< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

37/12/25

بسم الله الرحمن الرحيم

 

العنوان: احكام الاولاد

     استحباب تسمية الولد باسم حسن، وبيان الحديث الاول.

     استحباب التسمية بأسماء الانبياء.

بعد ذكر الروايات على الاستحباب والتعليق على الحديث السادس، والذي نعتبره مهما جدا لما فيه من غنى فقهي وتربوي ومسلكي يبيّن شخصية الرسول الاكرم (ص). ننتقل إلى الحديث الاول:

محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن محمد بن علي، عن محمد بن الفضيل، عن موسى بن بكر، عن أبي الحسن عليه السلام قال: أول ما يبر الرجل ولده أن يسميه باسم حسن، فليحسن أحدكم اسم ولده. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب مثله. [1]

من حيث السند: احمد بن محمد بن خالد ثقة. واما " محمد بن علي " فهو اسم مشترك بين العشرات بعضم ثقاة، والظاهر ان المراد منه محمد بن الصيرفي الذي يلقب بابي سمينة وذلك لان احمد بن محمد بن خالد يروي عنه كثيرا، وابو سمينة هذا كثير الرواية لكنهم لم يوثقوه. وفي الحديث الوارد " اعرفوا منازل الرجال عندنا على قدر رواياتهم عنا "، فهو من هذه الجهة كثير الرواية، وفيها لكون له منزلة، ولا اريد ان ابحث في تفاصيل سيرته كي لا نخرج عن الدرس لكن نذكر كلام بعضهم في سبب الخدش وهو كثير الخطأ ونقول: إن كثرة الرواية يؤدي إلى كثرة الخطأ، إذا اخذنا كثرة الخطأ بالأعداد كعدد بلا شك تكثر اخطاؤه كعدد، لكن إذا اخذناها كنسبة لا تكثر الاخطاء. وللتوضيح: اذا كان عند احد عشر سيارات وان كل سيارة تتعطل في السنة مرّة فتكون نسبة الاعطال في السنة عشر مرّات سنويا وهذا بالنسبة للعدد كثير، فنقول: ما اكثر الاعطال في السيارات. بينما من كان يملك سيارة واحد نسبة الاعطال بالسنة مرّة واحدة. إذن كنسبة ليس هناك فرق اما كعدد فالخراب اكثر عند من يملك العشرة. وهنا نفس الشيء بالنسبة لعدم التوثيق فكثرة الرواية تؤدي إلى كثرة الاخطاء، "ومن لا يعمل لا يخطأ " كثير الرواية يخطأ، لذلك اعتبره بعضهم من الضعفاء.

اما محمد بن فضيل فهو من الثقاة الأجلاء من اصحاب الصادق (ع). واما موسى بن بكر فهو لم يوثق صريحا، لكن نذكر انننا بحثناه سابقا وتوصلنا إلى انه مقبول.

إذن الرواية من ناحية السند ضعيفة.

من ناحية الدلالة: هناك مطلبان: اولا: انه جعله من البر، والثاني: الامر بتحسين الاسم، نعم الامر الثاني ناشيء من وجوب البر بدليل " الفاء " في فليحسن الدالة على الترتب والسببية.

ومنها تسميته باسم أحد الأنبياء، ففي الوسائل: محمد بن يعقوب، عن عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن فضال، عن أبي إسحاق ثعلبة، عن رجل سماه، عن أبي جعفر عليه السلام قال: أصدق الأسماء ما سمي بالعبودية، وأفضلها أسماء الأنبياء. ورواه الشيخ بإسناده عن محمد بن يعقوب، ورواه الصدوق في (معاني الأخبار) عن أبيه، عن سعد، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن ثعلبة بن ميمون، عن معمر بن عمر، عن أبي جعفر عليه السلام مثله إلا أنه قال: وخيرها أسماء الأنبياء. [2]

من ناحية السند: الرواية موثقة. الحسن بن علي بن فضال ثقة ثقة كبير عظيم جليل وجيه في اصحابنا، لكنه كان فطحيا وان مات على الحق في اخر حياته كما هو مروي. ابي اسحاق ثعلبة بن ميمون ثقة كما يقول الحر في الوسائل: 210 - ثعلبة بن ميمون، كان وجها في أصحابنا قارئا، فقيها نحويا، لغويا راوية وكان حسن العمل كثير الرواية والزهد روى عن الصادق والكاظم عليهما السلام ، وكان فاضلا، متقدما معدودا في العلماء والفقهاء الأجلة في هذه العصابة، قاله العلامة، ونحوه النجاشي إلى قوله عليهما السلام، والباقي من مدايحه رواه الكشي، وله مدايح أخر ويقال له: أبو إسحاق الفقيه وأبو إسحاق النحوي. [3]

ملاحظة في كلمة " عصابة ":

فلنلاحظ هنا كلمة " عصابة " التي في زمننا قد توحي ببعض المعاني السلبية، وكأنه مجموعة من الاشرار حول شخص ما، ودلالة لفظ العصابة على هذا المعنى صار منقولا عرفيا مع الايام، ولو شككنا في معناه في الزمن السابق، نجري اصالة عدم النقل التي يؤدي إلى انه سابقا كان لها نفس المعنى السلبي. لكن سابقا لم يكن لها هذا المعنى السلبي، النبي محمد (ص) قال: " إن تهلك هذه العصابة ".

الذي اريد ان اقوله بعد هذه الفائدة البسيطة ان تعبيرات الائمة (ع) عن العصابة كأنها توحي بالقلّة، وهي ليست مطلق المجموعة، فإن من كان عنده العدد الكثير من الناس لا تسمى عنده عصابة. ومثال على ذلك في الفقه عندما نقول: " السؤر "، سؤر الكلب نجس يطهر بكذا. وتعريف السؤر: هو ما تبقى من فم حيوان او بدنه. فلو قيل ان الكلب يشرب من ماء الفرات فالباقي يصدق عليه بالدقة " ما تبقى ".

فنقول لهم: هل دلالة السؤر على القلّة هو من باب الانصراف أو من باب أنه القلّة مفهوم مأخوذ في معنى السؤر. ليس انصرافا السؤر ينصرف إلى القليل، او ان الجزء من المفهوم هو القلّة. تارة نقول ان السؤر كل ما تبقى من فم الحيوان بعد شربه، وتارة نقول: المأخوذ في السؤر مفهوما القلّة، والكثير لا يسمى سؤرا اصلا. فليس من باب الانصراف بل من اساسه ليس سؤرا. فهناك فرق حتى في الثمرة الفقهية وتنفع في حال الشك، فإذا شرب الكلب من مستنقع بقدر البرميل، هل هذا المقدار " البرميل " يسمى سؤرا؟

إذا قلنا بالانصراف لا نحكم بكونه سؤرا لان الانصراف هنا غير تام والموضوع له هو ما " تبقى في فم الحيوان " أو مما لامس بدن الحيوان. اما إذا قلنا انه جزء من المفهوم ولم يتحقق عنوان القلة لا نستطيع ان نحكم بكونه سؤرا فلا تترتب الآثار. بعبارة اخرى: عند الشك في القلة والكثرة تنفع هذه المسألة لأنها تحدد موضوع الحكم، فتعيين السؤر وعدمه مرتبط بهذه المسألة، بان السؤر مأخوذ فيه القلّة في مفهومه، حينئذ يجب انطباق العنوان حتى نطبق الحكم لان الاحكام تابعة لعناوينها.

ان كان لفظ السؤر ذهب إلى القلة بسبب الانصراف إلى القليل، نحتاج إلى تثبيت الانصراف فينطبق عليه المفهوم " كل ما تبقى من فم الكلب وهذا البرميل من الماء يقال له ما تبقى من فم الكلب. وإن كانت القلّة مأخوذة من مفهوم السؤر لم يثبت السؤر فلا تثبت احكامه.

إذن هذه المسألة لها ثمرات فقهية: ان المأخوذ في اللفظ شيء وانصراف اللفظ اليه شيء آخر. هنا " العصابة " فأخوذ فيها القلّة او تنصرف إلى القلّة. تنفعنا من ناحية معرفة مسلك اهل البيت (عليهم السلام) ووضعهم التاريخي والاجتماعي ووضع الفكر الاسلامي ماذا كان.

غدا ان شاء الله نكمل.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo