< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/04/20

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: ثبوت النسب.
-طفل الانبوب: من هو الأب؟
-الاستدلال بالروايات.
أما الروايات التي استدل بها: الوسائل: ح 1 - محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد عن عمرو بن عثمان، وعن أبيه جميعا، عن هارون بن الجهم، عن محمد بن مسلم قال: سمعت أبا جعفر وأبا عبد الله عليهما السلام يقولان: بينما الحسن بن علي في مجلس أمير المؤمنين عليه السلام إذ أقبل قوم قالوا: يا أبا محمد أردنا أمير المؤمنين، قال: وما حاجتكم؟ قالوا: أردنا أن نسأله عن مسألة، قال: وما هي تخبرونا بها ؟ قالوا: امرأة جامعها زوجها فلما قام عنها قامت بحموتها فوقعت على جارية بكر [1]فساحقتها فوقعت النطفة فيها فحملت، فما تقول في هذا؟ فقال الحسن: معضلة وأبو الحسن لها وأقول فان أصبت فمن الله ومن أمير المؤمنين وإن أخطأت فمن نفسي فأرجو أن لا أخطئ إنشاء الله: يعمد إلى المرأة فيؤخذ منها مهر الجارية البكر في أول وهلة لأن الولد لا يخرج منها حتى تشق فتذهب عذرتها ثم، ترجم المرأة لأنها محصنة، وينتظر بالجارية حتى تضع ما في بطنها ويرد الولد إلى أبيه صاحب النطفة، ثم تجلد الجارية الحد، قال: فانصرف القوم من عند الحسن عليه السلام فلقوا أمير المؤمنين عليه السلام فقال: ما قلتم لأبي محمد؟ وما قال لكم ؟ فأخبروه، فقال : لو أنني المسؤول ما كان عندي فيها أكثر مما قال ابني. [2]
وقد بيّنا سابقا الرواية سندا وانه معتبر وانها مستفيضة. وذكرنا المتن وما فيه من دلالة وأن النص صريح على أن الأب هو صاحب النطفة، ولا نعيد، ولكن سنستشهد بفقرة: " ويُردّ الولد إلى أبيه صاحب النطفة ".
هنا مسألتان: الاولى: هل هذه الرواية تدل على أن الأب هو صاحب النطفة؟
الثانية: هل أن كلمة " صاحب النطفة " فيها اطلاق حتى نستفيد منه في طرد احتمالات الشرائط؟ كاشتراط المباشرة الجنسية، والعقد الشرعي، وغيرها من الاحتمالات التي ترد في اشتراط الابوة، فاستطيع طرد هذه الاحتمالات بأصالة الاطلاق، فأقول حينئذ: تمّ المفهوم وهذا صاحب النطفة اشك في اشتراط المباشرة الجنسية حتى يكون أبا. فبأصالة الاطلاق أطرد الشرط. وإذا وصلت المسألة للأصل العملي فالأصل هو استصحاب عدم ترتب الأثر.
هل هذه الرواية تدل على أن صاحب النطفة هو الأب؟ تعود المسألة إلى اعراب كلمة " صاحب النطفة " هناك احتمالات وكل احتمال يؤدي إلى ثمرة وإلى حكم:
إذا قلنا أن " صاحبَ " بالفتح، بتقدير أعني صاحبَ النطفة وأخص صاحب النطفة، منصوب بفعل محذوف [3].
إذا قلنا " صاحبِ " بالكسر فيمكن أن يكون: - بدل كل من كل [4]. – بدل اشتمال. – عطف بيان.
والجامع المشترك بين كل الاحتمالات أن صاحب النطفة أحد المصاديق الحقيقية لمفهوم الأب وهذا يكفي في الجواب عن المسألة الأولى.
اما المسألة الثانية: هل نستطيع أن نستفيد من الرواية في نفي القيود؟ هل لكلمة " صاحب النطفة " اطلاق؟ بالإطلاق نستطيع أن ننفي القيود. ففي أي احتمال من المعاني السابقة نستطيع أن ننفي القيود.
إذا كان بدل كل من كل، وبدل اشتمال، وعطف بيان، يمكن ان يقال بالإطلاق في هذه الحالات لأنه المقصود بالحكم، وهو موضوعه فتجري فيه مقدمات الحكمة.
أما إذا كانت كلمة " صاحب النطفة " مجرد توضيح وتعيين لفرد الأبوة المقصود بالحكم للفرد من هو الأب، تماما كقولنا: " اكرم زيدا الشاعر " وكان الشاعر توضيحا وتعيينا لأي زيد من بين الزيود، في هذه الحالة هل كلمة شاعر فيها اطلاق، أو انها عبيّت فقط ولم تلحظ الافراد والحالات والازمنة فلا اطلاق لها. إذا كان الاستعمال لمجرد البيان فلا تدل على الإطلاق لأنه أدى مهمته في التوضيح والمتكلم لا يريد الاطلاق، وأصالة الاطلاق انما تأتي إذا اراد المتكلم، ففي مقدّمات الحكمة: أن يكون المتكلم في مقام البيان، وامكن أن يبيّن، ولم يبيّن. لا استطيع أن آخذ بالإطلاق لأنه بيان لمعنى موضوع الحكم وليس بيان لعنوان موضوع الحكم.
النتيجة: أن كلمة " صاحب النطفة " ليس لها إطلاق على بعض الاوجه، لأن الإطلاق غير مقصود هنا، فلا أستطيع أن اتمسك بإطلاق الرواية هنا في حال الشك في بعض شرائط الأبوة لأنها غير ناظرة للشرائط تعيّن من هو الأب. وأنه هو الأب؟ التكويني نعم يمكن التمسك بأطلاق الأب لكن لا نتمسك بأطلاق صاحب النطفة.
ح 2 - وعن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن حماد بن عيسى، عن علي ابن أبي حمزة، عن إسحاق بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: دعاني زياد فقال: إن أمير المؤمنين كتب إلى أن أسألك هذه المسألة فقلت: وما هي ؟ قال: رجل أتى امرأته فاحتملت ماءه فساحقت به جارية فحملت قلت له: سل عنها أهل المدينة فألقى إلى كتابا فإذا فيه: سل عنها جعفر بن محمد فان أجابك وإلا فاحمله إلى، قال: فقلت له : ترجم المرأة وتجلد الجارية ويلحق الولد بأبيه، قال: ولا أعلمه إلا قال: وهو ابتلى بها. [5]
الرواية الثانية: الوسائل : ح 1 محمد بن الحسن باسناده عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن أبي المغرا، عن الحلبي، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا وقع الحر والعبد والمشرك على امرأة في طهر واحد وادعوا الولد أقرع بينهم، وكان الولد للذي يقرع. [6]
السند معتبر، وفي الدلالة قلنا أنه إذا كان أحدهم صاحب فراش تنطبق قاعدة الولد للفراش. أما إذا كان زنى فتدل على أن الزنى يلحق بأبيه صاحب النطفة بالأحكام ويعتبر ولدا إلا ما خرج بدليل كالإرث.
الرواية الاخيرة: الوسائل: ح 5 وعنه، عن عبد الرحمن بن أبي نجران، عن عاصم بن حميد، عن بعض أصحابنا، عن أبي جعفر عليه السلام قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وآله عليا عليه السلام إلى اليمن فقال له حين قدم: حدثني بأعجب ما ورد عليك، فقال: يا رسول الله أتاني قوم قد تبايعوا جارية فوطأها جميعهم في طهر واحد، فولدت غلاما فاحتجوا فيه كلهم يدعيه فأسهمت بينهم، فجعلته للذي خرج سهمه وضمنته نصيبهم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: ليس من قوم تنازعوا ثم فوضوا أمرهم إلى الله إلا خرج سهم المحق. [7]
الرواية سندا معتبرة، أما دلالة في الروايتين قلنا انه إذا كان هناك صاحب فراش، زوج أو مالك أو وطء شبهة، فالولد للفراش وإذا دار الامر بينهم يسهم على ذلك.
غدا نكمل الدليل الثالث على أن الأب هو صاحب النطفة تكوينا.


[1] ذكرنا أنه هناك مشكلة تربوية جنسية وذكرنا الروايات التي تحث الرجل على مراعات حال المرأة ايضا، وان هناك نوع من الذم لعدم مراعات حاجتها الجنسية والعاطفية، الزوجة انسان له حاجته، وكما ورد في الحديث الشريف ما مضمونه " لا تقبلوا على نسائكم اقبال البهائم، وعليكم بالرسول، قيل وما الرسول: قال: القبلة والمداعبة ".
[3] سؤال: هل يكون "صاحبَ" حالا؟ الجواب: الحال يجب أن يكون نكرة أو مؤولا بها. نعم يمكن ان يكون " صاحبِ " نعتا وصفا، لانهما متطابقان في التعريف.
[4] للتذكير: البدل على ثلاثة أقسام: بدل كل من كل، وبدل بعض من كل، وبدل اشتمال. والبدل هو المقصود بالحكم بلا واسطة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo