< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

36/06/19

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: مناقشة قاعدة التوثيقات العامة: أن صفوان، وابن أبي عمير، والبزنطي، وأضرابهم لا يروون إلا عن ثقة.
-ابو جميلة المفضل بن صالح.
ابو جميلة المفضل بن صالح: أبو علي مولى بني أسد، يكنى بأبي جميلة وكان نخاسا يبيع الرقيق، ويقال أنه كان حداد. من أصحاب الإمام أبي عبد الله الصادق (ع) والإمام موسى بن جعفر الكاظم (ع) .
هو عامي روى عن الخاصة والعامة، لا يختص بمذهب، كثير الحديث [1]، روى عنه الترمزي وصحح حديثه لكنه يقول: " ليس بذاك الحافظ عند أهل الحديث "، والحاكم النيسبوري وثقه في مستدركه. والعامة مختلفون فيه.
عبد الله بن عدي صاحب الكامل في الضعفاء من أبناء العامة أنكر روايته في الحسن بن علي (ع) في قضية تقبيل البطن، وقال وأما سائر حديثه فأرجو أن يكون مستقيما. هذا بالنسبة إلى ابناء العامة.
أما بالنسبة لأصحابنا الخاصة فقد ضعّفه ابن الغضائري، والعلامة في خلاصة الأقوال، والشيخ الطوسي في الفهرست. ولا بأس بذكر ما قاله السيد الخوئي (ره) في أدلّة القدح وأدلة التوثيق بحق ابي جميلة.
يقول (ره) في معجم رجال الحديث تحت رقم: 12607 - المفضل بن صالح أبو جميلة:
قال الشيخ 764: " مفضل بن صالح، يكنى أبا جميلة، له كتاب (نوع من الاعتبار ان يكون له كتاب). وكان نخاسا يبيع الرقيق، ويقال إنه كان حدادا، أخبرنا به جماعة، عن أبي المفضل، عن ابن بطة [2]، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عنه ".
وعدّه في رجاله من أصحاب الصادق عليه السلام (565)، قائلا: " المفضل ابن صالح أبو علي، مولى بني أسد، يكنى بأبي جميلة أيضا، مات في حياة الرضا عليه السلام ".
وعدّه البرقي من أصحاب الصادق عليه السلام أيضا، قائلا: " أبو جميلة المفضل بن صالح الأسدي، مولى، نخاس، كان يبيع الرقيق ويقال: إنه حداد ".
وتقدم عن النجاشي في ترجمة جابر بن يزيد، قوله: " روى عنه جماعة غُمز فيهم، وضعِّفوا، منهم عمرو بن شمر، والمفضل بن صالح ... " إلى آخر ما ذكره.
وقال ابن الغضائري: " المفضل بن صالح أبو جميلة الأسدي النخاس، مولاهم، ضعيف، كذاب، يضع الحديث، حدثنا أحمد بن عبد الواحد، قال: حدثنا علي بن محمد بن الزبير، قال: حدثنا علي بن الحسن بن فضال: قال: سمعت معاوية بن حكيم يقول: سمعت أبا جميلة يقول: " أنا وضعت رسالة معاوية إلى محمد بن أبي بكر ". وقد روى المفضل عن أبي عبد الله وأبي الحسن عليهما السلام ". (هذه أدلة التضعيف).
بقي هنا أمران: (أدلة التوثيق).
الأول: أن المفضل بن صالح وقع في إسناد كامل الزيارات، فقد روى عن أبي أسامة زيد الشحام، وروى عنه محمد بن عبد الحميد العطار، الباب 17، في قول جبرئيل لرسول الله صلى الله عليه وآله إن الحسين تقتله أمتك من بعدك، الحديث 2.
وقد تقدم وقوعه في إسناد تفسير علي بن إبراهيم، كما تقدم في عنوان المفضل بن الصالح، وقد شهد بوثاقة جميع من وقع في إسناد كتابه.
ولكنه معارض بما ذكره النجاشي، من أن ضعف المفضل بن صالح كان من المتسالم عليه عند الأصحاب، ومع ذلك فقد مال المحقق الوحيد إلى إصلاح حاله، لرواية الأجلّة ومن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصح عنه، كابن أبي عمير، وابن المغيرة، والحسن بن محبوب، والبزنطي في الصحيح، والحسن بن علي بن فضال، يشهد بوثاقته والإعتماد عليه، ويؤيده كونه كثير الرواية سديدة مفتي بها. (إنتهى).
أقول: مر غير مرة أن كثرة الرواية ورواية الأجلّة، وأصحاب الإجماع عن رجل لا تدلان على وثاقته، وعلى تقدير تسليم الدلالة، فلا يمكن الأخذ بها مع ما سمعته من النجاشي من التسالم على ضعف الرجل، والله العالم. [3]
أقول: إن رواية مشايخ الثقات عنه تدلّ على أنه كان منظورا ويحدث اطمئنان بروايته [4]. إلا اننا لا يمكن أن نركن إلى ذلك مع كثرة التضعيفات الواردة بحقه من قبل علمائنا. والذي أراه أنه كان متساهلا في الحديث وكان مكثرا، ومن الطبيعي أن يقع كثيرا في الخطأ. ونصل إلى اننا نتوقف فيه لا نضعفه ولا نوثقه.
والنتيجة: في مقام البحث عن ثبوت القاعدة: " لا يروون ولا يرسلون إلا عن ثقة " لا يتم الخدش بها إلا مع القطع بالرواية عن ضعيف، وعدم وجود مبرر، ومع هذه الادلّة وهذه الاحتمالات وذهاب بعضهم إلى التوثيق كما عن المحقق الوحيد (ره) لا اقطع بالضعف. فالرواية عن المفضل بن صالح لا تكون خدشا بالقاعدة.
غدا نكمل بقية من رووا عنهم من الضعاف كعبد الله بن خداش، وعبد الله بن محمد الشامي. ولن نتعرض لمحمد بن سنان لأنه واضح الوثاقة وعدم الخدش بالرواية عنه.


[1] كثير الحديث: نعم ورد عندنا " اعرفوا منازل الرجال عندنا بكثرة روايتهم عنا "، لكن غالبا في نفس الوقت كثير الحديث يصبح كثير الخطأ
[2] ابن بطة في الوسائل: هو محمد بن جعفر بن احمد بن بطة المؤدب ابو جعفر كان كبير المنزلة بقم، كثير الأدب والعلم والفضل، يتساهل في الحديث، قاله النجاشي والعلامة. الظاهر أنه ثقة لكنه - في شخصيته - يتساهل في الحديث، وذكرنا في درس سابق ان للشخصية اثر في تشخيص الامور.
[4] ذكرنا سابقا اننا حين ننتقد شخصا اكون اعتبره واحترمه، اما المدعي للعلم لا اذكره اصلا لن ذكره يجعل له مكانة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo