< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

37/05/06

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: اثبات النسب.

القرعة.

نتيجة ما توصلنا إليه في النسب: ثبوتا واثباتا.

نكمل مشروعية القرعة في النسب وفي الروايات الخاصة بها.

ح 11 – وبإسناده (الصدوق) عن محمد بن أحمد بن يحيى، عن موسى بن عمر، عن علي ابن عثمان، عن محمد بن حكيم [ حكم ]، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن شيء فقال لي: كل مجهول ففيه القرعة، قلت له: إن القرعة تخطئ وتصيب قال: كلما حكم الله به فليس بمخطئ. محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن محمد بن حكيم مثله. [1]

من حيث السند: السند الاول ففيه علي بن عثمان ولم يوثق. أما السند الثاني فمعتبر.

ومن حيث الدلالة: فكسابقتها.

ح 13 - قال: وقال الصادق عليه السلام: ما تنازع قوم ففوضوا أمرهم إلى الله عز وجل إلا خرج سهم المحق، وقال: أي قضية أعدل من القرعة إذا فوض الأمر إلى الله، أليس الله يقول: " فساهم فكان من المدحضين ".[2]

الرواية من مرسلات الصدوق (ره)، وكالسابقة دلالة وهي واضحة في الاطلاق، وتشمل الحالتين.

ح 18 - محمد بن الحسن في ( النهاية ) قال: روي عن أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام وعن غيره من آبائه وأبنائه عليهم السلام من قولهم: كل مجهول ففيه القرعة فقلت له: إن القرعة تخطئ وتصيب، فقال: كل ما حكم الله به فليس بمخطئ . [3]

الرواية من مرسل الطوسي (ره)، وكسابقته دلالة.

إلفات: ورد في موضوع القرعة عنوان " المجهول " هكذا في الروايات، ولم يرد صريحا عنوان " المشكل والمشتبه ". وقد يقال انه لا فرق بين معنى " المجهول " والمشتبه والمشكل " في القرعة. أو ان نقول: ان " الجهول " أعم من " المشكل "، والمشكل هو خصوص ما انسدت ابواب الحل فيه. لذلك لو كان هناك مجال للحل من قرينة لبيّة أو شاهد، نلجأ اليه وتأتي القرعة في آخر سُلّم الاثبات.

نعم رود في فقه الرضا (ع): " كل ما لا يتهيأ فيه الاشهاد عليه فان الحق فيه أن يستعمل فيه القرعة ". هنا جاء معنى القرعة بمعنى " المشكل " أي مسدود الحل.

وفي النهاية للشيخ الطوسي (ره): " لما روي عن ابي الحسن موسى (ع) وعن عيره من آبائه وأبنائه : كل مجهول فيه القرعة ".[4]

وعن السرائر: " لأنه داخل في قولهم (ع) : القرعة لكل أمر مشكل ". وهذا مشعر بوقوع عنوان " المشكل " في موضوع القرعة في الفاظ الائمة (ع)، وإن احتمال أن يكون ما هو مضمون لفظ المشكل وليس اللفظ والعنوان، وهذا مستعمل كثيرا في اللغة العربية.

انما نبحث هذا الموضوع، موضوع القرعة، لان الاحكام تابعة لعناوينها، ، هل العنوان هو المجهول، أو هو المشتبه، أو هو المشكل.

والفرق بين المجهول والمشكل: قد يقال لا فرق بين المشتبه والمجهول والمشكل.

ولكن يقال: يحتمل أن " المشكل " هو الذي لا حلّ له فيشمل ما انسدت طرق الاثبات فيه دون ما يمكن إثباته. فلو اختلف اثنان على ملكية شيء واتفقا على القرعة من دون لجوء إلى الشاهدين واليمين وغير ذلك من وسائل الإثبات لصح بناء على كون موضوع القرعة هو " المجهول " دون الاحتمال الثاني وهو " المشكل ".

إلى هنا ينتهي بحث النسب ونلخص النتائج في نقاط:

المنهجية: في حال الشك قيد، ثبوتا أو اثباتا نتبع المنهجية: اولا نبحث عن نفس الموضوع. ثانيا: فان لم نجد نبحث عن دليل لفظي، من اطلاق او عموم. ثالثا: فان لم نجد نصل الأصل العملي، وهو استصحاب العدم، أي عدم الشرط.

الكلام تارة في عالم الثبوت، وتارة في عالم الإثبات مع التداعي، وتارة في عالم الإثبات بدون تداعٍ.

في عالم الثبوت:

الأب هو صاحب النطفة – الحيوان المنوي – والأم هي صاحبة البويضة – الجينات الوراثية - سواء كان التلقيح ناشئا عن عقد شرعي، دائم أم مؤقت، أو من وطء شبهة، أم من زنى، أم من مساحقة، أم من تلقيح اصطناعي (طفل الانبوب )، أو من استنساخ، أو من غير ذلك مما يمكن يتصوره.

ولد الزنى يثبت له جميع أحكام الولدية إلا الإرث، نعم يخرج بعض الأحكام مثل: عدم قبول الشهادة، أو عدم جواز التقليد على المشهور المعروف، أو عدم إمامة صلاة الجماعة، أو غير ذلك.

في عالم الإثبات:

في مقام التداعي:

يثبت النسب بالعلم القطعي، وبالاطمئنان الناشيء من قرائن لبيّة، وبالإقرار، وبظهور الحال بمعنى أن المنكر من يتبنى ما يناسب ظهور الحال.

يشترط في البيّنة أن تكون من رجلين فلا تقبل شهادة النساء في النسب لا منفردات ولا منضمات إلى الرجال.

لا يثبت النسب بشاهد ويمين.

في غير مقام التداعي:

يثبت النسب بظهور الحال، وبالإقرار، وبالعلم، سواء كان ناشئا من قرائن لبيّة أم من أدلة ملموسة كفحص DNA ، وعجز الطفل عن القيام بنشاط وحيوية وسهولة، ووزن اللبن. وبخبر الواحد الثقة، ولا يشترط في خبر الثقة الذكورة ولا الحرية، ولا ما لا يشترط في اثبات الموضوعات في حالة عدم التنازع كالعدالة، والاماميّة وغير ذلك.

سؤال من احد الطلبة: هل تشمل القرعة حال إمكان الاحتياط؟

الجواب: الاحتياط هو في الحكام، أما القرعة فهي من الموضوعات، ولذا لا يشمل الاحتياط إثبات النسب، لانه من الموضوعات، فالولد إما ولد لفلان أو ولد لفلان.

سؤال: هل القرعة أمارة أو أصل؟

الجواب: هو محل كلام، والامر موكول إلى محله، لكن نقول ملخصا: القرعة أمر موجود عند الناس، وساروا عليها واتخذوها حلاّ لمشاكلهم عند الجهل. ثم إن الشارع أخذها منهم واعتبرها. وهل القرعة مأخوذة عند العقلاء على نحو الكاشفية والامارة، أم على نحو الأصل وكونها وظيفة عملية تعبّد بها العقلاء لمجرد حلّ المشكلة؟ والذي أراه أنها عند العقلاء أصل عملي، أخذه الشارع على نحو الكاشفية حسب الروايات من كلمة " محق " يظهر انه كاشف عن واقع، فتصيح القرعة بحسب الروايات كاشفة عن واقع، يعني انها امارة معتبر ة لها جهة كاشفية مع تفويض الامر لله، ومثل القرعة، أمور عدّة، يأخذها الشارع ويعتبرها بعد التصرف بها، فالاستصحاب مثلا عند العقلاء أمارة، اخذه الشارع واعتبره أصلا بعد أن ألغى جهة الكاشفية فيه.


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo