< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/03/28

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: محرمات النكاح.
السبب الرابع في ثبوت النسب: هل طفل الأنبوب يثبت نسبا أو لا؟ وما هو نسبه أما أو أبا؟
-أصل حليّة هذه التقنيّة للولادة.
-من هو الأب؟
-من هي الأم؟
أصل حليّة هذه التقنيّة للحصول على الولد.
سنستعرض باختصار لهذه النقطة نظرا إلى أن الكلام الآن في ثبوت النسب بها، ولكن لتكامل البحث ونزولا عند طلب بعض الأخوة، سنلوي العنان للتكلم فيها باختصار، والاستنساخ فرع لطفل الانبوب فكل ما يمكن ان يقال هنا يقال في الاستنساخ.
وكما ذكرنا في منهجية الاستنباط، هذه شبهة حكمية أبحث فيها أولا: عن قطع أي علم، فإن لم أجد فعلمي، وآخرها في سلّم الاستنباط الأصول اللفظية، فإن لم أجد فأصل عملي.
أما العلم والقطع فغير موجود، ولا إجماع هنا، بل لا يمكن وجود إجماع حجة لكون المسألة متأخرة إلا على مسلك الشيخ الطوسي (ره) في حجية الإجماع بقاعدة اللطف [1]. وإذا لم نجد أمرا يفيد القطع ننتقل إلى المرحلة الثانية وهي البحث عن علمي.
وما يمكن الاستدلال به على الحرمة أمور بعضها يدل بالعنوان الأولي وبعضها بالعنوان الثانوي وهي:
الكتاب، السنّة، أصالة الاحتياط في الفروج، اختلاط الأنساب، لزوم قتل بعض البويضات الملقحة، استلزام إجراء العملية اللمس والنظر.
اما الكتاب: سورة النور: ) وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ( [2].
وجه الاستدلال أن متعلق الحفظ "يحفظن" وحذف المتعلّق يفيد العموم، أي أن العبارة ظاهرة في تعميم حفظ الفرج من الزنى ونظر الآخرين، وكل شيء آخر بما يشمل حفظه من أن يزرع فيه نطفة ملقّحة خارج الرحم، سواء أكان التلقيح بين الطرفين شرعيا كالزوجية وملك اليمين والتحليل، أو بحكم الشرعي كوطء الشبهة، أم كان التلاقح محرما كالنطفة الناشئة من الزنى وتؤخذ وتزرع في رحم امرأة أخرى، فهل يحرم زرعها في الأخرى؟ وطبعا شمول وجوب الحفظ في الأخير أوضح [3].
والجواب على هذا التعميم:
قد ورد في بعض الروايات تخصيص الحفظ عن خصوص النظر، ففي الوسائل: ح 3 - قال: وسئل الصادق عليه السلام عن قول الله عز وجل: ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم ) فقال: كل ما كان في كتاب الله من ذكر حفظ الفرج فهو من الزنى إلا في هذا الموضع فإنه للحفظ من أن ينظر إليه. [4]
لذلك استدلوا بهذه الآية على عدم جواز تمكين الآخرين من النظر.
من حيث السند: الرواية مرسلة إذ رواها الصدوق مرسلة عن الصادق (ع)، نعم لا بأس بالبحث عن الفرق في قول الصدوق: "عن الامام (ع)" وقوله: " قال الامام (ع)"، هل لسان " قال " هو لسان تبنّي أي اصبحت مرفوعة قد تبنّاها بعد أن كانت مرسلة. نعم يؤيد ذلك أن الرواية رويت في تفسير الفرات للقمي بسند معتبر وهو: علي بن ابراهيم عن ابيه عن ابن ابي عمير عن ابي بصير عن الصادق (ع). قد يقال ان ابراهيم بن هاشم عن ابيه فتصبح الرواية حسنة، ذكرنا ان هذه الرواية صحيحة لأن التوثيق العام جار بالنسبة لإبراهيم بن هاشم. والطائفة عملت بكتاب تفسير فرات وعملت بروايات علي بن ابراهيم، واكثر روايات علي بن ابراهيم عن ابيه، فمع العمل بالروايات لا تجعل من رواياته حسنة، شخصية ابراهيم بن هاشم شخصية غير عادية، شخصية علمية عالية.
إذن الرواية صحيحة معتبرة " كل ما كان في كتاب الله من ذكر حفظ الفرج فهو من الزنى إلا في هذا الموضع فإنه للحفظ من أن ينظر إليه " فإذا كان كذلك فلا وجود للإطلاق في الآية، فقد قيّدت وخبر الواحد كما في الاصول يقيّد الآيات، فقيدت بخصوص النظر فانتفى العموم. نعم لو قال في الرواية: " يحفظوا فروجهم إلا من النظر " يبقى العام عاما ويمكن الاستدلال على المشكوك بالعموم. اما إذا قال أن المراد من الحفظ هو النظر، هنا ينتفى العموم كليا.
الرواية الثانية من نفس المصدر الوسائل: ح 5 - علي بن الحسين المرتضى في رسالة ( المحكم والمتشابه ) نقلا من تفسير النعماني بسنده الآتي عن علي عليه السلام في قوله عز وجل: ( قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم ) معناه لا ينظر أحدكم إلى فرج أخيه المؤمن، أو يمكنه من النظر إلى فرجه، ثم قال: ( قل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ) أي ممن يلحقهن النظر كما جاء في حفظ الفروج، فالنظر سبب إيقاع الفعل من الزنى وغيره. [5]
سند هذه الرواية: حدثنا النعماني، حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقبة عن أحمد بن يوسف بن يعقوب الجعفي عن اسماعيل بن مهران عن الحسن بن علي بن ابي حمزة (البطائني) عن ابيه عن اسماعيل بن جابر.
الرواية ضعيفة وخصوصا أن فيها الحسن بن علي بن ابي حمزة معروف انه رجل كذاب على خلاف ابيه الثقة.
والذي ينفعنا هنا أن هاتين الروايتين، الاولى صحيحة والثانية مؤيّدة يبينان المراد من الآية وهو خصوص النظر فينتفي التعميم، هذا اولا. ثانيا: أن هناك مطلبا أصوليا ذكرناه سابقا وهو بأن الحجة عندنا هو أصالة الظهور وليس أصالة الحقيقة، ولا العموم، ولا الإطلاق، ولا أصالة عدم التقدير، ولا نقول بجريان هذه الأصالات تعبدا كما تبعا للقدماء، انما الموجود هو اصالة الظهور التي هي اصل وجودي وليس اصلا عدميا، وهذا ينفع في انني يجب أن احرز الظهور في العموم ففي " يحفظن فروجهن " يجب ان احرز الظهور في كل انواع الحفظ، إذا لم احرز الظهور لا استطيع ان اتمسك بالعموم [6].
الآية الثانية سورة المؤمنون: ) وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ (5) إِلاَّ عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ ( [7]، نفس الاستدلال الذي مرّ في الآية السابقة، حذف المتعلق يفيد العموم، والجواب نفس الجواب: ليس هناك ظهور، والروايات ليست على ذلك.
غدا ان شاء الله ننتقل للروايات ومدى دلالتها على التحريم.


[1] في بحث سابق ذكرنا أن قاعدة اللطف البست ثوبا فضفاضا اكبر منها.
[3] وهذا سينفع في قول نسب للسيد الخامنئي (ره)، انه جوز التلقيح بين غير الزوجين.
[6] كما ذكرت أمام بعض الاساطين في مسألة وطء المرأة دبرا بغض النظر عن الروايات، ان العموم من الروايات هو صدق الاتيان سواء كان قبلا أو دبرا. وكنت قد ذكرت له انه ليس المقصود الا قبلا، قال: انك تدعي الانصراف !!! وهو غير مسلم. اجبت انني لا ادعي الانصراف بل ادعي عدم الظهور، وهنا فرق بين الاثنين، لان الانصراف يحتاج إلى اثبات، نعم قد نسلّم انه ليس هناك انصراف عن الدبر إلى خصوص القبل في الوطء واحكامه.
لكن هنا نسلّم بالظهور في العموم. هنا احتاج إلى ان اثبت الظهور، ظهور في العموم حتى يصبح حجة، وليس فقط عدم الانصراف. وهنا نفس الكلام

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo