< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/05/20

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: مناقشة قاعدة التوثيقات العامة: أن صفوان، وابن أبي عمير، والبزنطي، وأضرابهم لا يروون إلا عن ثقة.
-الطعن في دعوى التسوية.
-الطعن في دعوى عدم الرواية إلا عن ثقة.
نكمل الكلام في الروايات التي طعن فيها الشيخ (ره) بالإرسال رغم ان مرسلها احد هؤلاء الثلاثة.
ومنها: ما ذكره السيد الخوئي (ره) من التعليق على الشيخ على بعض الروايات في التهذيب ج 1 باب المياه واحكامها: (1309) 28: فأما ما رواه محمد بن علي بن محبوب عن العباس عن عبد الله بن المغيرة عن بعض أصحابه عن أبي عبد الله عليه السلام قال: إذا كان الماء قدر قلتين لم ينجسه شيء والقلتان جرتان.
فهذا خبر مرسل ويحتمل أن يكون ورد مورد التقية لموافقته لمذهب كثير من العامة يحتمل أيضا أن يكون الوجه فيه ما قدمناه في غير هذا الخبر وهو أنه يكون مقدار القلتين مقدار الكر لان ذلك ليس بمنكر لان القلة هي الجرة الكبيرة في اللغة وعلى هذا لا تنافي بين الاخبار . [1] وقال في الاستبصار: فأول ما فيه أنه مرسل به.
وفيه: أولا: أن الراوي عبد الله بن المغيرة، وهو من أصحابنا الاجماع، ولم بنصّ عليه الشيخ (ره) في العدّة، بل كان جعله من مشايخ الثقات اجتهادا من السيد الخوئي (ره) عندما اعاد دعوى الطوسي إلى الكشي، فيصبح اصحاب الاجماع الثمانية عشر كلهم لا يروون إلا عن ثقة والمراسيل كالمسانيد، وهذا اشكال على استنتاج السيد الخوئي (ره) وليس اشكالا على الشيخ الطوسي. بعبارة اخرى: السيد الخوئي (ره) البس كلام العدّة استنتاجا من اجتهاده وبدأ يشكل على العدّة من خلال هذا الاستنتاج، ونحن لم نسلّم به.
وثانيا: يمكن أن يكون خدش الشيخ الطوسي دليلا بنحو الإن أنه قد يروي عن ثقة ومن غير ثقة، مما يلزمه بنحو الإن [2] أن هذه القاعدة ليس منشؤها دعوى الكشي في أصحاب الاجماع من أن الثمانية عشر أجمعت العصابة على تصحيح ما صحّ عنهم.
وثالثا: أن عبد الله بن المغيرة أرسل عن بعض أصحابه والكلام في ذلك نفس الكلام في الرواية السابقة. الواسطة هنا مجهولة لكنها موصفة ونحن يكفينا في مقام حجية الخبر توصيف الواسطة ولا يشترط ان يكون الواسطة معلوما بعينه، كل الادلة التي دلت على حجية خبر الثقة من آيات أو روايات أو من سيرة عقلاء أو اجماع، ليس هناك دليل واحد يقول أن الراوي يجب أن يعلم بشخصه.
إلى هنا نكون قد انتهينا من الطعن الاول للسيد الخوئي (ره) وغيره من المتأخرين من الشهيد (ره) ومن بعده حين بدأت النقوضات على هذه القاعدة.
وتلخيص ما مضى: اولا: أن دعوى العدّة هي عبارة عن دعويين، الذين اشكلوا على القاعدة اعتبروا أن الدعويين حدسيتين، والحدس حجة عليه. أما نحن قلنا أن الدعوى الاولى حسيّة لقوله: " عُرفوا "، أما الدعوى الثانية وهي التسوية يحتمل انها عن حدس واجتهاد منه (ره).
ثانيا: طعن على القاعدة بالروايات، روايات ابن ابي عمير انها مرسلة بقوله: " أول ما فيه انه مرسل ".
وذكرنا في مقام الرد ان هناك روايتين عن ابن ابي عمير والباقي عن اصحاب الاجماع. اما المرسلتان: فالأولى فيها ارسالان، والثانية " عن بعض اصحابه " وليس عن " رجل " أو " روي لي ". والرواية الثالثة عن اصحاب الاجماع.
واما ما ذكره السيد الخوئي (ره) من اعادة كلام العدّة إلى الشيخ الكشي فهذا مما لا دليل عليه، حدس منه ونحترمه.
الطعن الثاني:
أن نفس الشيخ الطوسي (ره) الذي قال: أن ابن أبي عمير واضرابه لا يروون إلا عن ثقة، فقد روى هؤلاء الثلاثة عن غير ثقة، بل عن ضعيف، بل عن كذاب. ذكر منهم:
علي بن أبي حمزة البطائني، ويونس بن ضبيان، وعلي بن حديد، والحسين بن أحمد المنقري، وابو جميلة، وعبد الله بن القاسم الحضرمي، وابي البختري وهب بن وهب، وعمرو بن جميع.
والجواب: يحتمل عدّة احتمالات ومع الاحتمال يبطل الاستدلال، وليس هناك جوابا قطعيا بالخدش أو تخريجا لماذا روي عن هؤلاء.
الاحتمال الاول: إن أحوال الرجال قد تتغير، فلعلّ ابن أبي عمير عندما روى عنه كان ثقة، ثم تغيّر حاله، كعلي بن أبي حمزة البطائني وهو من كبار الشيعة الذي كان مستقيما في العقيدة ثم أصبح واقفيا، وكبني فضّال وهم من كبار

ثقات الرواة أصبحوا فطحية. [3]
الاحتمال الثاني: يذكره السيد الخوئي (ره): إن الرواية عن هؤلاء الضعفاء لا تنافي دعوى الشيخ (ره) أنهم لا يروون إلا عن ثقة، فإن الظاهر أن الشيخ الطوسي يريد بذلك أنهم لا يروون إلا عن ثقة عندهم، فرواية أحدهم عن شخص
شهادة منه على وثاقته وهذه شهادة يؤخذ بها ما لم يثبت خلافها ككل العمومات. [4]
الجواب: السيد الخوئي (ره) يجيب عن ذلك بقوله في معجم رجال الحديث: قلت: لا يصح ذلك، بل الشيخ أراد بما ذكر: أنهم لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة في الواقع ونفس الأمر، لا من يكون ثقة باعتقادهم إذ لو أراد ذلك لم يمكن الحكم بالتسوية بين مراسليهم ومسانيد غيرهم، فإنه إذا ثبت في موارد روايتهم من الضعفاء - وإن كانوا ثقات عندهم - لم يمكن الحكم بصحة مراسليه، إذ من المحتمل أن الواسطة هو من ثبت ضعفه عنه، فكيف يمكن الأخذ بها؟. ولذلك قال المحقق في المعتبر في آداب الوضوء:( ولو احتج بما رواه ابن أبي عمير عن بعض أصحابنا .. كان الجواب الطعن في السند لمكان الارسال، ولو قال مراسيل ابن أبي عمير يعمل بها الأصحاب، منعنا ذلك، لان في رجاله من طعن الأصحاب فيه، وإذا أرسل أحتمل أن يكون الراوي أحدهم ). [5]
ان شاء الله غدا نعلّق على كلام السيد الخوئي (ره) حيث قال: من كان ثقة في الواقع ونفس الأمر.


[2] الدليل الإني: وهو الانتقال من المعلول إلى العلّة أي بنحو اللازم.
[3] وهذا من الاجوبة العامة، وكمثال آخر: زياد بن ابيه كان واليا للامام علي بن ابي طالب (ع) على اصطخر في خراسان، ثم غرته الدنيا، عرض عليه معاوية بن ابي سفيان ثلاثة امور: انسبك إلى ابي، وكل المال الذي بين يديك لك، ولك ولاية الكوفة. فباع دينه، وهذا يكشف ان اساسه غير صالح.
ومثال آخر: الزبير بن العوام الذي قال فيه الامام علي (ع) " ما زال الزبير كان منّا أهل البيت حتى جاء ابنه عبد الله فأخرجه عنا " وحيث ابن الامام (ع) الزبير أخذا سيفه: " سيف طالما كشف الكرب عن وجه رسول الله "، ثم يقول (ع): " الزبير وقاتله إلى النار "
[4] استطراد وتذكير: الفرق بين العام والنص: العام يمكن أن يستثنى منه، لأنه ظهور في العموم، واحتمال الخلاف وارد لكنه ملغىً عند العقلاء. اما النص فلا يمكن الاستثناء منه. مثلا: إذا قلت اكرم علماء البلد واعلم انه لا يوجد إلا ثلاثة: زيد، وبكر، وعمرو. استطيع ان اقول: اكرم علماء البلد إلا زيدا، لان علماء البلد عام، لكن لا استطيع ان اقول: اكرم زيدا وعمروا وبكرا إلا زيدا، لوجود النص على الاكرام فلا يصح الاستثناء لوجود النافي والتناقض الواضح.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo