ غير المعنى القائم منه بالموطوء، فإن الوطء في الواطئ بمعنى الفاعلية، وفي الموطوء بمعنى المفعولية، وهما معنيان متغايران، فلا اجتماع للضدين في محل واحد، بل بذلك يظهر لك التعدد في غير النكاح من المعاملات، كالبيع والصلح والإجارة وغيرها، وحينئذ فلا مانع من اختلاف الحكم فيها [4]، ولعلّه لذا ذهب جماعة إلى اختلاف حكم المتعاقدين في البيع وقت النداء إذا كان أحدهما مخاطبا بالجمعة دون الآخر، فخصّوا المنع بمن خوطب بالسعي، وحكموا بجواز البيع من طرف الآخر. نعم رجّح جماعة آخرون عموم المنع من حيث الاعانة على الاثم.
والنتيجة في كلامه: فالأولى في الاستدلال على المطلوب في المقام بأن تحريم المعاملة:
- إن كان لتوجه النهي إلى عينها أو وصفها اللازم كما في بيع الميتة ونكاح المحارم فالتحريم من أحد الطرفين يستلزم التحريم من الآخر، لأن تحريمها على الوجه المذكور يقتضي فسادهما، وهو يقتضي تحريمها من الطرف الآخر، لكون التحريم من لوازم الفساد.
-وإن كان توجه النهي فيها إلى أمر خارج كما في البيع وقت النداء، وبيع الأمة قبل استبرائها والعقد على المخطوبة إن قلنا بتحريمه، فالتحريم من أحد الطرفين لا يستلزم التحريم من الآخر إلا من جهة الاعانة على الإثم، للأصل السالم عن المعارض [5]نعم قد يدّعى كراهيته [6] [7]. انتهى المهم من كلامه رفع مقامه.
أما المختار: إن التحريم في الآية تحريم وضعي بمعنى الفساد كما هو ليس ببعيد، لا تحريم تكليفي، وهذا يكون قرينة على أن المتعلّق المقدّر المحذوف هو: " تزوج أمهاتكم "، وليس " وطء أمهاتكم "، وفساد العقد يكون للطرفين، وهذا قرينة على التلازم المذكور، نعم لو كان التحريم تكليفيا، فلا مانع من كونه محرّما من جهّة ومحلّلا من جهة أخرى ويكون اجتماعهما مورديا. وحينئذ يكون للتفصيل الذي ذكره صاحب الجواهر (ره) وجه.
غدا إن شاء الله نكمل مسألة ثبوت النسب.


[1] درسنا في الأصول ان اجتماع الامر والنهي في محل واحد حقيقة واعتبارا محال عقلا، وليست امرا بالمحال، لان الشيء الواحد لا يمكن أن يكون محبوبا ومبغوضا في آن واحد. ولذلك من قال بامتناع اجتماع الأمر والنهي حاول إعادة ذلك إلى أن عنوان الأمر وعنوان النهي إلى اجتماع حقيقي في المعنون الواحد بحيث ينطبق عليه اجتماع الأمر والنهي في واحد وهي الكبرى المحال. ومن قال بجواز اجتماع الأمر والنهي حاول إعادة ذلك إلى اجتماع في المورد؟.
استطراد: السيد محمد باقر الصدر (قده) قال بأن اجتماع الامر والنهي جائز اصوليا ممنوع فقهيا لدخول الذوقيات، لكنه محل تأمل
[2] قلنا سابقا في بحث منفصل ان العقد اشتهر انه ايجاب وقبول لكن ليس من الضروري ان يكون كذلك، العقد بالدقة هو إنشاء ارتباط بين إرادتين وطرفين وقد يكون المنشئ واحدا، نعم يكون غالبا بالإيجاب والقبول، ولهذا ثمرة في عقد الزواج المدني كما ذكرنا.
[3] نحن ايدنا هذا وقلنا بان النكاح ليس موضوعا للعقد على خلاف ما نقله العلامة من المشهور. وقلنا ان النكاح لفظ موضوع للوطء الشرعي مقابل السفاح.
[4] هو رحمه الله حوَّل محل الاجتماع من محل واحد إلى مورد واحد، وهذا جائز عند علماء الأصول. نعم وقع الكلام في الموردين إذا كانا متلازمين، وبحثت المسألة في مسألة الضد.
[5] فاستصحاب الحلية لا يعارض بشيء.
[6] وهذه المسألة تنفعنا أيضا في مسألة إذا كان هناك شخصان وكل واحد منهما يقلد مجتهدا غير الآخر، ويختلفان في الفتوى، مثلا: احدهما يقول في عقد النكاح إذا زنى بامرأة متزوجة لا تحرم عليه مؤبدا، والآخر يقول بالحرمة. وغيرها من المسائل.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo