< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

37/03/30

بسم الله الرحمن الرحیم

العنوان: اقصى الحمل
قبل الرجوع إلى رواية أقصى الحمل لا باس بالإشارة إلى محمد بن إسماعيل النيسابوري شيخ الكليني في الكافي، والشيخ الكشي في الاختيار رويا عنه كثيرا، ويروي عن الفضل بن شاذان.
روى الكشي في اختبار معرفة الرجال تحت رقم: 1016, 1024، قال ذكر ابو الحسن محمد بن اسماعيل البندقي النيسابوري أن الفضل بن شاذان نفاه عبد الله بن طاهر.....
ذكره الشيخ في رجال من لم يرو عنهم، تحت رقم: 6280 وقال: محمد بن اسماعيل يكنَّى ابو الحسن النيسابوري.
قال الداماد في الرواشح السماوية ص 119: المتكلم الفاضل المتقدم البارع ( بندويه، بندُفر) ... وحالهما ( محمد بن اسماعيل وعلي بن محمد القتيبي اللذان يرويان عن الفضل ابن شاذان) وجلالة امرهما عند المتمهر الماهر في هذا الفن أعرف من أن يوضح واجل من أن يبيّن. ولقد وصف العلامة وغيره من أعاظم الأصحاب احاديث كثيرة هو في طريقها بالصحة.
نعود للأقصى الحمل وقلنا ان هناك ثلاثة اقوال: التسعة اشهر وهو المشهور، الثاني: عشرة اشهر، الثالث: السنة.
اما الرواية الثالثة في مقام الاستدلال على السنة: الوسائل: ح 2 – محمد بن يعقوب عن حميد، عن ابن سماعة، عن محمد بن أبي حمزة، عن محمد بن حكيم، عن أبي الحسن عليه السلام قال: قلت له: المرأة الشابة التي تحيض مثلها يطلقها زوجها فيرتفع طمثها كم عدتها؟ قال: ثلاثة أشهر، قلت: فإنها ادعت الحبل بعد ثلاثة أشهر، قال: عدتها تسعة أشهر، قلت: فإنها ادعت الحبل بعد تسعة أشهر قال: إنما الحمل تسعة أشهر، قلت: تزوج، قال: تحتاط بثلاثة أشهر، قلت: فإنها ادعت بعد ثلاثة أشهر، قال: لا ريبة عليها تزوج إن شاءت. [1]
من حيث السند الرواية معتبرة فقد وثقنا محمد بن حكيم لعدة أمور أهمها رواية ابن ابي عمير كتابه.
ومن حيث الدلالة فالظاهر أن قوله (ع) " انما " هذا الحصر بلحاظ المتداول المعروف عند الناس، فلا مفهوم له بلحاظ واقع الحكم الشرعي، والاحتياط بثلاثة أشهر هو بلحاظ بقاء الشك في الحمل بقرينة قوله (ع) بعد ذلك " لا ريبة عليها " فان هذا التعبير يعني أن احتمال الحمل لا زال قائما بعد التسعة أشهر فيتم استظهار كون أقصى الحمل



اثني عشر شهرا. [2]
الرواية الرابعة: محمد بن يعقوب عن حميد، عن ابن سماعة، وعن أبي علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان، عن محمد بن حكيم، عن العبد الصالح عليه السلام قال: قلت له: المرأة الشابة التي تحيض مثلها يطلقها زوجها فيرتفع طمثها ما عدتها؟ قال: ثلاثة أشهر، قلت: فإنها تزوجت بعد ثلاثة أشهر فتبين بها بعد ما دخلت على زوجها أنها حامل، قال: هيهات من ذلك يا ابن حكيم رفع الطمث ضربان: إما فساد من حيضه فقد حل لها الأزواج وليس بحامل، وإما حامل فهو يستبين في ثلاثة أشهر لان الله عز وجل قد جعله وقتا يستبين فيه الحمل، قال: قلت: فإنها ارتابت قال: عدتها تسعة أشهر، قال: قلت: فإنها ارتابت بعد تسعة أشهر قال: إنما الحمل تسعة أشهر، قلت: فتزوج؟ قال: تحتاط بثلاثة أشهر، قلت: فإنها ارتابت بعد ثلاثة أشهر، قال: ليس عليها ريبة تزوج. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد ابن يعقوب وكذا كل ما قبله. [3]
من حيث السند: يوجد حيلولة من أبي علي الاشعري، والظاهر اجتماع الطريقين في صفوان حيث إن الحسين بن محمد بن سماعة يروي عن صفوان. ولعلّ في السند سقط، حيث المفروض أن يقول هكذا ( عن محمد بن عبد الجبار " جميعا " عن صفوان )، أو أن " الواو " زائدة في (وعن ابي علي الاشعري)، فيكون طريق السند واحد.
ومن حيث الدلالة فهي كسابقتها " من ان الحمل تسعة اشهر " هو بلحاظ المعروف عند النساء، والاشهر الثرثة مع احتمال الحمل، فيكون اقصى الحمل اثني عشر شهرا.
الرواية الخامسة: محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن سهل بن زياد، عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن محمد بن حكيم، عن أبي عبد الله أو أبي الحسن عليهم السلام قال: قلت له: رجل طلق امرأته فلما مضت ثلاثة أشهر ادعت حبلا، قال: ينتظر بها تسعة أشهر، قال: قلت: فإنها ادعت بعد ذلك حبلا، قال: هيهات هيهات إنما يرتفع الطمث من ضربين: إما حمل بين، وإما فساد من الطمث، ولكنها تحتاط بثلاثة أشهر بعد وقال أيضا في التي كانت تطمث ثم يرتفع طمثها سنة كيف تطلق؟ قال: تطلق بالشهور فقال لي بعض من قال: إذا أراد أن يطلقها وهي لا تحيض وقد كان يطلقها استبرأها بأن يمسك عنها ثلاثة أشهر من الوقت الذي تبين فيه المطلقة المستقيمة الطمث، فإن ظهر بها حمل " حبل " وإلا طلقها تطليقة بشاهدين فان تركها ثلاثة أشهر فقد بانت بواحدة، فان أراد أن يطلقها ثلاث تطليقات تركها شهرا ثم راجعها ثم طلقها ثانية ثم أمسك عنها ثلاثة أشهر يستبرئها فان ظهر بها حبل فليس له أن يطلقها إلا واحدة.
أقول: وتقدم ما يدل على ذلك والاحتياط هنا بثلاثة أشهر محتمل للتقية لما مر. [4]
من حيث السند ففيه سهل بن زياد، والأمر فيه ليس سهلا. وفيه خلاف وسنبحثه لاحقا إن شاء الله.
أما من حيث الدلالة فكسابقه. هذه الروايات تعارض روايات التسعة أشهر، وقد حملت على القيّة كما فعل الحر العاملي في الوسائل، ولنتأمل في هذا الحمل على التقيّة: أبناء العامة قالوا عن اقصى الحمل: سنتان عن ابي حنيفة، واربعة سنين عن مالك والشافعي وابن حنبل. ومعلوم أن الروايات وردت عن الامام الصادق (ع) والكاظم (ع) والرضا (ع) وكلهم متقدمون على ابن حنبل. [5]
ثم انه ما هو سبب الحمل على التقيّة، غالبا تكون عند مخالفة فقهاء السلاطين، ومصادرة السلاطين لحرية الطرف الآخر. فإذا كان فقهاء السلاطين يقولون بالسنتين والاربعة واكثر، فالتقية يفترض ان تكون بالقول بالسنتين مثلا. بينما نلاحظ انه قيل بالسنة وقيل بالتسعة اشهر وكلاهما يخالف فقهاء السلاطين.
فنقول للحر العاملي: لماذا حملت التقية على " السنة " اما في التسعة اشهر لم تحمل على التقيّة. مع ان التسعة اشهر والسنة كلاهما يخالفان قول فقهاء السلاطين أو الذين يريدون الدس في الاسلام ما ليس فيه.
إذن الحمل على التقيّة لا داعي له ولا نجد لها مبررا، بمختلف معاني التقيّة.
على ذلك يكون هناك تعارض بين روايات " التسعة اشهر " و " السنة " وكلاهما فيه روايات معتبرة، فهل يستحكم التعارض؟
وقبل استحكام التعارض فلنعرض الروايات على بعضها البعض. قلنا عند تنافي الخبرين مدلولا، أي عند تنافي الجعلين مثلا: " اكرم العلماء، لا تكرم الفساق" إما ان يكون هناك ظهور وذلك بحمل العرف اللغوي لهما على التقييد، فيحمل المقيّد على المطلق، وإما يحمل على التخصيص، وإما يحمل على الحكومة، واما يحمل على الورود. وإما الجمع العرفي والاخير، من قبيل " ثمن العذرة سحت " و " ثمن العذرة لا يأس به " جمع بينهما فإن كان فيه نفع فهذا لا باس به، وإن لم يكن فيه نفع فسحت. وكذا في " مزاح المؤمن عبادة " و " ما مزح المؤمن مزحة الا مج من عقله مجة " فالعرف مباشرة يجمع بينهما بان المزاح المدخل للسرور عبادة، والمزاح المؤذي مبغوض.
هذه الخمسة إذا تم احدها يرتفع التعارض وإلا استحكم، وعند الاستحكام نصا إلى احكام باب التعارض، فإما ان نقول بالتخيير او بالترجيح، ومع القول بالترجيح ايضا هناك اقوال في المرجحات.
هنا لا نجد ان الروايات قد استحكم فيها التعارض، وذلك ان روايات " السنة " ظاهرة وواضحة بانها تفسّر روايات التسعة اشهر التي وردت بالمعتاد عن النساء. وعند بقاء الشك يأتي الاحتياط " بالأشهر الثلاثة "، فهذا التفسير بالسنة يمكن حمل روايات التسعة اشهر عليه ويكون من مورد الغالب، فتكون روايات " السنة " مقدمة على روايات التسعة اشهر من باب انها تفسرها وتوضحها فيرتفع التعارض.
غدا نكمل إن شاء الله.





[2] الفات: هناك تعبيران: احتياط وجوبي كما في اطراف العلم الاجمالي، حيث لا يوجد حكم بالاحتياط، عندما يريد المجتهد المقلّد عدم تحمل مسؤولية الفتوى إذا لم تكن واضحة تماما لديه يحتاط لانه لم يصل إلى نتيجة.
هناك تعبيران: وجوب الاحتياط أو الفتوى بالاحتياط، فلا يجوز الرجوع إلى غير المقلّد.
وهو تارة شرعي كما في مسألتنا وكما قد يقال في وجوب الاحتياط في الفروج. فهنا حكم مجعول بالاحتياط. وتارة عقلي كما في اطراف العلم الاجمالي.
الاحتياط الوجوبي، أو الاحتياط في الفتوى وهذا يلجأ إليه المفتي إذا لم تتضح عنده الرؤية، وهذا يجوز فيه الرجوع إلى غيره، لعدم كونه من العدول من المجتهد إلى غيره، بل هو العدول من الجاهل إلى العالم. .
[5] سابقا لم نكن نتصور التقيّة في الرأي خصوصا في الأمور العبادية المحضة التي لا تتعرض لشأن من شؤون السلطان لبعض فروع الوضوء والصلاة. لكن في هذه الايام نحن نعيش هذا الجو. .

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo