< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

37/12/26

بسم الله الرحمن الرحيم

العنوان: موسى بن بكر

كنا في رواية استحباب الاسم الحسن وذكرنا ان في السند موسى بن بكر والاقرب توثيقه.

موسى بن بكر: موسى بن بكر القصير الكوفي أصلا الواسطي منزلا. وقع الكلام فيه لكنه رجل موثوق سواء بالتوثيقات الخاصة أو بالتوثيقات العامة.

أما التوثيقات العامة:

التوثيق الاول: روى عنه صفوان وابن ابي عمير والبزنطي ويونس. رووا كتابه. هناك قاعدة ذكرناها وهي: ما ذكره الشيخ الطوسي (ره) من أن هؤلاء، صفوان وابن ابي عمير والبزنطي لا يروون إلا عن ثقة [1] ، فكل شيخ لهم ثقة بدلالة كلام الطوسي(ره). والكلام من الشيخ الطوسي وهو من اساطين علم الرجال. فهو يقول لا يروون إلا عن ثقة، ولذلك تأسست في علم الرجال مسألة وهي أن هؤلاء الثلاثة واضرابهم هل بمجرد أن يرووا عن شخص اصبح ثقة، دل على وثاقته. اشتهر عند علماء الرجال صحة هذه القاعدة، بعضهم بل الكثيرون قالوا أنها غير تامة، ومنهم السيد الخوئي (قده) وذلك لمانعين:

المانع الاول: ان نفس الشيخ الطوسي قد اخترقها ففي مسألة الكر قال: " لم يعمل به اصحابنا " مع العلم انها من روايات ابن ابي عمير ارسلها ابن ابي عمير. هو يقول أنه عملت الطائفة بمراسيلهم كأسانيدهم، ومع ذلك هناك روايتان مرسلتان لابن ابي عمير لم يعمل بهما الشيخ الطوسي نفسه.

وثانيا: لان هناك من روى عنه ابن ابي عمير وليسوا من الثقات بل من المطعونين. وقد كتبت في هذه المسألة في كتاب طفل الانبوب والاستنساخ، وذكرت هذه المسألة الرجالية وذهبت هناك إلى عدم صحة هذه القاعدة، نتيجة هذين الاشكالين.

من قال بصحة القاعدة قال: أن المقتضي موجود والمانع مفقود، مقتضى التوثيق هو كلام الشيخ الطوسي نفسه، هذا دليل على أن كل من يروي عنهم ابن ابي عمير واضرابه ثقة، وأن مرسلاته كمسانيده، هذا واضح لوجود المقتضي.

وأما المانع فقد ردّوه بردود كثيرة، ولا أريد أن اغوص بها ولكن إشارة إلى اني إلى حد كبير أميل إلى صحة هذه الردود، اني اميل إلى صحة هذه القاعدة وذلك لان المانع امران:

الامر الاول: روايتان اخترقهما الشيخ الطوسي ولكن لو تأملنا بسند الروايتين نجد مخرجا للشيخ الطوسي، أن في أحدى الروايتين هناك ارسالان وليس ارسالا واحدا، فلعل كلام الشيخ الطوسي (ره) عندما قال في حديث الرطل وكميّة الرطل، قال: اولا أنه مرسل، ولم يعمل به احد من اصحابنا. لعله ليس بلحاظ ارسال ابن ابي عمير بل بلحاظ الارسال الآخر، لان الرواية، فيها ارسالان، وهو من الامور النادرة في الروايات، ارسال في ارسال. فلعل كلام الشيخ الطوسي (ره) بأنه مرسل ابن ابي عمير ومع ذلك لم يعمل به اصحابنا، ناظر إلى الارسال الآخر، ومع الاحتمال يبطل الاستدلال. اما الرواية الاخرى فمبررها ما ذكر في بحث القاعدة في علم الرجال فراجع.

واما المطعون بهم قالوا أن ابن ابي عمير قد روى عنهم رغم الطعن بهم، وهذا ما يخدش القاعدة.

نقول: لا، لكل منهم مخرج في عدم خدش القاعدة، ولهذا نميل إلى صحة هذه القاعدة، وهي: أن ابن ابي عمير وصفوان والبزنطي لا يروون إلا عن ثقة ومراسيلهم كمسانيدهم بناء على نقل الشيخ الطوسي (ره) إذا تأملنا بالإشكالات التي وردت نجد أن هناك مجالا واسعا لردها.

وقد ذكرت المسألة مفصلة في مباحث علم الرجال فليراجع.

فإذن التوثيق الاول لموسى بن بكر، أن ابن ابي عمير قد روى عنه، فهو من شيوخه، وبناء على هذه القاعدة يصبح موسى بن بكر ثقة.

ثانيا: روى عنه بعض اصحاب الاجماع، منهم حماد وابن مسكان وفضالة بن ايوب، وهؤلاء صحيح انه لم يثبت انهم لا يروون إلا عن ثقة، لكن عندما يروي عنه الاول والثاني والثالث والرابع، الرواية عنه بكثرة، يعني هذا رجل جليل تطمئن إلى جلالته، ثبت تصحيح ما صح عنهم، انهم في درجة عالية من الوثاقة، لكن لم يثبت انهم لا يروون إلا عن ثقة، لكن نفس عدو منهم عنه تجعل النفس تطمئن به.

ثالثا: وقع في تفسير القمي كعلي بن ابراهيم (ره) والقدر المتيقن هو خصوص من روى عنه مباشرة، والمسألة بحثناها في مسألة علم الرجال.

وأما التوثيقات الخاصة: أي اشخاص وثقوه، منهم: الحسن بن سماعة قال: دفع إليّ صفوان كتابا لموسى بن بكر،- وكونه عنده كتاب شيء يزيد في جلالته-، وقال لي هذا سماعي من موسى بن بكر، وقرأته عليه فإذا فيه، موسى بن بكر عن علي بن سعيد عن زرارة – قال صفوان هذا مما ليس فيه اختلاف عند اصحابنا – تعبير مهم – كأن هناك نقلا، اجماع منقول على توثيق الكتاب واشعار بتوثيق صاحبه، طبعا الذي يهمنا الكتاب اكثر من الصاحب، إذا كان الكتاب صحيحا، يعني رواياته صحيحة. وأنا كل بحثي لأجل توثيق الرواية، وعندما يكون هذا الكتاب صحيحا يعني هو توثيق للراوي، لكن مع ملاحظة عبارة " هذا مما ليس فيه اختلاف " نقلها صفوان، هذه العبارة هي التي إتّكل عليها السيد الخوئي (ره) في توثيق موسى بن بكر.

من التوثيقات الخاصة: ابن ادرس في السرائر في المستطرفات التي انتزعها من كتاب المشيخة من المصنفين والروات المحصلين.

ومن التوثيقات الخاصة أيضا ابن طاووس حكم بتوثيقه، بصحة كل رواية هو في اسنادها.

أيضا من التوثيقات الخاصة هذه الرواية: روى الكليني عن حميد بن زياد عن الحسن بن محمد بن سماعة عن جعفر بن سماعة أن جميلا – بن دراج – شهد بعض اصحابنا وقد أراد أن يخلع ابنته من بعض الاصحاب، اختلفوا، فهل يجب الاتباع بطلاق أو لا؟

جعفر بن محمد بن سماعة لم يقبل بكلام جميل أخذ برواية موسى بن بكر بلزوم اتباع الطلاق. يعني لم يأخذ برواية جميل وأخذ برواية موسى بن بكر، يعني أن جعفر اعتبر موسى بن بكر أوثق من جميل، يدل على وثاقته وعلى جلالته.

ولهذا نقول أن الأقرب توثيق موسي بن بكر.

غدا ان شاء الله نعلّق على كلمة " عصابة ".

والحمد لله رب العالمين.


[1] بحثنا هذه القاعدة مطولا وقلنا اننا قاربناها بطريقة لم يقاربها احد. كان الرد على الشيخ الطوسي (ره) انك كيف تقول " انهم عرفوا انهم لا يروون إلا عن ثقة "، وذكر السيد الخوئي (ره) ان هناك عشرة اشخاص ضعاف روى عنهم ابن ابي عمير او صفوان او البزنطي وغيره. هذا هو الاشكال الرئيسي الذي كان عندهم بالإضافة إلى اشكال آخر. وقد اجبنا على الاشكالات التي وردت على هذه القاعدة وذهبنا اخيرا ومختصرا اننا اعتمدنا القاعدة لان الشيخ الطوسي (ره) عندما قال بالقاعدة قال: " عرفوا انهم لا يروون إلا عن ثقة "، و " عرفوا " تدل على ان النقل عن حس وليس عن حدس، إذن اصبحت كبقية كل المنقولات عن الشيخ الطوسي (ره)، يعني يجب ان آخذ بها لانها عن ثقة، إذن هي مسألة حسية. وهناك مسألة مهمّة وهي: " ان النقل عن حس متى يسقط "ـ وقلنا ان النقل عن حس يسقط بأحد امرين: إما بمعارض حسي تفصيلي، وإما بالإتيان بما يعارضه من دون احتمال مبرر. مثلا: لو قلت ان فلان لا يدخل إلى مكان تباع فيه الخمور. وهذا عموم يشمل كل محل وكل دخول. ثم قلت دخل فلان إلى محل يباع فيه الخمر. إذا دخل إلى محل واحد يكسر القاعدة بأكملها، ولا نقول ان الف رواية صحيحة ورواية او اثنان عن ضعيف لا تخدش القاعدة، بل نقول انها تخدش القاعدة، وهذا جواب بعض علماء الرجال المعاصرين. نقول ان هذا لا يصلح جوابا بل القاعدة تنخدش. انما نقول انه لا يخدش بالقاعدة إذا كان هناك احتمال مهم مثلا لإنقاذ طفل او لمبرر ما كالأمر بالمعروف. إذن الدخول لاحتمال المبرر لا يخدش القاعدة، ومع عدم احتمال المبرر يسقطها لو كان احتمال من عشرة آلاف. ودرسنا المبررات فردا فردا من علي بن حمزة البطائني ويونس بن ظبيان والمنقري، ووهب بن وهب الكذاب اصعبها. إذن هذه القاعدة تامّة.

BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo