< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

37/04/17

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: شرط البينة.

يستثنى من الكافر شهادة الذمّي في الوصية.

استثناء من عدم قبول شهادة الكافر.

وذلك في الوصية بخصوصها، وهو محل إجماع ومدركه الآية الشريفة وبعض الروايات:

أما الآية فقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنْ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنْ الآثِمِينَ ﴾. [1]

نص الآية واضح على صحة شهادة غير المسلم أو غير المؤمن.

لكن هناك سبعة أمور نحتاج إلى بحثها:

اولا: هل يشترط أن تكون الوصيّة في المال؟ أو في المال وغيره كما إذا أوصى بالولاية على طفل؟

ثانيا: هل يشترط في الشاهد ان يكون كافرا ذميا؟ إلى آخره من الامور التي ادّعي اشتراطها في خصوص الشهادة على الوصية.

لكن قبل البحث نذكِّر بالمنهجية عند الشك في اشتراط كل شرط أو جزء في معاملة لها حقيقة لغوية كالبيع والوصية.

إذا شككنا في الشهادة، أو في شرط او جزء ما.

اولا: نبحث عن إجماع أو سيرة أو أمارة من خبر خاص بالمسألة أو سيرة عقلائية او غيرهما، مثلا: هل يشترط أن يكونا ذميين أو لا؟ نشك في قيد الذميّة أو القيد في المال.

ثانيا: إذا لم نجد تصل النوبة إلى الاطلاقات اللفظية، فهذه وصية اشك في شرط فاطرد الشرط بالأطلاق.

ثالثا: إذا لم نجد نصل إلى الأصل العملي وهو استصحاب العدم الازلي [2] وهو أصالة عدم شهادة أحد على أحد.

أما الروايات الوسائل في الحديث،1،2،3،4 : صحيحة الحلبي: ح 1 - محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن عبيد الله بن علي الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام هل تجوز شهادة أهل الذمة على غير أهل ملتهم؟ قال: نعم إن لم يوجد من أهل ملتهم جازت شهادة غيرهم، أنه لا يصلح ذهاب حق أحد. [3]

من حيث الدلالة: في الرواية امران: هل تجوز شهادة أهل الذمة على غير ملتهم في كل أمر وليس في الوصية فقط، بل مطلقا. وهذا خلاف الاجماع المدعى.

الثاني: انه مع عموم العلّة يجوز شهادة الذمي في كل الأمور إذا لم يوجد من المسلمين احد، في الشهادات والقضاء، وغيرهما، فتتعارض مع الإجماع.

وفي الرواية الثانية: ح 2 - وبإسناده عن الحسن بن علي الوشا، عن أحمد بن عمر قال: سألته عن قول الله عز وجل: " ذوا عدل منكم أو آخران من غيركم " قال: اللذان منكم مسلمان، واللذان من غيركم من أهل الكتاب فإن لم يجد من أهل الكتاب فمن المجوس لأن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: سنوا بهم سنة أهل الكتاب وذلك إذا مات الرجل بأرض غربة فلم يجد مسلمين يشهدهما فرجلان من أهل الكتاب. [4]

ح 3 - محمد بن يعقوب، عن علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن أبي عمير عن هشام بن الحكم، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل: " أو آخران من غيركم " فقال: إذا [ إن ] كان الرجل في أرض غربة ولا يوجد فيها مسلم جازت شهادة من ليس بمسلم في [ على ] الوصية.

ح 4 - وعنه عن محمد بن عيسى، عن يونس، عن زرعة، عن سماعة، قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن شهادة أهل الملة، قال: فقال: لا تجوز إلا على أهل ملتهم فإن لم يوجد غيرهم جازت شهادتهم على الوصية، لأنه لا يصلح ذهاب حق أحد. ورواه الشيخ بإسناده عن علي بن إبراهيم وكذا الذي قبله.

هذا الرواية الاخير ظاهرها مختص بالوصية نصا. وعموم العلّة موجود لكن قد يقال أن هذا التعميم اضافي.

هذه الروايات الآية القرآنية اثبتت جواز شهادة غير المسلم في الوصية اجمالا، والكلام في اشتراط أمور.

والكلام في نقاط سبعة:

النقطة الاولى: هل يشترط في قبول شهادة الكافر في الوصية أن تكون بالمال، أم تشمل المال وغيره؟

ذهب الشهيد الثاني (ره) في المسالك، ج6، ص 23، إلى الاختصاص بالمال دون غيره كالوصية بالولاية حتى لا يذهب حق احد، وقوفا على القدر المتيقن، لأن الأصل عدم ثبوت شهادة الكافر، خرجت الوصية، وفي الوصية القدر المتيقن منها وهو المال. فنقتصر عليه، وهكذا في كل علم إجمالي ينحلّ إلى علم تفصيلي وشك بدوي. العلم التفصيلي هم اننا اجماعا نقر بالوصية في المال لأنه القدر المتيقن. وفي غير المال مشكوك فتجري فيه أصالة عدم حجية الشهادة. ولذا كان العمل بالقدر المتيقن عملا بالاصل العملي، وهو المرحلة الاخيرة من مراحل الاستنباط، كما اوضحنا في المنهجية.

وعن المحقق الأردبيلي دعوى إشعار بعض الروايات بالاختصاص (انظر مجمع الفائدة والبرهان)، يعلِّق السيد الخوئي (ره) على ذلك في كتاب المعتمد ص 283: ولعلّ نظره (قده) إلى التعليل الوارد في موثقة سماعة: " لأنه لا يصلح ذهاب حق أحد ولكن لا يخفى أن ذلك غير مشعر بالاختصاص بالمال، لأن الإيصاء ونحوه أيضا حق للميّت، والحق يشمل المال وغيره مما يرجع إلى شؤون الميت وحقوقه، فإطلاق الآية والنصوص هو المحكم والمرجح. وهذا كلام متين، لكن لعلّ الاردبيلي يدّعي الانصراف لكثرة الوجود أو الاستعمال في المال. لكنه أيضا غير مقبول.

النقطة الثانية: هل يختص قبول الشهادة في الوصية بالذميين أم بمطلق الكتابيين؟

وذلك كما في زماننا، لو أن ميتا يعيش في بلد أجنبي أهله ليسوا ذميين، كما هو أكثر انحاء العالم الآن، فهل يصلح الشاهدان من مطلق أهل الكتاب؟

دليل من قال بالاختصاص بالذمي:

الإجماع كما في رياض المسائل ج 9 ص 533. ومستند الشيعة ج 18، ص 35.

وفيه: أنه منقول غير ثابت، ثم إنه محتمل المدركيّة.

الروايات: صحيحة الحلبي: ح 1 - محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن عبيد الله بن علي الحلبي قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام هل تجوز شهادة أهل الذمة على غير أهل ملتهم؟ قال: نعم إن لم يوجد من أهل ملتهم جازت شهادة غيرهم، أنه لا يصلح ذهاب حق أحد. [5]

فان الجواب هو بالإضافة إلى السؤال، والسؤال كان عن شهادة أهل الذمة، فيكون موضوع الحكم بالنفوذ هو الكافر الذمي.

ويجيب السيد الخوئي (ره) على الرواية بثلاثة أمور:

إن هذه الصحيحة أجنبية عن محل الكلام، لأنها تدلّ على نفوذ شهادة الذمي ولو في غير الوصيّة.

أن الذميّ ورد في كلام السائل ولا عبرة به.

حكم غير الذميّ مسكوت عنه نفيا وإثباتا، فلا دلالة فيها على الحصر، فالمرجع هو إطلاق الأدلة.

ونقول: أما الثالث فهو متين والمرجع هو إطلاق الأدلة.

وأما الأول فالرواية وإن لم ترد في خصوص الوصية، بل كان مضمونها شاملا والوصيّة حينئذ تكون من أفراد صحة الشهادة، ولا مانع من القول بان هذه الرواية دليل على صحة شهادة الكافر مقابل الإجماع على عدم قبول شهادته. الرواية لو خليّت وشأنها لا تكون اجنبيّة عن المقام.

وأما الثاني فالجواب يكون بالإضافة إلى السؤال، وعدم الاعتبار بكلام السائل لم نفهمه.

غدا ان شاء الله نكمل الرواية الثانية.


[2] اشارة:. هناك فرق بين هذا الاستصحاب والاستصحاب النعتي. فأصالة عدم حجية شهادة احد على احد ليست من قبيل اشتراط القرشية وعدم القرشية الاستصحاب النعتي. الفرق ان هناك انسان والشهدة تكون امرا عارضا على هذه الانساني منفكا عنها بحيث يبقى الموضوع وهو الانسان مع عدم الوصف. اما في الاستصحاب النعتي عندما ينتفي الوصف ينتفي الموضوع معه، باعتبار ان المرأة إما ان تولد قرشية او لا، فلا ينفك الموضوع عن الوصف أو عدمه، فلا يجري الاستصحاب

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo