< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/06/10

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: مناقشة قاعدة التوثيقات العامة: أن صفوان، وابن أبي عمير، والبزنطي، وأضرابهم لا يروون إلا عن ثقة.
-مشايخ الثقات، يونس بن ظبيان.
-علي بن حديد.
نكمل ما ورد في يونس بن ظبيان من دعاء له ونص على أمانته في الحديث التي وردت في اختيار معرفة الرجال للكشي ح675: من ناحية السند: فهذا السند ضعيف بابن الهروي المجهول، إلا أن البزنطي أيضا قد روى هذا الحديث في جامعه، وهذا الجامع كان من الكتب المشهورة التي كان عليها المعوّل وإليها المرجع (كما يقول الشيخ الصدوق (ره) في ديباجته)، وقد رواه ابن إدريس. وعليه يقع التعارض بين روايات المدح والنص على أنه مأمون في الحديث وروايات القدح.
ويمكن التخلّص من هذا التعارض بأحد أمرين.
-اما بإسقاط رواية المدح عن الحجية لضعف الإسناد: أما لان في الاسناد الاول ابن الهروي المجهول، وإما لكن طريق ابن إدريس إلى جامع البزنطي مجهول بوجود الزمن بينهما. وبهذا تبقى رواية القدح بلا معارض، لان في التعارض لا بد من صحة سندي المتعارضين، فالضعيف لا يعارض المعتبر.
-وإما بالجمع بينهما [1] بجعل أحاديث الذّم والقدح واللعن في خصوص العقيدة دون الحديث.
قد يقال: أن هذا جمع تبرعي فلا يكون دليلا، وقاعدة الجمع مهما أمكن فهو اولى من الطرح غير ثابتة.
فانه يقال: ان هذا الجمع ليس تبرعيا بل جمع تقتضيه الظواهر والنصوص.
وهذا يكون تارة باستظهار اختصاص القدح بخصوص العقيدة حيث أتهم بالغلوّ.
وتارة من باب تقديم النص على الظاهر أو تقديم الخاص على العام، حيث إن القدح والذمّ يشمل العقيدة ونقل الحديث، ورواية المدح نصّ أو خاص في الامانة في الحديث وهي رواية جامع البزنطي.[2]
وعلى ذلك، فلم يثبت خدش القاعدة بالرواية عن يونس بن ظبيان، لان عدم وثاقته ليس امرا مسلما واحتمال وثاقته وارد، فلا يمكن الخدش على القاعدة بشخص لم يعلم ضعفه. ومع عدم كونه خدشا بالقاعدة فمجرد رواية ابن ابي عمير او صفوان عنه يجعله ثقة باعتبار القاعدة.
الخلاصة: ان رواية ابن ابي عمير عن يونس بن ظبيان ليست خدشا بالقاعدة لأمرين:
الاول: انه روى في عرض واحد مع بُريد أو يزيد، وهذا مبرر للرواية عنه.
الثاني: انه لم يعلم ضعفه، وتوثيقه محتمل.
علي بن حديد: اما علي بن حديد ضعفه الشيخ الطوسي (ره) في موضعين من " الاستبصار " حيث يقول في باب 21 - باب البئر يقع فيها الفارة والوزغة والسام أبرص: ح112 - 7 فأما ما رواه أحمد بن محمد بن عيسى عن علي بن حديد عن بعض أصحابنا قال: كنت مع أبي عبد الله عليه السلام في طريق مكة فصرنا إلى بئر فأستقي غلام أبي عبد الله عليه السلام دلوا فخرج فيه فارتان فقال: أبو عبد الله عليه السلام ارقه فاستقى آخر فخرج فيه فارة فقال: أبو عبد الله عليه السلام ارقه فاستقى الثالث فلم يخرج فيه شيء فقال: صبه في الاناء فصبه في الاناء.
فأول ما في هذا الخبر انه مرسل وراويه ضعيف وهو علي بن حديد وهذا يضعف الاحتجاج بخبره ... [3]
وفي الاستبصار باب 62- النهي عن بيع الذهب بالفضة نسيئة: [ 324 ] 8 - عنه عن أحمد بن محمد عن علي بن حديد عن جميل بن دراج عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: لا بأس أن يبيع الرجل الدينار نسيئة بمائة وأقل وأكثر.
وأما خبر زرارة فالطريق إليه علي بن حديد وهو ضعيف جدا لا يعول على ما ينفرد بنقله ... [4]
اما في التعليق على عبارة " لا يعول على ما ينفرد بنقله " تعني ان هؤلاء الثلاثة لا يروون إلا عن ثقة إذا انفرد في النقل، اما إذا لم ينفرد فلا مانع من الرواية عن الضعيف مع الثقة. وكأن كلام الشيخ نص ينفعنا في تخريجنا لرواية ابن أبي عمير عن يونس بن ظبيان الذي لم يتفرد بالرواية.
وضعفه العلامة في خلاصة الأقوال: 18 - علي بن حديد بن حكيم، ضعفه شيخنا في كتاب الاستبصار والتهذيب، لا يعول على ما ينفرد بنقله .. [5]
روى الكشي في الاختيار ح1078 - قال نصر بن الصباح : علي بن حديد بن حكيم فطحي من أهل

الكوفة، وكان أدرك الرضا عليه السلام . [6]
هذه ادلة القدح قد بيناها، ويمكن ان يستدل على وثاقته بأمور، وبمجرد امكان توثيقه لا تخدش القاعدة:
-رواية الكشي في ترجمة هشام بن الحكم، ح 499 - علي بن محمد، عن أحمد بن محمد، عن أبي علي بن راشد، عن أبي جعفر الثاني عليه السلام قال، قلت: جعلت فداك قد اختلف أصحابنا، فأصلي خلف أصحاب هشام بن الحكم؟ قال: عليك بعلي بن حديد، قلت: فآخذ بقوله؟ قال: نعم فلقيت علي بن حديد فقلت له: نصلي خلف أصحاب هشام بن الحكم؟ قال: لا. [7]
ولعّل السؤال عن الصلاة لكونهم اتهموا من قبل أبناء العامة بالتجسيم. وفي السند ضعف من جهة علي بن راشد. كذلك رواية أخرى بهذا المضمون وضعيفة السند.
-وروده في اسانيد كامل الزيارات، الذي قال جعفر بن قلويه (ره) في أوّل كتابه: ( وقد علمنا انا لا نحيط جميع ما روي عنهم في هذا المعنى ولا في غيره، لكن ما وقع لنا من جهة الثقات من أصحابنا رحمهم الله برحمته، ولا أخرجت فيه حديثا روي عن الشذاذ من الرجال، يؤثر ذلك عنهم عن المذكورين غير المعروفين بالرواية المشهورين بالحديث والعلم ). [8]
نحن نعلم ان من التوثيقات العامة: ان كل من وقع في اسانيد كامل الزيارات فهو ثقة، وفي هذا التوثيق بحث من حيث ثبوته أصلا او من حيث سعته وضيقه؟ مذكور في محله.
كامل الزيارات من التوثيقات العامة، والتوثيقات على قسمين: توثيقات خاصة وعامة. اما الخاصة فمثلا: " افيونس بن عبد الرحمان ثقة اخذ عنه معالم ديني" فالتوثيق بخصوص شخصه من الامام (ع) او من احد العلماء القدماء أو المتأخرين.
وهناك توثيقات عامة، ككل اصحاب الامام الصادق (ع) بعضهم ادعى انهم ثقات، ومثل قاعدة الشيخ الطوسي (ره) " كل من روى عنه ابن ابي عمير وصفوان والبزنطي " مشايخ الثقات فهو ثقة. وكل من ورد في كامل الزيارات فهو ثقة, وكل من ورد في أسانيد تفسير علي بن ابراهيم القمّي فهو ثقة، وآل ابي شعبة كلهم ثقات وبنو فضال كذلك، والزعفراني لا يروي إلا عن ثقة، والطاطري، وجعفر بن بشير، وأحمد بن محمد بن عيسى. هذه كلها تسمى بالتوثيقات العامة.
هذه التوثيقات جدا مهمّة لانه إذا وثقنا، وثقنا عشرات الرواة، وإذا ضعفنا، ضعفنا العشرات منهم. علم الرجال عمدته البحث عن هذه القاعدة العامة.
غدا ان شاء الله نرى ان على بن حديد ورد في تفسير علي بن ابراهيم القمي وفي كامل الزيارات، في التوثيقات العامة.


[1] بان يقال ان الطريق الثاني من ابن ادريس إلى البزنطي مجهول ولكن جامع البزنطي كان من الكتب التي عليها المعوّل في عالم الفقه، مثلا: إذا احضر احدكم رسالة عملية للسيد الخوئي (ره) اطمئن بها واعمل عليها، فلا اسأل من طبعها ومن اي دار، وهل هناك اذن خاص إلى آخره. كل هذه الامور اتخطاها وتؤخذ الرسالة اخذ المسلمات انها صادرة عن السيد (ره). الكتب التي عليها المعوّل والتي تدور حولها رحى الاستنباط، كانت من هذا القبيل.
[2] أشكل أحد الطلبة بكون رواية المدح تشمل العقيدة أيضا حيث يدعو له الامام (ع) " بنى الله له بيتا في الجنّة "
[8] كامل الزيارات، جعفر بن محمد بن قولويه، ص20.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo