< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/06/02

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: مناقشة قاعدة التوثيقات العامة: أن صفوان، وابن أبي عمير، والبزنطي، وأضرابهم لا يروون إلا عن ثقة.
-الضعفاء الذين روى عنهم مشايخ الثقات.
-ادلة توثيق البطائني.
وصلنا إلى خلاصة أن هذه الدعوى " انهم لا يروون إلا عن ثقة " دعوى نقلية باعتبار كلمة " عُرفوا " من العدّة فهي حجة علينا وليس اجتهادا منه (ره)، فلو فرضنا أن شخصا مشكوكا قد روى عنه ابن أبي عمير ويسدل على وثاقته بالقاعدة. هذه القاعدة كونها نقلية فهي حجة علينا وما ذكر من الاشكالات التي يجمعها اشكالان كبيران: الطعن بالإرسال والرواية عن الضعاف، ومع الاحتمالات التي ذكرناها لا يكفي لنفي الاستدلال على القاعدة، لان الدليل على النقل هو خبر واحد معتبر، فنفيه هو الذي يحتاج إلى دليل، والنفي إما بدليل قطعي وهو منفي مع الاحتمالات المذكورة لان الاحتمال يبطل الاستدلال، أو بأدلة ظنية معتبرة أخرى. فالنتيجة ان هذه القاعدة تامّة فإذا روى ابن ابي عمير عن شخص فهو ثقة إلا ان يثبت العكس.
ولا باس بإلقاء نظرة على هؤلاء الضعفاء الذين روى عنهم مشايخ الثقات، وهم ثمانية كما ذكر.
سنذكر الادلة الشهادة على وثاقة البطائني:
علي بن أبي حمزة البطائني: قال عنه النجاشي هو من أركان الواقفة وهو عمادها.
شهد الشيخ الطوسي (ره) بوثاقته حيث يقول في العدّة: ج1: واما إذا كان الراوي من فرق الشيعة مثل الفطحية والواقفة والناووسية وغيرهم نظر فيما يروي، فإن كان هناك قرينة تعضده أو خبر آخر من جهة الموثوقين بهم وجب العمل به، وإن كان خبر آخر يخالفه من طريق الموثوقين وجب إطّراح ما اختصوا بروايته والعمل بما رواه الثقة [1]، وإن كان ما رووه ليس هناك ما يخالفه ولا يعرف من الطائفة العمل بخلافه [2]وجب أيضا العمل به إذا كان متحرّزا في روايته موثوقا في أمانته، وإن كان مخطئا في أصل الاعتقاد. ولأجل ما قلناه عملت الطائفة بأخبار الفطحية مثل عبد الله بن بكير وغيره وأخبار الواقفة مثل سماعة بن مهران وعلي بن أبي حمزة وعثمان بن عيسى ... [3]
هنا الشيخ الطوسي (ره) في العدّة نصَّ على وثاقة علي بن أبي حمزة. فإذن " عُرفوا بانهم لا يروون إلا عن ثقة " لا تخدش بعلي بن ابي حمزة في رأي الشيخ (ره).
فمن الادليل أو المؤيدات على وثاقته أولا أن الشيخ الطوسي (ره) وثقه باسمه.
ثانيا: عاش تقريبا 40 سنة مع الامام الصادق والكاظم (عليهم)لم يبدر منه سوء، وكان حسن السيرة، ولا ريب أن الروايات كتب ونقل معظمها في زمن استقامته، ثم بعد ذلك وقف على الامام الرضا (ع) وهي سنين قليلة.[4]
ثالثا: وقع في أسنانيد كامل الزيارات لابن قولويه، وهو من التوثيقات العامّة. [5]
رابعا: روى الشيخ الطوسي (ره) أن له أصلا، رواه عنه صفوان وابن أبي عمير والنزنطي، هؤلاء من مشايخ الثقات. وروى عنه الثقات كالحسن بن محبوب (بعضهم اعتبره من أصحاب الاجماع)، وفضالة، وعلي بن أسباط، وجعفر بن بشير البجلي. هؤلاء من كبار الثقات رووا عن البطائني وهذا مؤيد يجعلك تطمئن إلى وثاقته.
ثم انه بقي شيعيا مواليا إلى الكاظم (ع) لم يصبح كاذبا ومرتدا وكافرا، توقف عند الرضا (ع) إما لشبهة، وإما لسياسة، أو لطمع، وهذا لا يعني ضعفه. وقلنا احتمالا وليس كدليل أن الواقفة هي حركة امنية خطط لها الامام موسى بن جعفر الكاظم (ع) لحفظ نفس الامام الرضا (ع)، وهي اخطر عملية وقف لان المعظم والكثير من الفقهاء الكبار عند الامامية الشيعة أصحاب موسى بن جعفر واصحاب الصادق (عليهم) الذين هم عماد هذه الامّة والطائفة والاسلام وقفوا عن الامامة طمعا بالمال كما قيل، بهذا اشكل بعض فقهاء العامة على مذهب التشيع بالخروج عنه لأجل المال.
عندما نقول بثلاثين أو بسبعين الف دينا، والدينار بزمن هارون الرشيد كان يعادل عشرة دراهم والدرهم يشتري نعجة، ما يعادل تقريبا حوالي تسعين مليون دولار للقيمة الشرائية لزماننا هذا.
لكن نقول هل من المعقول ان كبار هؤلاء العلماء الثقات من الطائفة ان يصدر منهم هذا الفعل وان لم يكن محالا؟! لذلك ارجح انها حالة امنية ولأنه هناك قرائن اخرى كرواية علي بن ابي حمزة هو يروي عن الامام الكاظم (ع) انه قال له انت واصحابك اشباه الحمير. هذا الذمّ هو نفسه ينقله عن امام معترف هو بعصمته وبإمامته، أي انسان عاقل وبعظمة علي بن ابي حمزة وهو عماد هذا الحركة يروي هذا عن نفسه لو كان دنيويا؟!
المؤيد الاخير أيضا أن هذه الحركة الواقفة انتهت بسرعة ورجع أكثرهم إلى الامام الرضا (ع) وارجعوا الاموال له بعد أن هدأ الوضع الامني فلم يتأسس مذهب كالزيدية وغيرها.
ذكرنا سابقا هذه الحركة وقلنا ان هذا مؤيد ولا أجزم بذلك، لكن مع هذا الاحتمال وان علي بن ابي حمزة وهؤلاء الواقفة الكبار هذا الذمّ الوارد فيهم لم يرد لأمر عادي! مع هذا الاحتمال تكون النتيجة ان علي بن ابي حمزة كان موثوقا وبقي على وثاقته لان قوله بالوقف لا يخدش بوثاقته وامانته بالنقل.
غدا ان شاء الله نقرأ الروايات التي تخدش بوثاقة علي بن ابي حمزة البطائني.


[1] كأنما يريد أن يقول عند التعارض بين خبر الثقة وخبر الفطحي يطرح كلام الفطحي ونعمل بخبر الثقة، إي نقدم العدل على الموثوق
استطراد: الشيخ الطوسي (ره) في طيات كلماته مؤيد لما ذهبنا اليه عند التعارض في ترجيح الاقرب للواقع. وما ذهبوا اليه في التعارض هو المرجحات الاخرى. ولذلك عندما اشكلوا على تقسيم خبر الواحد إلى اربعة اقسام: الصحيح، والحسن، والموثق، والضعيف. قالوا إما ان يكون الخبر معتبرا أو غير معتبر فلا نفع لهذا التقسيم، التقسيم انما يصح بلحاظ آثاره. وأجيب بوجود الثمرة وهي عند التعارض فيقدّم الصحيح على الموثق.
[2] الشيخ الطوسي (ره) لخّص كل رأيه في حجية خبر الواحد: أي هو حجة عند عدم المعارض وعدم مخالفة المشهور لأن اعراض الاصحاب يوهن الرواية الصحيحة.
[4] ورد في الدعاء " اللهم اجعل خير اعمالي خواتيمها، وخير ايامي يوم القاك " لان لحظة الضعف الانساني ولو في آخر عمره قد ينزلق إلى مطامع الدنيا. ذكرنا سابقا ان هناك احتمال عندي ان حركة الواقفة كانت لوضع سياسي فرض، وكأن الامام (ع) هو الذي خطط له، خطة امنية لحفظ الامام الرضا (ع). فلا يكون الوقف خدشا أبدا
[5] نعم لم يقع توثيقه مباشرة وهذا محل كلام بين علماء الرجال، هل الرواية عن الثقات في كامل الزيارات تختص بالمباشر أو بكل السند؟ السيد الخوئي (ره) ذهب إلى من روى عنه مباشرة لأنه هو القدر المتيقّن والاخر الذي وقع ضمن السلسلة لا نأخذ به. وهنا قول آخر انه يؤخذ به، وعلى بن ابي حمزة وقع ضمن السلسة، فهذا يكفي لتوثيقه. والذي اراه ان كل من ورد في السلسلة فهو ثقة، والسبب انه بعد قراءة ديباجة ابن قولويه كاملة نفهم منها ذلك، وهو بالنسبة لنا دليل، وللآخرين مؤيد.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo