< قائمة الدروس

الأستاذ السيد عبدالکریم فضل‌الله

بحث الفقه

38/02/07

بسم الله الرحمن الرحيم

المضوع: احكام الاولاد

     الحضانة.

ذكرنا أمس أن الأقوال في المسألة متعددة نتيجة تعارض الروايات، واليوم نكمل الروايات الواردة في كتاب الوسائل في الحضانة:

ح 6- محمد بن علي بن الحسين بإسناده عن عبد الله بن جعفر، عن أيوب بن نوح قال: كتب إليه بعض أصحابه: كانت لي امرأة ولي منها ولد وخليت سبيلها فكتب عليه السلام: المرأة أحق بالولد إلى أن يبلغ سبع سنين إلا أن تشاء المرأة. أقول: حمله جماعة من الأصحاب على الأنثى لما تقدم. [1]

من حيث السند: الرواية مقبولة ، بل معتبرة ولا يضر فيها الاضمار ولا كونها المكاتبة.

من حيث الدلالة: الرواية واضحة انها بعد الطلاق هو أمر مصرح به فيها حيث قال: " خليت سبيلها ". وفي رواية داوود بن الحصين ليس هناك تصريح يكون موضوع الرواية هو المطلقة وما بعد الطلاق، واحتمال كون الرواية ناظرة لحال الزوجة قوى جدا. وكلمة " ولد " مطلقة مفهوما تشمل الذكر والانثى، بل ازيد من ذلك في العراق او الخليج حاليا عند قول الولد يعنى الذكر، ويروى عن الشيخ الانصاري (ره) انه التقى بشيخ العراقين وسأله كيف تفتي بالوصية في الارث ان تكون التركة للذكور دون الاناث؟!. شيخ العراقين كان فقيها ولم يكن اصوليا، فارسل إلى شخص وسأله" كم ولد لديك؟ اجاب بخمسة. قال له الشيخ أن اولادك كما أعلم ثمانية، خمسة ذكور وثلاثة إناث؟!. أجاب الشخص شيخنا انت سألت كم ولد لديك؟ الولد ينصرف إلى الذكور. هذا حاليا. وهل يمكن إذا شككنا في زمن الائمة (ع) أن مدلول لفظ الولد ينصرف إلى الذكور؟ نفس الشيء؟ قد يقال لا، إلا بأصالة عدم النقل حيث قلنا انه ليس هناك دليل على استصحاب القهقرى. ويمكن ان يقال بأصالة عدم النقل ان استعمال لفظ الولد ينصرف إلى خصوص الذكر في زمن ما سابق على ما نحن فيه.

والنتيجة: هذه الرواية تدل على ان المرأة احق بالولد سبع سنين مطلقا سواء كان ذكرا أم أنثى.

ح 7- محمد بن إدريس في ( آخر السرائر ) نقلا من كتاب مسائل الرجال ومكاتباتهم مولانا أبا الحسن علي بن محمد عليهما السلام رواية الجوهري والحميري، عن أيوب بن نوح قال: كتبت إليه مع بشر بن بشار: جعلت فداك رجل تزوج امرأة فولدت منه ثم فارقها متى يجب له أن يأخذ ولده؟ فكتب: إذا صار له سبع سنين فان أخذه فله، وإن تركه فله. [2]

من حيث السند: محمد بن ادريس نقل من كتابين وقل ما يكون ذلك. وباقي الرواة ثقات، ولكن هنا مشكلة ان هذا الكتاب لم يسمعه محمد بن ادريس مباشرة ولم يذكر طريقه إلى الكتاب، لذا بعضهم قال ان هذه الرواية ساقطة عن الاعتبار. لكن اقول اولا: ان المسافة ليست كبيرة، ثانيا: ان هناك كتب تكون متداولة حتى لا يكاد يشك الباحث في صحتها،كما في كتاب الوسائل الذي هو بيننا شائع ومتداول، ألا ترى لو ان أحدا طلب منك بيان طريقك إلى كتاب وسائل الشيعة الذي بين أيدينا في أيامنا هذه، فماذا تجيب؟ وهذا لعلّه من هذا القبيل.

من حيث الدلالة: الرواية واضحة في احقية الحضانة للأب كحكم بالنسبة له. أما كلمة " يجب له أن يأخذ ولده " منهي بمعنى يحق له.

هنا الروايات متعارضة إذا قلنا ان رواية داوود بن الحصين لا تتعارض موضوعا مع الروايات الصحيحة الاخيرة السادسة والسابعة اصبحت هذه الروايات بلا معارض، لان روايات السنتين موضوعها الرضاع، وظاهرها هكذا، وحملها على مطلق الحضانة يحتاج إلى تكلف. في احسن الاحوال يوجد احتمال ان الاحقية تشمل مطلق الحضانة، والقدر المتيقن هو الرضاع بلا شك، وهل تشمل الحضانة او لا ؟ الاحتمال وارد، ولكن ليس أكثر من احتمال.

قلنا ان رواية داوود بن الحصين انا لم افهمها جيدا والاحتمال ان تكون في حال الزوجية، يكون الولد بينهما بالسوية.

معالجة التعارض بين الروايات: فإذن الروايات المعتبرة خارجة موضوعا إما مثل روايات الرضاع او احتمال الخروج الموضوعي عن مسألة الحضانة، فتبقى هاتان الروايتان اللتان اعتبرهما بلا معارض. بهذا يرتفع التعارض بين الروايات.

بخلاف السيد الخوئي (ره) لا يعتبرهما ويقول روايات السبة غير تامة فتكون الحضانة للأم سنتين. ومع ملاحظة ان الحضانة للأب اساسا لان الولاية له، تم الدليل على ان الحضانة للاب استثني منها الحضانة في السنتين الاولين فتبقى الحضانة بعد السنتين الأب بسبب الولاية. هكذا اتصور دليله (ره).

لكن نقول بعد اعتبار هاتين الروايتين تصبح الحضانة للسنين السبعة بلا معارض ولا منازع ولا تصل المرحلة إلى الجمع التبرعي بالتفصيل في حضانة الأم بين الذكر للسنتين والانثى لسبع سنين، ولا تصل المرحلة إلى التعارض فنرى ايهما اشهر، إلى مرجحات باب التعارض.

فتكون النتيجة: ان الروايتين معتبرتان لا يقابلهما روايات اخرى، فلذلك نصل إلى نتيجة ان الحضانة للصبي والبنت هي للأم إلى سبع سنين، واستحبابا إلى ما بعدها ما لم تتزوج بسبب الرواية المرسلة عن المنقري عن من ذكره قال: للأم ما لم تتزوج، لذلك من هذه الرواية المرسلة الضعيفة قلنا الاحوط الاولى لما بعد السبع سنوات للأم، اما الرجل له بعد السبع سنوات ان يأخذه. وما بعد السبع سنوات إلى البلوغ مع الرجل، وبعد البلوغ يختار، سواء في ذلك الذكر والانثى.

وايضا من الناحية الانسانية بدون الروايات ونأتي للحكمة، انا ارى ان هذا التقسيم فيه من الحكمة الكثير، وذلك كما ان للأم عاطفة ايضا للأب عاطفة، وكما ان الأم مؤثرة أيضا الأب مؤثر، وكما ان الطفل بحاجة إلى حنان الام كما في الروايات " فهي ارفق به "[3] ايضا بحاجة إلى شخصية الاب، فيحتاج الطفل إلى الاثنين معا، فلا نظلم الرجل بحرمانه الطفل ولا نظلم الطفل بحرمانه من شخصية الاب ومؤثرات الأب. فيكون التقسيم طبيعيا مناسبا للفطرة البشرية وتأثيراتها من الولادة إلى السبع سنوات الحضانة تحتاج إلى حنان كثير والأم اليق واقرب بذلك، وبعد السبع سنوات يصبح الولد قادرا على اعانة نفسه تختلف المسألة. وحينئذ نرى ان القرآن والشرع الاسلامي فيه من الحكمة الكثير الذي هم لم يهتدوا اليه وسنرى بأم العين ان اوروبا ستنهار من الخلل الاجتماعي القائم الآن، ولولا ما سمي بالربيع العربي كانت اوروبا الآن في حال انهيار كامل، وصارت ايطاليا واسبانيا مثل الكونغو والصومال والله العالم، لكن سبحان الله بهذا الربيع المفتعل هربت رؤوس الاموال اليهم، هم ينتعشون من جديد، ونذكر من سنتين كيف ان اليونان كانت على حافة الانهيار والافلاس وغيرها، لذلك هذه الامور الاجتماعية ليست سهلة، الله عز وجل يريد سبكا اجتماعيا جيدا يؤدي إلى تطور مجتمع.

غدا ان شاء الله نكمل احكام الحضانة.

 


BaharSound

www.baharsound.ir, www.wikifeqh.ir, lib.eshia.ir

logo